استخدام الفحم الحجري على البيئة والانسان
- حذرت دراسة علمية من مخاطر استخدام الفحم الحجري مصدرا للطاقة في المملكة ومصانع الإسمنت في الفحيص، بعد أن بدأت شركة مصانع الإسمنت الأردنية بالتحرك لاستيراد هذا النوع من الوقود الذي يصفه أنصار البيئة في الدول المتقدمة بالـحارق للبيئة....
هذه الدراسة التي تحمل عنوان الفحم الحجري وتأثيراته على البيئة رفعها النائب حازم الناصر إلى رئيس الوزراء نادر الذهبي، وحصلت الرأي على نسخة منه.
وطالب فيها بمنع الشركة من استخدام هذا النوع من الطاقة الضارة بالصحة والبيئة التي قالت الدراسة أنه عفا عليه الزمن.
وحض الناصر على اتخاذ جميع الإجراءات تلزم الشركة بالمحافظة على البيئة النظيفة والابتعاد عن كل ما يضر بالبيئة رغم الانعكاسات الاقتصادية التي تحققها الشركة جراء استخدامها بدائل طاقة تراجع استخدامها مئات المرات في دول العالم اجمع.
وكانت الشركة حاولت قبل أربعة أعوام استصدار قرار يسمح لها باستخدام الفحم البترولي واستنادا إلى موافقة إدارية من المؤسسة العامة لحماية البيئة حينها، لم ترتكز على دراسة علمية واكتفت بدراسة نظرية نفذتها الجمعية العلمية الملكية، وبعدها أجرت شركة كندية دراسة أقرتها وزارة البيئة الحالية أن استخدام هذا النوع من الوقود غير مقبول من الناحية البيئية والصحية، كما رفضت حينها مفوضية العقبة الاقتصادية الخاصة بمروره عبر موانئها.
وطالب الناصر وزارة البيئة بالعودة إلى ملفاتها في أرشيف عام 2003 لتطلع على إجابات شركة الاسمنت عندما نوقشت دراسة الأثر البيئي فستجد ملاحظات وزارة الأشغال وسلطة المصادر الطبيعية التي تؤكد على عدم وجود أي خطط طوارئ لمعالجة ومحاصرة حالات الانسكاب أو الانفجار أو الحريق التي قد تنجم عن نقله، واكتفت بحينها الشركة والجمعية العلمية الملكية بإعطاء إجابات عامة دون إعطاء أي تفاصيل.
وتبين الدراسة بعض الثوابت والحقائق العلمية حول الفحم الحجري ومدى تأثيره على البيئة والإنسان فهو مسئول عن أمراض السرطان خصوصا الرئتين ولوكيميا الدم وعن عطب جهاز المناعة وجميع أمراض الجهاز التنفسي وتشوه الأجنة وأمراض الجهاز العصبي المستدامة.
وعرضت الدراسة التي أعدها الدكتور حازم النمري تاريخ استخدام هذا النوع من الوقود الذي استغنت عنه دول أوروبا، كما اتخذت إجراءات لمنع نقله عبر حدودها وموانئها لخطورته، وللتبعات الاقتصادية السلبية نتيجة إغلاق المناجم فقد سمحت بتصديره إلى دول أخرى (نامية) التي أيضا منعت معظمها استيراده.
وعرضت الدراسة التي ارتكزت على خلاصة دراسة بحثية أجراها فريق متخصص من أكاديمية العلوم الاوكرانية التي أكدت ضرورة تحويل القطاع الصناعي إلى الغاز الطبيعي بديلا للوقود السائل الثقيل والفحم الحجري.
وجاء في الدراسة أن معاهدة كيوتو وصفت الفحم الحجري بالمصدر الأكبر لغاز أكسيد الكربون الخطر على سلامة كوكب الأرض برمته، وأوصت بتشريع قانون يلزم الدول الموقعة على المعاهدة أن يكون عام 2009 هو نهاية استخدامه بالصناعة وقطاع توليد الطاقة على أن يستبدل بمصادر طاقة رفيقة بالبيئة.
وألزمت المعاهدة الدول الموقعة من بينها الأردن، بوقف استخدام هذا الوقود بحلول العام المقبل، وذلك التزاما بضبط انبعاثات الكربون وتفرض على الموقعين البحث عن مصادر طاقة بديلة، وبدأ الأردن فعلا باستبدال الزيت الثقيل بالغاز.
وأشارت الدراسة أن لافارج الفرنسية مالكة شركة الاسمنت الأردنية بحثت عن مصادر بديلة للوقود حفاظا على ربحيتها التي تتراوح بين سبعين وتسعين مليون دينار سنويا بحجة الحفاظ على أسعار الاسمنت بالمستوى المقبول.
وتعتبر الدراسة أن الفحم الحجري مادة بالغة الخطورة مقارنة بالفحم البترولي الذي أثبتت الدراسات آثاره على الإنسان، والتي منعت الحكومة استخدامه في مصانع الاسمنت في الفحيص البيئة عام 2003.
وأوردت الدراسة مدى ضرر الفحم الحجري من بداية المصدر وخطورة نقله وعملية والانبعاثات الناجمة سواء عن طحنه أو تخزينه وحتى تسخينه قبيل استخدامه، مطالبة بضرورة إجراء دراسة أثر بيئي تكون مرجعية أخلاقية بالدرجة الأولى وقانونية بسبب تجاهل الشركة لخطة وإجراءات تحسين الوضع البيئي في ظل ما وصفته الدراسة بتعامي وزارة البيئة عنها.
وبينت الدراسة أن نقل الفحم بواسطة شاحنات مغطاة يصدر غازات نشطة كون المادة الأولية له مادة كيميائية نشطة باستمرار ولا ينتهي نشاطها حتى بعد حرقها كما لا تستقر مكوناته كيميائيا ويتزاحم على درجة خطورتها العالية سموم مثل الزئبق والزرنيخ والرصاص والكبريت والكاديوم والسيزوم والكربون والنحاس وغيرها من المواد السامة.
ويتسبب الزئبق بأمراض الجهاز التنفسي والرئتين عند استنشاقه حتى لو لفترات قصيرة ومتقطعة كما يسبب اضطرابات مستديمة بمراكز الجهاز العصبي، وكذلك اضطرابات وحساسية بالمسالك التنفسية والبولية، وتشوهات الأجنة، كما انه سبب رئيسي في الفشل الكلوي.
كما يتسبب الزرنيخ في العقم لدى الرجال ونقصان الخصوبة لدى النساء وتلف المثانة والأمعاء ويعطب العقد العصبية في الجهاز العصبي وسرطان الكبد والرئتين والبروستات.
وأكدت الدراسة أجهزة قياس الغبار لدينا أنها لا تستطيع التقاط دقائق غبار الفحم التي تعبر الأغشية الأنف لدى الإنسان لتستقر على جدار الرئة ومسامات التربة وأسطح المنازل، رغم أن وجود المواصفات الأردنية لمراقبة نوعية الهواء لرصد انبعاثات الغبار دقيق الحجم.
واعتبرت أن عملية طحن الفحم من أكثر العمليات خطورة على البيئة والإنسان كونها من أكثر المراحل حساسية نظرا لتأثيره الكبير على العاملين، ويعود هذا الخطر إلى عدم إمكانية أجرائه في أوساط أو ساحات مغلقة نظرا لارتفاع الحرارة ولتصاعد الغازات سريعة الانفجار والاحتراق.
واعتبرت الدراسة أن حفظه بمثابة تخزين متفجرات وقنابل موقوتة وحتى إذا تم ذلك في بمواصفات علمية دقيقة لأنه يخفض درجة الخطورة فقط ولا يزيلها، ولذلك فان تخزينه عملية معقدة ومكلفة لذا فان توريده من المطحنة مباشرة إلى أفران الاحتراق أمر ضروري ولكن غير قابل للتنفيذ بسبب الناحية العملية، لذا فان تخزينه يسقط الجدوى الاقتصادية من استخدامه.
وتشير الدراسة أن الغازات المتصاعدة عنه تصعب السيطرة على مخرجاتها وأبخرتها المتصاعدة من فوهات الأفران كونها تجري تحت درجات عالية جدا، لأن لها تأثيرات بالغة الخطورة على صحة الإنسان بالدرجة الأولى وعلى البيئة بجميع جوانبها منها الأحياء البرية والمنزلية والممتلكات والمنشآت المجاورة بسبب طبيعة الحرارة والغازات المتصاعدة منه.
وبينت الدراسة أن الغبار المتطاير الناجم عن الفحم سواء أثناء نقله إلى المصنع بالناقلات التي تنفث غباره على الطرق وتخزينه بالمستودعات ستستقر على أسطح المنازل وأجسام البشر وعند سقوط الأمطار ستتسرب إلى المياه السطحية والجوفية ما يجعلها غير صالحة للاستخدام.
وركزت الدراسة على أن السعي وراء الربحية العالية ليس مبررا لاستخدام الفحم الحجري الذي سيعيدنا مئة عام للخلف بيئيا، كما أن استخدام أي وقود مستجد لا ينضوي تحت الصناعات البترولية الأردنية وتنطبق عليه المواصفات الأردنية يجب أن لا يلقى بالموافقة كما حصل بعد إجراء دراسة اثر بيئي للفحم البترولي الذي منع قبل أربع سنوات.
وطالبت الدراسة مصنع الاسمنت بإجراء دراسة اثر بيئي تقرر أحقيته بالوجود في المنطقة ، وتوقعت حتمية إغلاقه كونه أصبح محطة تجميع مواد أولية وتصنيعها، وهذا أمر لا تجيزه القوانين والأعراف البيئية التي تفرض على هذه الصناعات بالابتعاد إلى مناطق تتوفر فيها المواد الأولية الأساسية.
ومن جهته وافق مفوض البيئة لدى مفوضية العقبة الاقتصادية الخاصة الدكتور بلال البشير على ضرورة أن تتخذ الحكومة قرارا جادا يمنع استخدام أنواع الوقود البديل التي ينجم عنها تدمير للبيئة.
وقال أن المفوضية رفضت في وقت سابق استيراد الفحم البترولي عبر موانئها بعد دراسة ميدانية أجرتها، وتبين أنها ضارة بالبيئة، مشيرا إلى أن مدينة العقبة أصبحت أكثر نظافة بيئيا بعد استخدامها للغاز الطبيعي عوضا عن الوقود الثقيل الذي تصدر عنه انبعاثات ضارة، لذا ففي حال تقدمت الشركة بمثل هذا الطلب لن يلقى ترحيبا.
وأوضح أن الخصخصة الاقتصادية واستخدام التكنولوجيا الحديثة يعني رفع كفاءة الأداء والتأثير الايجابي على المجال البيئي الذي أصبح من ابرز اهتمامات الدول بعد قضية الانحباس الحراري التي أصبحت تؤرق العالم.
