تتجلى أهمية البحث العلمي في الحياة الإنسانية، لكون البحث العلمي العامل الأساس في الارتقاء بمستوى الإنسان، فكرياً وثقافياً ومدنياً بحيث تتحق فيه أهلية الاستخلاف في الأرض، ذلك الاستخلاف الذي شَرف به كائن الإنسان ـ دون غيره من الكائنات ـ تشريفاً وتكريماً من قبل الخالق سبحانه وتعالى .
وبشكل تفصيلي، فإن البحث العلمي يفيد الإنسان في تصحيح أفكاره ومعتقداته نحو الخالق سبحانه، كما يفيد في تصحيح بعض المعلومات عن الكون الذي يعيش فيه وعن الظواهر التي يحياها وعن الأماكن والآثار والشخصيات وغيرها.. كما يفيد في التغلب على الصعوبات التي قد يواجهها الإنسان سواء كانت سياسية أو بيئية أو اقتصادية أو اجتماعية أو ثقافية وغير ذلك. ويفيد في التفسير النقدي للآراء والمذاهب والأفكار والقوانين .. ويفيد في تفسير الظواهر الطبيعية والتنبؤ بها عن طريق الوصول إلى تعميمات وقوانين عامة كلية.. كما يفيد البحث العلمي الإنسان في تقصي الحقائق التي يستفيد منها في التغلب على بعض مشاكله، كالأمراض والأوبئة والفقر، والوصول إلى أفضل الحلول للتغلب على مشكلات الماء والنقل والبيئة والإنتاج والتنمية والتسويق والانتخاب وتداول السلطة والفن...الخ
و تتجلى أهمية البحث العلمي – أكثر وأكثر - في هذا العصر المتسارع .. الذي يُرفع فيه شعار البقاء للأقوى .. والبقاء للأصلح ! فلم يعد البحث العلمي رفاهية أكاديمية تمارسه مجموعة من الباحثين القابعين في أبراج عاجية ! إذ أصبح البحث العلمي هو محرك النظام العالمي الجديد .. ! وأصبح العالم في سباق محموم للوصول إلى أكبر قدر ممكن من التقنية والمعرفة الدقيقة المثمرة التي تكفل الراحة والرفاهية للشعوب . ولا يختلف اثنان في أهمية البحث العلمي لفتح مجالات الإبداع والفن والتميز لدى الأفراد والشعوب في المجتمعات مهما تعددت واختلفت ثقافاتها .. كما أن البحث العلمي يعمل على إحياء التراث والأفكار والموضوعات القديمة وتحقيقها تحقيقاً علمياً دقيقاً، وبالتالي تطويرها للوصول إلى اكتشافات ومبتكرات جديدة .. فهو ـ أي البحث العلمي ـ يسمح بفهم جديد للماضي في سبيل انطلاقة جديدة للحاضر ورؤيا استشرافية للمستقبل..
هذا، وتبدو أهمية البحث العلمي بشكل أوضح ـ في العالم العربي بالذات ـ عندما ندرك أن البحث العلمي هو الكفيل بتهيئة الوطن العربي، وردم الفجوة العلمية والثقافية بين العالم العربي والعالم المتقدم، والإسهام في تحسين المناخات الإنسانية في هذا الجزء الهام من العالم ..