:تاريخ المغرب
|
| |
المناطق التاريخية (EN) للمغرب (يمين). اتفاقية تحدد قيمة الغرامات الخاصة بالاعتداء على الماشية في آيت مزال الواقعة في آيت باها سنة 1916 (يسار).
|
من الناحية التشريعية، رغم أن نظام البيعة يتضمن عادة تطبيق قوانين دينية
(en) إلا أنه كان يتم في الواقع الاتفاق على قوانين وضعية تنظم العلاقات الاجتماعية والاقتصادية والقضائية والأمنية في المناطق التي تمتعت بقدر كبير من الحكم الذاتي،
[62][63] هذه الاتفاقيات يتم تدوينها في المدارس وتختلف نسبيًا من منطقة مغربية لأخرى،
[64] هذا التنظيم لعب دورا هاما في ضبط التوازنات العامة من داخل المجتمع، خصوصا أثناء ضعف السلطة المركزية أو انعدامها في حال حدوث نزاع حول السلطة.
[65]من الناحية المؤسساتية، كتب الجنرال هوبير ليوطي الذي شغل منصب المقيم العام الفرنسي منذ 1912 حتى 1925: «لقد
وجدنا أنفسنا في المغرب أمام إمبراطورية عريقة تاريخيا ومستقلة، متمسكة
إلى أقصى حد باستقلالها وشرسة في مواجهة أي محاولة لإخضاعها، وهي تظهر حتى
هذه السنوات الأخيرة كدولة قائمة الذات بترتيبها الإداري الوظيفي وممثليها
في الخارج».
[66]وقد أكد المؤرخ البريطاني من أصل لبناني ألبرت حوراني (1915-1993) والذي قضى سنوات طويلة أستاذا في جامعة أوكسفورد وجود مؤسسات تنفيذية وقضائية متقدمة إلى حد ما، وقد ورد في فصل من كتابه
تاريخ الشعوب العربية: «في أقصى غرب المغرب العربي وفيما وراء حدود الإمبراطورية [العثمانية] تقع دولة من نوع مختلف تماما توجد منذ زمن طويل: إنها الإمبراطورية المغربية»،
مضيفا أن هذه الدولة تتوفر على جميع مقومات الدولة الحديثة: المحاكم
والوزارات والجيش، حتى وإن كانت قد عرفت فترات من الفوضى وسوء التنظيم.
[66][عدل] المجالات العسكرية مقالات تفصيلية :تاريخ المغرب و تاريخ المغرب العسكري
معركة وادي المخازن عام 1578 بين الدولة المغربية في يمين الصورة والإمبراطورية البرتغالية في يسار الصورة.
[67]كانت ترتكز السياسة المغربية خلال القرنين السادس عشر والسابع عشر على خلق نوع من التوازن الدولي لكي يحافظ المغرب على استقلاله بعيدا عن الأطماع الأجنبية.
[68]بدأت أولى الاتصالات مع الدولة العثمانية في القرن السادس عشر، حيث أصبح العثمانيون أقوياء جدا بعد سقوط تلمسان (1517)
(en) وسقوط الجزائر (1516)
(en) ثم الاستيلاء عليها مرة أخرى بصفة نهائية في سنة 1529
(EN)، مقتربين تدريجيا من مناطق نفوذ الدولة المغربية. بعد سقوط تلمسان سنة 1517، قام سلطان تلمسان
[69] بالهروب إلى فاس في المغرب لطلب اللجوء.
[70] وقد كان العثمانيون يقاتلون في شمال أفريقيا بصفتهم أعداء إسبانيا الكاثوليكية وفي نفس الوقت كانت سلالة السعديين قد أحرزت انتصارات هامة على البرتغاليين الذين اضطروا إلى الانسحاب من الجنوب المغربي، خاصة في أكادير سنة 1514، لتنجح سلالة السعديون فيما بعد بالإطاحة بسلالة الوطاسيين شمال المغرب وإعادة توحيد المغرب تحت سلطة واحدة.
[71]وقد كان السعديون يعتبرون العثمانيين أدنى مرتبة: من الناحية الدينية، السعديون كانوا يُعتبرون من سلالة الرسول، كونهم أشراف، وكان العثمانيون مجرد معتنقين جدد للدين الإسلامي بالمقارنة.
[71]سفير من السلطان مولاي محمد الشريف
[72] إلى مملكة إنجلترا سنة 1637، خلال التحالف الأنجلو مغربي.
قام السلطان محمد الشيخ بحشد 30,000 رجل، بقيادة ابنه محمد الحران، وقام بغزو مدينة تلمسان سنة 1551،
[71] واصلت الجيوش المغربية تقدمها إلى قلعة العثمانيين مستغانم المحصنة، لكنهم فشلوا في الاستيلاء على المدينة.
[71] بهذه المناسبة، قام أمير "بانو"، والذي كان يحارب العثمانيين لمدة 30 سنة، بالوقوف معهم ضد السعديين وقام بتزويدهم بالكتائب.
[71] نجح العثمانيون في صد الهجوم السعدي بقوة مؤلفة من الكتائب القبلية والإنكشارية العثمانية بقيادة حسن كوسرو،
[71] قام العثمانيون فيما بعد باسترداد مدينة تلمسان من المغاربة ووضعوا حاكما عثمانيا على المحمية.
[71]سنة 1552 حاول السلطان سليمان القانوني التقرب دبلوماسيا من السعديين، وألقى اللائمة على حسن باشا
(EN) في حدوث النزاع، وقام بإزالته من حكم إيالة الجزائر،
[71] واستبداله بصالح ريس
(en) الذي قام بمحاولة لاحتلال مدينة فاس سنة 1554 انتهت بثورة أهلية
[73] والتي جاءت كنتيجة لتوتر العلاقات وانعدام الثقة، حيث يظهر ذلك في طبيعة المراسلات بين الطرفين: «سلم على أمير القوارب سلطانك [سلطان الدولة العثمانية] وقل له أن سلطان الغرب [سلطان المغرب] لابد أن ينازعك على محمل مصر ويكون قتاله معك عليه إن شاء الله ويأتيك إلى مصر والسلام».
[74]محمد بن حادو
(en) يرتدي لباس الفروسية المغربية سنة 1682.
قام القائد العثماني حسن باشا
(EN) بتدبير محاولة اغتيال ناجحة للسلطان محمد الشيخ -والذي قام بإنشاء حلف مع إسبانيا ضد العثمانيين- في أكتوبر 1557.
[75] ثم قام بمحاولة لغزو المغرب سنة 1558 انتهت بانتصار القوات المغربية في معركة وادي اللبن
(en) بقيادة السلطان عبد الله الغالب ورجوع الجيش العثماني إلى وهران، هذه الأحداث أدت إلى تماسك وطني في المغرب
[75][76] واحترام للاستقلال المغربي من طرف العثمانيين مما أدى إلى تحسن العلاقات.
قامت الدولة العثمانية بالتدخل في نزاع مغربي داخلي حول السلطة لتؤيد عسكريا عبد الملك الأول السعدي في الحصول على عرش المغرب ضد ابن أخيه ومنافسه محمد المتوكل
[77][78] فيما يعرف بالاستيلاء على فاس سنة 1576 والتي انتهت عن طريق التفاوض بانسحاب الكتائب العثمانية مقابل قدر كبير من الذهب،
[78] هذا الأخير قام باللجوء إلى الإمبراطورية البرتغالية مما أدى إلى نزاع مسلح بينها وبين الدولة المغربية انتهت بانتصار القوات المغربية في معركة وادي المخازن سنة 1578 وقيام إسبانيا باحتلال البرتغال.
[67] قام السلطان العثماني مراد الثالث ببعث رسالة إلى السلطان المغربي أحمد المنصور سنة 1580 يدعوه فيها إلى الهجوم على الدولتين:
معركة بحرية بين 2 سُفن ثنائية السارية
(en) مغربيتين وسفينة كورفت فرنسية أثناء قصف موغادور
(en) في أغسطس 1844.
|
فلما وصل بمسامعنا الشريفة ومشاعرنا الحقانية المنيفة خبر طاغية قشتالة وأنه احتوى على سلطنة برتغالي، أو كاد وأنه جعل أهلها في الأغلال والأصفاد، وأنه لكم جار وعدو مضرار حركتنا الحمية الإسلامية (...) لإظهار الألفة الأزلية أن تتخذ عهداً وتؤكد أن المملكتين محروستا الجوانب ونعلق العهد بالكعبة (...) فإذا تم هذا الشأن (...) نوجه لكم ثلاثمائة غرابا سلطانية وجيش عز ونصر وكماه عثمانية تستفتح بها إنشاء الله بلاد الأندلس... |
|
السلطان العثماني مراد الثالث إلى السلطان المغربي أحمد المنصور[79] |
إلا أنه في الواقع، قام السلطان مراد الثالث بإعطاء الأوامر لقائد الأسطول قلج علي يأمره بالتجهيز لحملة عسكرية ضد المغرب بهدف ضمه للدولة العثمانية سنة 1581، ردا على ذلك، قام أحمد المنصور بحشد الجنود على الحدود الشرقية واستعدت القوات المغربية لصد الهجوم العثماني كما قام باتفاقية عسكرية مع إسبانيا مما أدى بالسلطان العثماني إلى التراجع والقبول بالأمر الواقع.
[79] قام السلطان المغربي أحمد المنصور ببناء طوق دفاعي لحماية مدينة فاس من الهجمات وتأمين الحدود الشرقية بشكل نهائي سنة 1582.
[80]