نحو وحدة أوروبية
تكتلت دول أوروبا الغربية في سني ما بعد الحرب في شكل منظمات لتعمل معًا لحل مشكلاتها. تكون المجلس الأوروبي عام 1949م وكان الهدف منه ترابط الدول الأعضاء ثقافيًا واجتماعيًا واقتصاديًا. وأنشئت المجموعة الأوروبية للفحم الحجري والفولاذ (ecsc) عام 1951م وكان الهدف من إنشائها تطوير صناعة الفحم الحجري والحديد والفولاذ في بلجيكا وفرنسا وإيطاليا ولوكسمبرج وهولندا وألمانيا الغربية.
كون الأعضاء الستة للمجموعة الأوروبية للفحم الحجري والفولاذ عام 1957م الجماعة الاقتصادية الأوروبية (المجموعة الأوروبية)، وكان الهدف من هذا التنظيم إزالة الحواجز والقيود التي كانت تعوق حرية حركة السلع والعمالة ورأس المال والخدمات بين الدول الأعضاء. وفي العام نفسه (1957م) اتفقت تلك الدول الست على تكوين جماعة الطاقة الذرية الأوروبية (أوراتوم) للعمل معًا على تطوير الطاقة النووية للأغراض السلمية. وفي عام 1958م بدأت المجموعة الأوروبية للفحم الحجري والفولاذ وجماعة الطاقة الذرية العمل بالفعل. أصبحت الدول الست الأعضاء تُعرف بالمجموعة الأوروبية، وأصبحت المجموعة الأوروبية للفحم الحجري والفولاذ والجماعة الاقتصادية الأوروبية مجتمعتين تعرفان بالسوق الأوروبية المشتركة. وفي عام 1967م تم دمج الوحدات التنفيذية للمجموعة الأوروبية للفحم الحجري والفولاذ والجماعة الاقتصادية الأوروبية لتشكيل نظام إداري موحد. وفي عام 1973م انضمت إلى المجموعة الأوروبية كل من بريطانيا والدنمارك وأيرلندا. وانضمت اليونان للمجموعة عام 1981م، والبرتغال وإسبانيا عام 1986م. ولقد شهدت المجموعة الأوروبية توسعًا أكبر عام 1990م عندما تم توحيد شطري ألمانيا في دولة واحدة سميت بألمانيا.
تكونت في الخمسينيات والستينيات من القرن العشرين منظمات أخرى لدول أوروبا الغربية مثل اتحاد التجارة الحرة الأوروبي ومنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية. ولقد أُنشئت هاتان المنظمتان بهدف دفع النشاط الاقتصادي، وأنشئت منظمة أبحاث الفضاء الأوروبية (الآن وكالة الفضاء الأوروبية) بهدف إنشاء برامج أبحاث فضائية مستقلة تخص دول أوروبا الغربية.
أصبح فيلي برانت عام 1969م مستشارًا لألمانيا الغربية، فبدأ بالعمل تجاه تحسين العلاقات بين أوروبا الشرقية والغربية. فلأول مرة ومنذ تقسيم ألمانيا اجتمع القادة في ألمانيا الشرقية وألمانيا الغربية، وكان ذلك عام 1970م. وفي العام نفسه وقعت ألمانيا الغربية وبريطانيا اتفاقيتي عدم اعتداء مع كل من الاتحاد السوفييتي سابقًا وبولندا.
جاءت إلى هلسنكي عاصمة فنلندا عام 1975م وفود من جميع الدول الأوروبية باستثناء ألبانيا وأندورا، ووفود من كندا وقبرص والولايات المتحدة لتلتقي في مؤتمر الأمن والتعاون في أوروبا، حيث تم التوقيع على اتفاقيات هلسنكي الأولى التي سميت بقانون هلسنكي الختامي. وبموجب هذه الاتفاقيات تعهد الموقعون عليها ببذل المزيد من التعاون في الشؤون الاقتصادية وحفظ السلام وتعزيز حقوق الإنسان. إلا أن هذه الاتفاقيات أصبحت فيما بعد سببًا للنزاع في أوروبا الشرقية. إذ اتهم بعض المواطنين في الاتحاد السوفييتي السابق والدول الشيوعية الأخرى حكوماتهم بالإخفاق في تطبيق حقوق الإنسان التي نصت عليها الاتفاقيات.
[عدل]التطورات الحديثة
شرعت حكومات وشعوب كثير من الدول الأوروبية في القيام ببعض الإصلاحات منذ عام 1980م. فمنذ عام 1985م بدأ ميخائيل جورباتشوف تطوير سياسات الجلاسنوست أي سياسة المكاشفة وسياسة البروسترويكا أي الإصلاح الاقتصادي.
كان من نتائج هذه الإصلاحات في الاتحاد السوفييتي السابق في أواخر عام 1980م، قيام سلسلة من الحركات الإصلاحية عبر أوروبا الشرقية. فقد قامت أعداد كبيرة من الجماهير في بولندا والمجر وتشيكوسلوفاكيا (سابقا) وألبانيا ورومانيا وبلغاريا، بتظاهرات تطالب بالمزيد من الحريات، لإنهاء الحكم الشيوعي. وفي عامي 1989 و1990م جرت انتخابات حرة في تلك الدول دخلتها عدة أحزاب، وكانت النتيجة أن استولت الأحزاب غير الشيوعية على الحكم، فرفعت تلك الحكومات القيود على الحريات المدنية، مثل حرية التعبير وحرية العقيدة وحرية الصحافة. كما بدأت أيضًا بتنفيذ برنامج لإدخال نظام العمل الحر في اقتصاديات دولها التي كانت تديرها تلك الحكومات. وفي عام 1990م، تم توحيد الألمانيتين الشرقية والغربية في دولة واحدة غير شيوعية.
انتهى نظام الحكم الشيوعي عام 1991م في أعقاب فشل المحاولة الانقلابية التي قام بها نفر من الشيوعيين المحافظين لإسقاط ميخائيل جورباتشوف، وجمد البرلمان السوفييتي جميع نشاطات الحزب الشيوعي بعد المحاولة الفاشلة. كما اعترف البرلمان أيضًا باستقلال جمهوريات إستونيا ولاتفيا ولتوانيا التي استولى عليها الاتحاد السوفييتي سابقا في عام 1940م. ثم أعلنت 12 جمهورية سوفييتية أخرى استقلالها. وفي 25 ديسمبر 1991م استقال جورباتشوف من منصبه وانهار الاتحاد السوفييتي رسميًا. وشهدت ألبانيا عام 1992م وصول حكام غير شيوعيين إلى سدة الحكم. وبين عامي 1991 و1992م، أعلنت أربع من جمهوريات يوغوسلافيا استقلالها وأدارت ظهرها للنظام الشيوعي، هذه الدول هي: البوسنة والهرسك وكرواتيا ومقدونيا وسلوفينيا، أما صربيا والجبل الأسود فقد شكلتا يوغوسلافيا صغرى جديدة. حارب الصرب في البوسنة والهرسك وكرواتيا حكومتي هاتين البلدين للاستيلاء على الأراضي التي يسكنها صربيون. تدخلت الأمم المتحدة والدول الكبرى ووضعت حدًا للنزاع بنهاية عام 1995م.
وفي عام 1998، هاجمت القوات الصربية إقليم كوسوفو الذي يطالب بالاستقلال. وفي مارس 1999م، قصفت قوات حلف شمال الأطلسي (الناتو) أهدافًا عسكرية في صربيا لإجبار حكومتها على قبول اتفاق سلام مع شعب كوسوفو. وفي يونيو سحبت صربيا قواتها من كوسوفو، وتوقف قصف حلف الناتو وأرسل قوة دولية لحفظ السلام في الإقليم.
وفي نهاية التسعينيات، أُنشأ الاتحاد الاقتصادي والنقدي الأوروبي من قبل 11 دولة أوروبية واتخذ من اليورو عملة مشتركة للدول الأعضاء. وتم تداول اليورو رسميًا بدءًا من عام 2002م.