mousstafa boufim مشرف سابق
الدولة : الجنس : عدد المساهمات : 1663 نقاط : 9492 تاريخ التسجيل : 05/03/2011 الموقع : تمسية
| موضوع: هل الخمر محرم؟ الأحد 18 ديسمبر - 16:08:59 | |
| هل الخمر محرم؟ جاء في النص القرآني يقول ( ..ومن ثمرات النخيل والأعناب تتخذون منه سكراً ورزقاً حسناً إن في ذلك لآيات لقوم يعقلون).
يقول ابن كثير :
"إن الله عندما ذكر ما يتخذه الناس من الاشربة من ثمرات النخيل والأعناب وما كانوا يصنعون من النبيذ المسكر قبل تحريمه دل على إباحته شرعا قبل تحريمه شرعاً !!!!! "
وهذا دليل على سبب التحريم إنما كان بسبب الطريقة الهمجية التي كانوا يشربون بها العرب في ذلك الوقت، فالأصل هو الإباحة كما في قاعدة " الأصل في الأشياء الإباحة" ولكن متطلبات الواقع تتغير مع تغير الزمان والمكان.
وجاء النص الثاني ليقول عن الخمرة بأن فيها منافع للناس ولكن إثمها أكبر ، ومن المعلوم ما للخمرة من فوائد في التهضيم حتى أن عمر بن الخطاب عندما سئل عن نبيذ التمر ( الواين الأحمر) كان يقول " يقطع هذا اللحم في بطوننا" .
ولكن المسلمين استمروا في شرب الخمر كما جرت عادتهم، حتى نزلت آية النهي عن الصلاة تحت تأثير المسكر.
وكان لنزولها سبب أن عبدالرحمن بن عوف صنع طعاما وشرابا ودعى نفرا من الصحابة وشربوا حتى أدركتهم صلاة المغرب فقام فصلى بهم وصار يخلط في آيات سورة قل ياأيها الكافرون..... فنزلت هذا النص.
وهنا لا بد من الإشارة أن الصلاة كانت صحيحة قبل نزول هذه الآية مما يعني أن صلاة الشخص الذي لم يصل إلى حد الثمالة صحيحة لأن سبب النهي كان للتخبط وعدم إدراك ما يقوله الفرد المصلي.
ولم يزل المسلمين مستمرين في شرب الخمرة رغم النهي عنها ، وهذا يدل على أن باب من أولى ترك- وقاعدة " سد الذرائع " لم تظهر إلا في العصور المتأخرة وأصبحت مقدسة .
ومن منا لا يعرف قصة حمزة مع الرسول ص وعلى بن أبي طالب- المذكورة في البخاري- وتطاوله على الرسول وذبحه لناقة علي بن أبي طالب.
وجاء النص بعد ذلك بالاجتناب عن الخمرة وذكر الأسباب في نفس الآية التي من أجلها تجتنب الخمرة.
وهي كما جاءت " إنما يريد الشيطان أن يوقع بينكم العداوة والبغضاء في الخمر والميسر ويصدكم عن ذكر الله وعن الصلاة فهل أنتم منتهون"
فهنا لو افترضنا جدلا بأن النص قد عبر عن التحريم، فهو ليس تحريما مطلق، وإنما مخصص، والمعروف أن هناك مدرستين في التفسير:
من تأخذ بسبب النزول ، فهنا نقول أن تفسير نزول كل آية جاء لسبب كان ذلك المجتمع الغير متمدن يمارس هذه العادة بشكل مفرط ، وبدون ضوابط أو قوانين كما في المجتمعات المتحضرة حالياً ، وكذلك الطريقة التي يتعامل بها الأفراد بين بعضهم في طريقة همجية يعبر عنها بقوة السيف والبقاء للقوي كمجتمع الغاب، فليس أولى تحريم الخمر إذا حفظاً للحقوق والأرواح؟ وقصة حمزة دليل على ذلك.
والمدرسة الأخرى هي مدرسة عموم اللفظ ، وهنا نحيل هذه المدرسة للنصوص السابقة التي جاءت تذكر نعمة وجود الخمر وتحث على شكر الله لأنه منحنا هذا المشروب، فالنص يعتبر قاعدة عامة وذلك لعموم اللفظ وكيف نجمع حيال هذه النصوص وغيرها من النصوص الأخرى إذا لم نأخذ بسبب النزول.
قد يأتي من يقول هناك الناسخ والمنسوخ، فالنسخ موضوع لم يتفق عليه أهله واختلفوا حوله وتضاربوا.
والنسخ لا يخرج عن نوعين إما أن يقولون بنسخ النص حكما وتلاوة، وهذا يعني أن هناك آيات من القرآن لم تصلنا ولم نطلع عليها لأنها قد نسخت حكما وتلاوة ولم تظهر في القرآن – مثل سورتي الخلع والحفد، وآية الرجم، ورضاع الكبير!!! وسأتحدث عن هذا الموضوع بشكل منفصل لاحقا.
الخلاصة:ثاني من النسخ فهو نسخ الحكم دون نسخ الآية، فهنا كيف نجمع بين آيات تقول ( هذا كتابنا ينطق عليكم بالحق) وغيرها كثير، ولقد قال بعض أهل العلم: لا ينبغي إبطال كلام الله.
الخلاصة :
لو أخذنا بالقول الأخير على اعتبار أنه أشدهم قولاً، فإننا نفهم من أن النسخ يدور حول تأجيل الحكم ورفعه مؤقتاً وذلك بسبب الظروف المحيطة به، كالخمر مثلاً والميراث، وتعدد الزوجات...الخ
ومعارضة النص ليست جريمة فلقد أخذ بها عمر بن الخطاب وتبعه عثمان تبعاً للمصلحة وتغير الزمان والمكان، وهذا لا يخالف شمولية قواعد الإسلام لأنها جاءت لتوافق الوضع الاجتماعي السائد في ذلك العصر ونحن نستطيع أن نتغلب على هذا من خلال تأويل النص ليتماشي مع الواقع.
الهدف من طرح الموضوع هو محاولة فهم كيفية معالجة القضايا من خلال النص المشرع ، فإذا كان المجتمع مجتمع متمدن يحترم القوانين والفرد يملك الوعي الكافي لأن يقف عند الإشارة الحمراء في منتصف الليل دون أن يفكر بوجود شخص يراقبه فهنا نكون مجتمع متمدن نستطيع أن نمارس حياتنا ونستمتع بالنعم الموجودة فيها دون أن ينغص علينا العقل الباطن بالترسبات الموجودة فيه والتي تحرم كل شيء ابتداء بالموسيقى ،،،،،
وكذلك من المهم أن ندرك أن الإدمان على شرب الكحول هي مشكلة حتى لدى الشعوب السابقة البدائية ولدى الشعوب المتمدنة ولا يعني هذا خطأ في القوانين المفروضة وإنما هو خطأ شخصي يتحمله الشخص بملء إرادته وعليه أن يصلح ما ارتكبه من أخطاء.
|
|