كثيرا ما يظن الناس أن وصول الرجل إلى سن الخمسين يعنى انه فقد عطاءه وأهميته في المجتمع ولم يعد قادرا على الإنتاج في الحياة العملية أو الاجتماعية ولكن العكس هو الصحيح فمرحلة الخمسينات هي "المرحلة الذهبية"
أن هناك فرقا بين العمر بمعناه العددي ومعناه النفسي فثمة أشخاص في الثلاثين من العمر ولكننا نحسبهم في السبعين وآخرين في الستين من العمر ولكن من يراهم يظنهم في الأربعين.
حيث أن "عمر الإنسان هو ما يعتقده الإنسان عن نفسه وهو ما يحدد نظرته إلى الحياة " مشيرا إلى أن الخمسين هي افضل مرحلة في عمر الإنسان من حيث "الخبرات المتراكمة في الحياة الاجتماعية والعملية وهى ذروة الإنجاز في شتى مجالات الحياة".
من الخطأ الجسيم أن يتقاعد الرجل في هذا العمر ويجلس في بيته لان ذلك من شأنه أن يدخله في حالة من الملل والحياة الرتيبة الأمر الذي يجعله عرضة للإصابة بالاكتئاب.
بالإضافة الى أهمية تكوين الصداقات في هذا العمر لأنها "تعطى الثقة والحب والطمأنينة لدى الإنسان وتشعره بالمشاركة الحقيقية" وهى الطريق إلى صحة جيدة في مشواره الحياتي.
هذا ومن جانب آخر، فإن الاكتئاب والعزلة هي سبب رئيسي من أسباب أمراض القلب ولها نفس الأثر الضار على القلب مثل التدخين و الدهون. فقد أفادت دراسة أسترالية أن الوحدة و قلة الاتصال مع العائلة والأصدقاء ترفع نسبة الإصابة بأمراض القلب.
حيث يفيد الأطباء أن المقصود هو نوع الأصدقاء وليس عددهم بحيث تعتمد الصحة النفسية على مدى تفهم أصدقائك وقابليتهم لسماع مشاكلك.
المثير في هذه الدراسة أن العلماء توصلوا إلى أن مضار الوحدة والاكتئاب تعادل مضار التدخين على القلب. هذا العامل مهم جدا في تأثيره على كبار السن حيث انهم الأكثر عرضة للاكتئاب اكثر من غيرهم.
هذا الأمر أوصل العلماء إلى نتيجة هامة وهي أن أمراض القلب ليست عضوية بحتة وإنما تتعلق إلى حد كبير بالصحة النفسية والعقلية.
وشملت الدراسة الرجال والنساء من مختلف الفئات العمرية وفي اكثر من بلد. إلا أن الدراسة لم تصل إلى ربط أمراض القلب بنمط الحياة اليومي للإنسان مثل ضغط العمل أو القلق الدائم.
هذا الأمر قد يغير في الأسباب التي تؤدي إلى أمراض القلب حيث كان شائعا أن هذه الأمراض ناتجة عن أسباب اجتماعية وعاطفية بينما خرجت هذه الدراسة بان الأسباب الأساسية هي الاكتئاب و العزلة الاجتماعية و قلة الدعم الاجتماعي.
ومن جانب آخر، يرى الدكتور دين أوميش، باحث ريادي في معالجة الإحباط، إن العزلة تشكل خطرا على صحة الإنسان. وقد نقل عنه القول إن " الوباء الحقيقي ليس مرضا عضويا في القلب ولكنه مرض روحي للقلب إنها الوحدة والعزلة. ويتجلى الشعور بالعزلة بشكل عميق على الإنترنت حيث نستطيع التحدث مع الناس في جميع أنحاء العالم ونحن جالسين وحيدين أما شاشة الكومبيوتر.
فالعزلة في جوهرها هي الشعور بالانفصال وأن لا أحد يحبنا. جميعنا نريد أن نكون محبوبين وهناك كلمة واحدة للتعبير عن هذه العاطفة تتردد في أماكن عديدة وغالبا ما نجم عن استخدامها خشية إساءة فهمنا. _(البوابة)