الإرث الحسني ومجالس المؤانسة في العهد الجديد
ورث الملك محمد السادس إرثا ثقيلا عن 39 سنة الحكم المتسلط، وعلى امتداد عشر سنوات من حكمه، بات واضحا أن التركة الثقيلة والسيئة الموروثة عن عهد الملك الراحل لم تشفع فيها الوصفات التي اعتمدت حتى الآن ، فلا الإختيارات السياسية المنتهجة إلى يومنا تنبؤ عن القطيعة مع العهد السابق، فالملكية المغربية ظلت مطلقة وتعاظمت قدسيتها ، ومنهجية التلاعب بالقوى السياسية أدى إلى ضمورها وإعادة إنتاج الحزب الأغلبي الذي بدون شك سيتزايد وزنه مع الإنتخابات التشريعية لسنة 2012 وسيدبر أمر الحكومات لا قدر الله إلى حدود سنة 2026،(1)، تبدوا طريقا سالكة، فهو حزب بحكم ولادته غير الطبيعية وبأطروحاته السياسية الشديدة السذاجة من المؤكد أنه سيضيع على المغرب سنوات طوال من انعدام الرؤئ ونهج اختيارات استراتيجية واضحة المعالم وقادرة على إخراج المغرب من وهدة الأزمات المستعصية التي يحيا في ظلها ، كما أن إغراق البلاد بمجالس المؤانسة التي لا سلطات لها والمسكونة بهواجس الاستقطاب والمراقبة، أمور كلها تتنافى مع التدبير الديموقراطي لشؤون البلاد والعباد، كما أن خيار الصدقات التي تتم في إطار ما يعرف بالتنمية البشرية خيار يظل بمثابة مسكن للأوجاع لا يشفي من الأمراض.
إن المتتبع للشأن السياسي المغربي سيلاحظ ارتفاع نسبة القداسة للملكية المغربية الذي يحول دون تغيير في المسار السياسي للبلاد ، فهل يمكن لملكية ترفل في نعيم القداسة أن تقود التغيير؟ وما مضمون التغيير الذي تقوده؟ أو يعقل أن تقود تغييرا ضد ذاتها؟ وهل كل تغيير يعني بالضرورة تقدما أو تطورا؟ وكيف تفسر عملية احتكارية لعبة التغيير؟ وأي دور لهذه اللعبة ولرواسي الحكم في إعاقة التغيير المنتج للقلب التاريخي؟ وأي بنية تتأسس على فكرة الإله والدم والجسد والتحكم في الرقاب والزرع والخصب والجفاف على مذابح الطقوس وقرابين الرموز ليظل الملك "وحده لا شريك له" أن تنتج تغييرا وفق خطاطات علمية وعقلانية؟ (2)
وهل يمكن لـــ "الطابع المقدس" للملكية المغربية" أن يساعد على التغيير الحداثي ؟ ولماذا لا تتساوق بنيات ومفهوم الملكية المقدسة ومفهوم وشروط التغيير؟ وهل يمكن للملكية قيادة التغيير الذي يحقق القطيعة مع ما يديمها؟ ثم ألا تعد احتكارية عملية التغير دليلا قطعيا على وهمية التغيير المهلل به إعلاميا وسياسيا وطنيا ودوليا؟