الإيمان و الصحة النفسية
أولا : مفهوم الصحة النفسية : 1. مفهوم الصحة النفسية: ( هي حالة من الاتزان والاعتدال النفسيين الناتجين عن التمتع بقدر من
الثبات الانفعالي المميز للشخصية، ومن تجلياتها : - الإحساس بالاطمئنان
والأمان والرضا عن الذات – القدرة على التكيف مع المجتمع وحل مشاكله –
امتلاك مهارات التفاعل الاجتماعي ).
2. مراتب الصحة النفسية : يمكن للإنسان التدرج في مراتب الصحة النفسية إذا استطاع التحكم
والسيطرة على ميولاته وانفعالاته النفسية، ومن مراتبها:أ-
السلامة النفسية: وهي النفس اللوامة المتوازنة ، ولا يمكن أن نكتسبها إلا ب :
- الإيمان بالله تعالى وطاعته ، لأن هذا الإيمان يمكنك من امتلاك رؤية واضحة عن الكون والنفس.
-مجاهدة النفس والاجتهاد في العمل الصالح ، لأن بهما يمكنك من امتلاك القدرة على المراقبة الذاتية وفهم الخوالج النفسية.
ب –
الكمال النفسي: وهي مرتبة النفس المطمئنة الراضية ، ومن خصائصها:
- أن الخير يصبح سجية بتشربها له.
- أن الاستقامة تصير منهجا لها.
ثانيا : المرض النفسي ودرجاته:1. مفهوم المرض النفسي:
( هو حالة من الفساد تصيب النفس، فتخرجها عن حد الاعتدال والتوازن ، ومن
تجلياتها : - ضعف الإرادة – انحراف الميول – فساد الإدراك – التباس مفهوم
الحق والباطل).
درجات المرض النفسي :تتفاوت حدة المرض النفسي حسب حدة فقدان السيطرة على المشاعر والأفكار
والسلوك وحدة هشاشة الانفعالات النفسية ، ومن درجات المرض النفسي:
أ- القلق والخوف المرضي: سببه : الإحساس بفقدان المساندة المرتبطة بثقة الإنسان بالله وحسن التوكل عليه ،
أعراضه : حالة شعورية من الضيق والخوف غير المبرر من المجهول المصحوب بانعكاس عضوي على أغلب أعضاء الجسم.
ب- الأمراض النفسية العقلية:سببها : الشعور بالحرمان المادي العاطفي، والتباس مفهومي الحياة والموت .
أعراضها: الوسواس القهري والاكتئاب.
ج-
الأمراض الناشئة عن التطرف في حب الذات :
سببها : الخضوع المطلق لرغبات النفس وأهوائها ، وفقدان السيطرة عليها –
أعراضها: الكبر ، والأنانية ، والغرور ، والتبجح والادعاء.
ثالثا : علاقة الإيمان بالصحة النفسية:إن الإيمان بالحقائق الدينية منبع كل طمأنينة نفسية وشعور بالأمن والتوازن والتوافق والسكينة.
ومن آثار هذه العلاقة :
الإيمان بالحياة الباقية وطمأنينة الخلود.· يعتبر
المؤمن أن الحياة الدنيا مزرعة للآخرة، وأن الموت رحلة انتقال نحو الكمال،
لهذا فهو يسعى ويجاهد نفسه للعمل الصالح ، قال الله تعالى : (
والموتى يبعثهم الله ثم إليه يرجعون ).
سورة الأنعام / الآية : 36 )
· أما
غير المؤمن بالغيب فيعتبر : أن الحياة الدنيا تنتهي بالعدم ، وأن الموت
فناء أبدي ، فيكون عيشه هولا لا يطاق وعبثا عقيما ، ويرعبه الفناء ويتعسه
. قال عز وجل : (
وقالوا ماهي إلا حياتنا الدنيا نموت ونحيا وما يهلكنا إلا الدهر ) سورة الجاثية / الآية :24
ب-
الشعور بالتكريم الإلاهي ورفعة التكليف:قال الله تعالى : (
ولقد كرمنا بني آدم وحملناهم في البر والبحر ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على كثير ممن خلقنا تفضيلا ) سورة الإسراء / الآية : 70
أن
شعور وإيمان الإنسان بعقيدة التكريم الإلهي تدفعه إلى استعظام دوره في
الحياة، والبعد عن اليأس والعبثية ، فيفضي إلى تصرف اجتماعي يتأسس على
احترام الذات البشرية.
ج-الخضوع لله والشعور بالمساندة :تتصف
العبادة في الإسلام بالشمول ، مما يجعل المؤمن دائم التوجه إلى الله عز
وجل بالخضوع والذلة لأمره في القول والفعل والشعور ، قال تعالى : (
قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين) . سورة الأنعام / الآية : 162
كما أن المؤمن يحسن الظن بالله خالقه فيتوكل عليه ، قال تعالى في وصف المؤمنين: ( ...
وعلى ربهم يتوكلون). سورة الأنفال / من الآية 2.
د- سكينة العبودية:يستشعر
المؤمن معية الله وتأييده له وهو يتحرك في الحياة ، فيلجأ إلى خالقه
بالتضرع والصلاة والذكر والدعاء ، وهذا كله يجعله يشعر بالسكينة ، ويتخلص
من الغم والقنوط، ويستصغر المصائب والأهوال ، قال الله عز وجل (
هو الذي أنزل السكينة في قلوب المؤمنين ليزدادوا إيمانا مع إيمانهم ) سورة الفتح / الآية : 4
رابعا : كيف نكتسب الصحة النفسية:من وسائل اكتساب الصحة النفسية التي على المسلم أن يجتهد في طلبها :
أ- الفهم الصحيح للوجود والمصير:
إن أغلب الأمراض النفسية منشأها المعاناة الوجودية في فهم معاني الحياة
والموت والمصير، بسبب افتقاد المرشد أو الهادي إلى الحق، والقرآن الكريم
يجيب على أسئلة الحياة والموت والمصير، قال تعالى : (
أفحسبتم أنما خلقناكم عبثا وأنكم إلينا لا ترجعون )سورة المؤمنون/ الآية : 115 ب-
تقوية الصلة بالله تعالى : من خلال : عبادته عز وجل كما أمر – التقرب إليه بالطاعات – الاجتهاد في ذكره.
ت- التقوى والاستقامة: التقوى هي مراقبة الله تعالى في القول والفعل والنية سرا وعلنا ، والعمل
بمقتضى كتابه، والاستعداد ليوم لقائه، فمن اتقى الله واستقام على منهجه
سار على هدي نبيه محمد صلى الله عليه وسلم ، قال الله تعالى : (
إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا تتنزل عليهم الملائكة أن لا تخافوا ولا تحزنوا وأبشروا بالجنة التي كنتم توعدون ) سورة فصلت / الآية : 29
من طرف:عبدالاله البهلالي