في الذكرى الـ 15 لرحيل المناضل الريفي بلقايدي علي / لعشير
في الذكرى 15لرحيل المناضل بلقايدي علي / لعشير" فما سميت عليا إلا ليظل صوتك عاليا[b]"[/b]
تقديم هيئة تحرير جريدة أنوال ([b]1994)[/b]
الفقيد علي بلقايدي الملقب بلعشير ، معتقل سياسي سابق ومناضل فضل المواجهة في الظل كجندي مجهول ..كانت للإقامة الجبرية تأثير بالغ على حالته الصحية بفعل الرطوبة والشروط المتردية للسجن....فمن الجامعة إلى السجن ومن هذا الأخير إلى مواقع مختلفة ، ظل لعشير حاضرا يصارع المرض وأعراضه في صمت إلى أن سقط طريح الفراش.
وقد بذلت لجنة تضم رفاقه وأصدقاءه كل ما في وسعها من مجهودات من أجل إنقاذ حياته ، فطرقت باب كل من مستشفى ابن سينا ووزارة حقوق الإنسان وجهات رسمية أخرى ومؤسسات المجتمع المدني ..دون جدوى
وندرج فيما يلي مرثية لأحد رفاقه وأصدقائه بمناسبة الذكرى الأربعينية:
أما يزال وعاء اللغة التحسرية وتعابير المرثيات يسعفنا على المزيد من النهل والاغتراف لإطفاء مرارة جراحاتنا العميقة المتلاحقة.. بعد كل هذا الإعصار الغرائبي الذي اجتاح ذوات أجسادنا..ملقيا بها في دوامة الغياب السرمدي مشكلا بذلك مراسيم افتتاح الموسم الجنائزي في تماه تام مع الموسم الاجتماعي الجديد !؟
لم يجف بعد ، مداد التعازي المتبادلة بين أحباء وأصدقاء الفقيد بركات / الشاعر حتى انغرست طعنة أخرى في ذات الجرح لتزيده نزيفا ويعلو صراخنا حد الفناء في ذات بلقايدي علي..
هكذا اصطفت ذوات النعي بمحاذاة جدار الغياب منهكة القوى بثقل معاناة الزمن الخائب ..وتكون أنت يا لعشير محكوما بدفء العشيرة وسط رفاقك وأصدقائك الهاتفين :" من الحسيمة طلعت شهادة، رفيقنا الغالي بلقايدي علي..." و " يالعشير رتاح ارتاح ..سنواصل الكفاح " و...و...
أيكفيك هذا العهد لترتكن ، للأبد ، إلى الصمت فينا؟ أيكفي احتضان قضيتك من لدن لجنتك لتنزوي وراء هذه الغمامة القاتمة التي وهبت حياتك فداء لإضاءة سوادها /سوداويتها؟؟؟
فهؤلاء أبناء جلدتك ، حاموا حول جثتك النحيلة ، وتشابكت السواعد والأيادي ممزقة نعشك الملفوف في شهادتك ليفوز الكل بحقه فيك ! ولتنغرس من ثمة نبراسا في المواقع الأمامية لنضال شعب هذا الوطن الذي رويت فضاء مستقبله بعطر مصداقيتك وشرف استشهادك.. فلا خوف على روحك التي لم تكد لتغيب عنا حتى انبثقت مشاعل تضيء قمم جبال الريف ومسالك الأطلس..فمن جبل العروي مرورا بثازروط/ المَعْلمة إلى جبل عوام.. كنت الحاضر الثابت في الكشف عن بواطنها ..ألست الشهيد الشاهد على مآسي عمال جبل عوام في اعتصامهم التاريخي؟ ألست من حاولتَ الانغراس وسط حمائم النار والحديد في قلب صوناصيد؟ وأنت تجوب غمار المحنة لم تحد أبدا عن تبشير أبناء جلدتك بحتمية انبلاج الصبح الموعود...
وكنت الطالب الذي اعتنقته الجامعة وامتصته الخيام المجاورة حبا في الإنصات لنبض الفقراء ..ومن الجامعة إلى مواقع مختلفة لإبلاغ وصيتك الأخيرة!
لم يكتنفك اليأس ولم ينل من عزيمتك وأنت تتدحرج بين أنياب الذئاب ! فمنذ لقائك الأول ب" الجلاد الذي أنهكه الزعيق وزخرفة الوشم على مفاصلك التعباء" وأنت تكابد أعاصير المرض المنغرس في بنيتك المنهوشة بأنياب الحقد وسموم الرطوبة الآتية من عمق العصور الوسطى ، والتي لم تجد مقرا لاستقرار عفونتها إلاّك ! ومع ذلك فلم تبال ولم تستشعر وخزات الداء فيك ، فقط لأن صوتا نبيلا كان يناديك من أعماق هذا الوطن ، صوت الكادحين والمحرومين ..صوت رفاقك هنا وهناك...إنه الصوت عينه الباعث دوما على ديناميتك المفرطة.../ المتباعدة!