الألعاب الإليكترونية
تعتبر الإجازة الصيفية من كل عام موسماً مهماً بالنسبة للأطفال لممارسة الألعاب
الإلكترونية دون رقيب ولا حسيب، حيث يتزاحم الأطفال والمولعون بألعاب الفيديو
في محلات بيع هذه الألعاب للحصول على أحدثها وأفضلها لخوض غمارها وفك
أسرارها، وبإلقاء نظرة سريعة على ما تحتويه بعض هذه الألعاب نجد أن بعضها
يعطي دروساً مفصلة في تعليم القتل وترويع الآمنين من خلال العبث بالممتلكات
العامة وتدميرها للحصول على النقاط التي تؤهل للفوز بهذه اللعبة أو تلك.
مخاطر وأضرار
الدكتور منصور بن عبد الرحمن بن عسكر أستاذ علم الاجتماع المساعد بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالرياض علق على مخاطر هذه الألعاب وضررها على مستخدميها قائلا: إننا نعيش مرحلة أشبه ما تكون بمرحلة التسابق في صناعة المواد الترفيهية الخيالية ومنها ألعاب التسلية المعتمدة على التقنيات العالية حيث حققت واحدة من أشهر الشركات العاملة في مجال صناعة هذه الأجهزة من أول ظهور لها في عام 1994م نسبة مبيعات متصاعدة وصلت إلى أكثر من 73 مليون وحدة مما جعلها أشهر صانعي الألعاب في العالم ومع التطور السريع في هذا المجال وباستخدام الحاسب الآلي من خلال الإنترنت سواء عن طريق الهاتف الثابت أو الجوال الذي سيجعل أكثر من لاعب يزاولها مع آخرين وكأنهم متواجدون في مكان واحد، بالإضافة إلى تبادل البيانات مع مستخدمين آخرين من خلال عدة طرق ومع زيادة تطوير هذه الألعاب مما سيجعلها ثلاثية الأبعاد سيزيد من عدد مستخدميها، وسيقودنا ذلك بدوره إلى عصر جديد من الترفيه عبر الشبكات. ومع ذلك فإن هذه الأجهزة وغيرها تجعل الإنسان خصوصاً من الشباب والأطفال من الجنسين يعيشون مع هذه الألعاب في مرحلة من التسلية والترفيه، ولكن قد تحدث لهم آثار قد يشعرون بها أو لا يشعرون، وذلك لحداثة سنهم وقلة التمييز بين ما يصلح لهم وما لا يصلح. خاصة أننا نعيش في فلك دوامة الإرهاب والعنف في بلدنا الآمن قد نساعد من حيث لا نشعر إلى تبني أبنائنا السلوك الإرهابي وذلك من خلال ممارستهم لهذه الألعاب الإلكترونية لقضاء وقت الفراغ، ففي الأسواق حالياً بعض البرامج التي تعلمهم القتل والذبح بطرق وأساليب شتى خارج المألوف بل قد تصل بهذه البرامج إلى أن يقتلوا رجل الأمن والرجل المدني في سبيل الحصول على المبالغ المالية المرصودة لهم من خلال هذه الألعاب الإلكترونية ولا شك أن هذا السلوك يساعد في التقليل من هيبة رجل الأمن بل قد تساعد في التقليل من حرمة دم الإنسان المسلم.
الأطفال والأمراض
وقال :بلا شك أن هناك أضراراً على الأطفال بسبب هذه الألعاب فالطفل عند جلوسه أمام الشاشة يكون دوره هو التركيز وتحريك أصابع يده لفترة طويلة وهذه بلا شك لها آثار سلبية على الناحية العقلية والعصبية إضافة إلى التأثيرات المصاحبة لهذه الألعاب الإلكترونية على تنمية العنف عند الأطفال وضعف الذاكرة وما إلى ذلك، فقد أكدت دراسة أجرتها جامعة (ستاتفورد) الأمريكية حول أسباب مظاهر العنف عند أطفال المدارس في المرحلة الابتدائية أن مشاهدة أفلام العنف والجنس في التلفزيون والفيديو وممارسة ألعاب الفيديو الإلكترونية تُعد سبباً رئيسياً وراء مظاهر العنف والشراسة عند الأطفال. وحذرت الدراسة من خطورة الاستسلام لهذه الأجهزة التي تنشئ جيلاً من الشباب أقل قدرة على التعامل مع المشاكل وتحمل هموم الحياة. وجاءت هذه الدراسة ضمن عدد من الدراسات التي جرت على مدار الشهور الماضية بعد حوادث القتل المدرسية التي هزت المجتمع الأمريكي، والتي كان أشهرها حادثة مدرسة (كولومبين) الثانوية، حينما فتح طالبان النار على زملائهما فقتلا مدرساً و12 طالبا ً، وكانت أصابع الاتهام قد أشارت بقوة في الدراسة إلى دور شركات (صناعة الترفيه) التي تعمد إلى توجيه مثل هذه الأفلام والبرامج إلى الأطفال، وتتأكد خطة تسويقها أن كل طفل في هذه السن قد تعرض لرؤية منتجاتها، وهو ما أكده مجلس التنظيمات الفيدرالي بأمريكا الذي أكد في بيانه أن أكثر من يستخدمون ألعاب الفيديو الإلكترونية هم الأطفال الذكور من سن 12 إلى 17 عاماً. كما أن الدراسات والأبحاث تخلص كذلك حول هذه الظاهرة إلى أن هذه الألعاب أحدثت لدى الشباب ولعاً وإعجاباً بشخصيات خيالية اضطرهم لأن يحملوا صورهم في ملابسهم ويعلقوا صورهم في غرف النوم فأوجد مصطلحاً جديداً أطلق عليه بعض الباحثين ما يسمى (ثقافة الغرفة) ويقصد به أن غرف النوم لدى الشباب أصبحت تحمل معاني ثقافية غير ما اعتاد عليها آباؤهم وأمهاتهم حيث توجد في الغرف أشكال وصور لرموز خيالية أو حقيقية من بلاد شتى من اليابان وأوروبا وأمريكا وغيرهم تتجمع هذه الصور في غرفة واحدة فيصبح ويمسي الأبناء على مشاهدة صور هؤلاء الرموز فيضطرهم لتقمص حركات وهيئة هذه الرموز.
المنزل و المدرسة
للتخفيف من هذه الآثار كشف الدكتور عسكر انه يجب أن يكون للمدرسة دور في إعداد دورات خاصة للطلاب والطالبات في كيفية التعامل مع هذه الألعاب الإلكترونية لأنها من أهم القضايا حيث أفادت دراسة أجرتها جامعة أمريكية أن التقليل من ساعات مشاهدة التلفزيون وممارسة ألعاب الفيديو يساهم في تقليل العدوانية لدى أطفال المدارس الابتدائية. ويجب على أولياء أمور الطلاب أن يعودوا أبناءهم على تنويع طرق قضاء وقت الفراغ كتعويدهم على قراءة القصص القصيرة واللعب في الألعاب الإلكترونية والخروج معهم للنزهة والسفر للسياحة وما إلى ذلك، ومن المهم للوالدين أن يكونا قريبين من الأبناء ويتسامرا معهم حتى لا يشعر الأبناء بأنهم في عزلة من اقرب الناس إليهم فيلجؤون إلى الهروب إلى الألعاب الإلكترونية.
كما أنه يجب أيضاً على الآباء ضرورة غرس مسئولية الحياة في نفوس أبنائهم وأنهم إنما خلقوا لعبادة الله وأن العبادة أمرها واسع كالصلاة والذكر مع إباحة الترفيه في الأمور المباحة.
كما يجب على العاملين في محلات الألعاب الإلكترونية أن يحافظوا على شرف المهنة ويحرصوا على بيع الألعاب المفيدة ويتقوا الله حيث إن هناك شركات في بعض الدول تمنع بيع بعض منتجاتها في الألعاب الإلكترونية لمن هم أقل من 18 سنة، واقترحُ على المؤسسات الفنية الموجودة أن تبحث في صنع ألعاب تتمشى مع ثقافتنا الإسلامية وقيمنا الاجتماعية وتساعد على نشأة الفرد الصالح النافع في المجتمع.