المجالات الاقتصادية مقالات تفصيلية :تاريخ المغرب و تاريخ المغرب الاقتصادي
السلطان إسماعيل بن علي الشريف يستقبل فرانسوا بيدو
(EN) سفير لويس الرابع عشر ملك فرنسا سنة 1693.
[81]خلال القرن الثامن عشر أخذت المصالح الأوروبية تنمو يوماً بعد آخر في البحر الأبيض المتوسط،
وأصبحت تلك المصالح تحتم على الدول الأوروبية تأمين تجارتها في محاولة
للحد من حركة الجهاد البحري التي كانت تقوم بها الأساطيل المغربية في تلك
الفترة، ونتيجة لذلك أخذت الكثير من الدول الأوروبية في النصف الثاني من القرن الثامن عشر في عقد أو تجديد معاهداتها مع المغرب، ففي عهد السلطان محمد الثالث (فترة الحكم: 1757 حتى 1790) على سبيل المثال، عقدت حوالي سبع دول أوروبية معاهدات صداقة وتجارة مع المغرب اشتملت على تأمين تجارتها في البحر المتوسط
وإعطاء امتيازات لقناصلها وتجارها ومواطنيها، ومن خلال بنود تلك المعاهدات
يُلاحظ أن هناك تركيز على سلامة سفن الدول الأوروبية وتقديم الخدمات لها
في الموانئ المغربية وأن هناك تشابه بين بنود تلك المعاهدات.
[82]مقابل ذلك، كانت العديد من الدول الأوروبية تلتزم بدفع غرامات مالية له،
والسبب يعود إلى تنامي قوته العسكرية في تلك الفترة، وقد وصف المؤرخ
المغربي أبو عباس الناصري (1835-1897) علاقة المغرب مع الدول الأوروبية حيث قال في وصف السلطان محمد الثالث (في المنصب: 1757-1790):
|
وهابه ملوك الفرنج [ملوك أوروبا] وطواغيتهم، ووفدت عليه رسلهم بالهدايا والتحف، يطلبون مسالمته في البحر، بلغ ذلك رحمه الله بسياسته وعلو همته حتى عمت مسالمة أجناس النصارى (...) وكانوا يستجلبون مرضاته بالهدايا والألطاف وكل ما يقدرون عليه، (...) وكان أعظم طواغيتهم طاغية الإنجليز والفرنسيس [الفرنسيين]، فكانوا يأنفون أداء الضريبة علانية مثل غيرهم من الأجناس، فكان رحمه الله يستخرجها منهم وأكثر منها بوجه لطيف... |
|
أبو عباس الناصري—كتاب الاستقصا لأخبار دول المغرب الأقصى[83] |
معاهدة تجارية بين المغرب وفرنسا سنة 1767—في عهد محمد الثالث.
على الرغم من ذلك، فقد استطاعت كل من فرنسا وإنجلترا
أن تبرما معاهدات مع المغرب أعطتهم امتيازات أكثر مما أعطت الدول
الأوروبية الأخرى، وهذا يدل على أن هاتين الدولتين كانتا تتمتعان بقوة
عسكرية مكنتهما من الحصول على تلك الامتيازات.
[84]مع نهاية القرن الثامن عشر وبداية القرن التاسع عشر أخذت المصالح الأوروبية تزداد تدريجيا في البحر الأبيض المتوسط وبدأ الأوروبيون يخططون للقضاء على القرصنة البحرية في المنطقة المغاربية ومن بينها الأسطول المغربي، ولتحاشي الاصطدام مع الدول الأوروبية قرر السلطان مولاي سليمان (فترة الحكم: 1797 حتى 1822) الحد من نشاط القرصنة البحرية.
[85]تحصينات الميناء في الصويرة تم بناؤها من طرف المهندس أحمد النكليزي
(en) سنة 1770.
عملة مغربية تم صكها في الصويرة سنة 1775.
من الناحية الاجتماعية، عرفت العديد من المناطق -باستثناء المنطقة الشمالية- فترات متكررة من المجاعة والتي كانت تؤدي إلى الأوبئة وانعدام الاستقرار الاجتماعي،
[86][87] وقد حصل ذلك نتيجة تضافر عوامل طبيعة كالجفاف وزحف الجراد
(en)، وعوامل بشرية تمثلت في الصراعات السياسية حول العرش المغربي
[88] والطبيعة التقليدية للمجتمع حيث لم تتطور قوى الإنتاج بشكل يسمح بإيجاد فائض في الإنتاج وتكديسه لمواجهة سنوات الجفاف.
[88][89] ويقول المؤرخ الناصري في وصف ذلك «كانت
المجاعة الكبيرة بالمغرب وانحبس المطر ووقع القحط وكثر الهرج، ودام ذلك
قريبا من سبع سنين (...) أكل الناس فيها الميتة والخنزير والآدمي وفنى أكثرهم جوعا».
[90]غير أن المبادلات التجارية مع أوروبا سمحت بشراء المواد الغذائية من
الخارج مما كان يساعد أحيانا على التخفيف من حدة الأزمة، كما حدث عند
استيراد القمح بواسطة شركة إسبانية خلال "المجاعة الكبيرة" (1776-1782)
[91] أو عندما استورد المغرب الحبوب من جبل طارق سنة 1817.
[92]في مجالات التجارة الخارجية، كانت للمغرب بعض الخصائص التي ميزته عن باقي المنطقة المغاربية وأعطته الأولوية في التجارة مع أوروبا، فالمغرب من الناحية الجغرافية هو الأقرب لأوروبا حيث لا يفصل بينهما سوى مضيق جبل طارق الذي لا يتعدى عرضه في أضيق نقطة 15 كيلومتر،
[93] ومن الناحية السكانية فالمغرب يضم أقلية يهودية كانت تشكل حوالي 7% من عدد السكان خلال القرن التاسع عشر وكانت تعمل في التجارة ولها علاقة قوية مع التجار اليهود الأوروبيين مما أدى إلى ارتفاع التعاملات التجارية بين أوروبا والمغرب.
[94] كانت مدينة طنجة في بداية القرن العشرين مدينة متنوعة للغاية، إذ أنها أوت عام 1956 40,000 مسلم، 30,000 أوروبي، و 15,000 يهودي.
[95][عدل] المرحلة المعاصرة مقالات تفصيلية :تاريخ المغرب و معاهدة فاس و حماية فرنسا (المغرب) و حماية إسبانيا (المغرب) و حماية دولية (المغرب)
نشرة يونيفرسل نيوزريل
(en) الإخبارية حول تصاعد المظاهرات والأعمال المسلحة الرافضة للتواجد الأجنبي سنة 1955.
في بدايات القرن العشرين وبعد فشل الإصلاحات التي هدفت إلى تحديث الدولة
[61] والعديد من المشاكل الاقتصادية والأزمات الداخلية والخارجية
[96] بعثت فرنسا بجيشها إلى الدار البيضاء في غشت 1907، واضطر السلطان عبد الحفيظ لتوقيع معاهدة فاس سنة 1912، حيث فُرض على المغرب نوعٌ من الحماية جعلت أراضيه تحت سيطرة فرنسا وإسبانيا بحسب ما تقرر في مؤتمر الجزيرة الخضراء بتاريخ 7 أبريل من عام 1906؛ وقتها أصبح لإسبانيا مناطق نفوذ في شمال المغرب، أي في الريف، وجنوبه، أي في إفني وطرفاية،
[97] أما باقي المناطق بالمغرب فقد كانت تحت سيطرة فرنسا، وفي عام 1923 تم توقيع بروتوكول طنجة وأصبحت طنجة منطقة دولية
(en).
رغم احتفاظ المغرب برموز السيادة
[98] كالعملة والعلم الوطني، إلا أن المعاهدة سمحت لدول أوروبية بتدخل اقتصادي وسياسي غير مباشر، القوانين التي كانت تقترحها الأخيرة لم تكن تدخل حيز التنفيذ إلا بعد موافقة سلاطين المغرب الذي كان لهم الحق في رفضها.
[99] خدم الكثير من المغاربة في الجيش الفرنسي خلال الحرب العالمية الأولى والثانية، وفي الجيش الوطني الإسباني خلال الحرب الأهلية الإسبانية.
عبد الكريم الخطابي يستقبل الملك محمد الخامس في القاهرة سنة 1958.
[100]في 18 نوفمبر عام 1927، تربع الملك محمد الخامس على العرش وهو في الثامنة عشرة من عمره، أدى رفضه للتدخلات الأجنبية وتقدمِه بطلب إلغاء معاهدة فاس (تقديم وثيقة الاستقلال يوم 11 يناير 1944)، إلى توتر العلاقات مع الإقامة العامة الفرنسية التي قامت في 1953 بنفيِه مع العائلة الملكية خارج المغرب، إلى مدغشقر، الشيء الذي اعتبره البعض نقضًا للوفاق الذي أبرم في 27 نوفمبر 1912 بعد توقيع معاهدة فاس والذي يتعهد فيها البَلدان "بالتزام الاحترام إزاء الإمبراطورية الشريفية"،
[98] واندلع بالمغرب ما يعرف بثورة الملك والشعب. سمحت فرنسا لمحمد الخامس بالعودة إلى بلاده سنة 1955، وفي السنة التالية على رجوعه، بدأت المفاوضات بين المغرب وفرنسا التي أدت لاستقلال البلاد في نهاية المطاف.
استمرت الحماية 44 عامًا (1912-1956) تم خلالها تشييد العديد من المرافق الضرورية للدولة الحديثة،
[101] استعاد المغرب سيادته على المناطق الخاضعة للحكم الإسباني من خلال اتفاقيات مع إسبانيا ما بين عاميّ 1956 و1958. أُعيدت مدينة طنجة التي تم تدويلها بعد توقيع بروتوكول طنجة إلى المغرب بتاريخ 29 أكتوبر من عام 1956. وقد جرت بضعة محاولات عسكرية لاسترداد الصحراء الإسبانية
(en) (حرب إفني مع إسبانيا وفرنسا سنة 1957) ولكنها لم تكن ناجحة بشكل كبير حيث تم استرجاع سيدي إفني مع بقاء الصحراء الغربية تحت السيطرة الإسبانية.
تربع الحسن الثاني على العرش كملك للمغرب في 3 مارس 1961، وفي ديسمبر 1962 تمت المصادقة بواسطة الاستفتاء على أول دستور يجعل من نظام الحكم في المغرب نظاما ملكيّا دستوريّا. وفي تلك الفترة عرف المغرب تغييرات حدودية متتالية حيث تم استرجاع كل من طرفاية وطانطان (1958)، سيدي إفني (1969)، ثم الصحراء الغربية (1975)
[102] بعد أن طالبت المملكة المغربية إسبانيا بالتخلي عن هذا الإقليم وإعادة دمجه بالمغرب إلا أن قضية هذا الأخير ما زالت دون حل حتى اليوم.