تقع سِجِلْماسَةُ (بالفرنسية Sigilmassa، بالإنجليزية Sijilmassa) وسط واحة كبيرة جنوب الأطلس الكبير، مقابلة لمدينة الريصاني في تافيلالت، واليوم تعتبر المدينة موقعا أثريا يضم الآثار والخرب والأطلال، وتقع ضمن حدود المملكة المغربية الحالية.
و تاريخيا فإن سجلماسة هي ثاني مدينة إسلامية تشيد بالمغرب الإسلامي بعد مدينة القيروان وهي عاصمة أول دولة في المغرب العربي تكون مستقلة عن الخلافة بالمشرق وهي إمارة بني مدرار الخارجية الصفرية (خوارج مكناسة الصفرية). تذهب بعض المصادر التاريخية أن سجلماسة بنيت سنة 140هـ/757م في قلب واحة خصبة كانت عبارة عن مراعي يؤمها عدد من الرحل لتبادل منتوجاتهم في إطار موسم تجاري سنوي، وهو موقع استراتيجي بالنسبة لمختلف مناطق شمال أفريقيا وبلاد السودان الغربي من جهة والمشرق الإسلامي من جهة ثانية، وقد ساعدها ذلك الموقع على لعب دور ريادي ولمدة طويلة في تجارة القوافل وتنظيم شبكتها، الشيء الذي جعل اسم سجلماسة يرتبط في الكتابات العربية بتجارة الذهب.
ونتيجة لذلك ازدهرت سجلماسة في مختلف نواحي الحياة، فمن الناحية السياسية بسطت سجلماسة نفوذها على عدة مناطق من بينها درعة، أغمات، أحواز فاس، قبل أن تصبح إقليماً متميزاً تابعاً لإمبراطوريات وممالك المغرب العربي المتلاحقة، وفي المجال الاقتصادي فقد انتعشت الفلاحة بفضل نظام متطور للري وتطورت الصناعات بشكل ملحوظ ومن أهمها صناعة الفخار وازدهرت التجارة والتبادلات والقوافل التجارية ومن أهمها تجارة الذهب. في الميدان الاجتماعي ظلت سجلماسة تستقطب السكان الحضريين ليتحولوا بشكل تدريجي إلى سكان مدنيين دون التخلي عن الزراعة ولكن بإضافة العديد من الحرف والصناعات إلى حياة السكان وبالتالي فان سجلماسة كانت تحتوي على خليط عرقي متنوع قلما نرى مثله في تلك الحقبة من الزمن.
محتويات
[أخف]
1 تاريخ سجلماسة
1.1 البدايات والحكم الأفريقي لسجلماسة
1.2 سجلماسة تحت حكم الدولة المرابطية
1.3 سجلماسة تحت حكم الدولة الموحّدية
1.4 سجلماسة تحت حكم الدولة المرينية
2 سجلماسة اجتماعيا
2.1 العناصر السكانية بسجلماسة
3 سجلماسة اقتصاديا وتجاريا
4 سجلماسة حضاريا وثقافيا
5 أهم البعثات العلمية والدراسات الأركيولوجية والتنقيب في سجلماسة
6 أهم المراجع
7 أنظر أيضا
[عدل] تاريخ سجلماسة
[عدل] البدايات والحكم الأفريقي لسجلماسة
رغم أن الزعيم الروحي والقائد السياسي والعسكري لخوارج مكناسة الصفرية وأول من وضع أساسات الدولة في سجلماسة هو أبو القاسم سمكو بن واسول المدراري الصفري، ولكن أول حكام سجلماسة كان عيسى بن يزيد الأسود، ومن الأسباب التي يذكرها المؤرخون لتعليل مثل هذا الفعل:
- محاولة تَجَنُّبَ الصراع بين مختلف الفصائل المكناسية والتي أبدت رغبتها في السلطة.
- ترسيخ مبدأ المساواة بين كل المسلمين وأحقية كل واحد منهم ليكون حاكماً مهما كان جنسه أو لونه.
- الكثافة السكانية العالية للعنصر الأفريقي بسجلماسة في ذلك الوقت، خاصة إذا علمنا أن معظم قبائل مكناسة لم تستقر بعد بالمنطقة خلال هذه الفترة التأسيسية.
- جذب وتشجيع تجارة القوافل مع أفريقيا جنوب الصحراء.
وعلى أي حال فإن عيسى بن يزيد الأسود بويع من قبل كل سكان سجلماسة وحكم عليها مدة 15 سنة من 757 إلى 772م، قام خلالها بعدة إنجازات منها تنظيم قنوات الري، تشييد الحدائق والبساتين، توطين قبائل الرحل. و مع وصول المزيد من اقبائل المكناسية واستقرارها في سجلماسة وميل ميزان القوة لها فإنها لم تر أنه من اللائق أن يحكمها زنجي فقتلت عيسى بن يزيد الأسود سنة 772م وبايعت الزعيم الروحي لهذه القبائل أبو القاسم سمكو.
[عدل] سجلماسة تحت حكم الدولة المرابطية
ضمن مشروعها الوحدوي لتوحيد الغرب الإسلامي، حاولت الدعوة المرابطية منذ البداية التحكم بأهم المراكز التجارية حتى تتمكن من قوة مادية ثابتة تستطيع بواسطتها تحمل نفقات تحركاتها العسكرية. وكانت سجلماسة من بين المراكز الأولى التي طبقت عليها هذه الخطة الاستراتيجية. وقد عرفت المدينة مع السيطرة المرابطية نمواً كبيراً ارتبط أساساً بتجارة القوافل التي كان المرابطون يتحكمون في مختلف محطاتها وطرقها، مما نتج عنه استتباب الأمن وتنشيط الحركة، مما جعل من سجلماسة شبه عاصمة إقليمية ذات دور حاسم في بناء دولة مرابطية مترامية الأطراف بل وشكلت جزءاً حساساً من شبكة الاقتصاد المالي للدولة خصوصاً بعد سيطرتها المباشرة على أهم مراكز جنوب الصحراء مثل تمبكتو وأوداغست. ومنذ استيلائهم على سجلماسة سنة 450هـ/ 1045م ولمدة 30 سنة والمرابطون يضربون نقودهم بسجلماسة فقط وتحت اسم أبو بكر وحده، ثم أخذت بعد وفاته تسك بمراكش، أغمات، فاس، تلمسان، الأندلس وطبعاً بسجلماسة. فمن بين 77 عملة مرابطية الموجودة بالمكتبة الوطنية بباريس ينتمي حوالي نصفها أي 31 ديناراً إلى دار السكّة السجلماسية.
[عدل] سجلماسة تحت حكم الدولة الموحّدية
بفضل دورها الاقتصادي وبفضل مواردها المادية الضرورية للخزينة المركزية، يمكن القول أن الموحدين كذلك وضعوا سجلماسة كهدف أول في مخططهم السياسي ما بين 1139 و1145م وقبل أن يتمكنوا من السيطرة على العاصمة المرابطية نفسها، لذلك اتبعوا نفس السياسة المرابطية في احتلالهم لسجلماسة باعتبارها مفتاح التحكم في طرق التجارة الصحراوية، إلا أن سجلماسة بدأت في ذلك الوقت تفقد ثقلها التجاري تدريجيا لصالح مدن المغرب الأوسط وخاصة تلمسان وبجاية والتي حظيت بالأولوية من طرف عبد المؤمن بن علي وخلفائه من بعده فضلاً عن انشغالهم في إخماد التورات وخاصة بالأندلس، مما جعل سجلماسة تقع فريسة أطماع حكامها أو بعض الثوار الذين يريدون الانفراد بمواردها.
[عدل] سجلماسة تحت حكم الدولة المرينية
في عهد المرينيين (1255-1393م) ظلت سجلماسة من كبريات مدن المغرب ولكنها لم تعد تلعب ذلك الدور التجاري الهام، بل إن هذا الدور تقلص بشكل كبير نتيجة عدة عوامل من أهمها بداية تحول الطرق التجارية نحو المحيط الأطلسي، سيطرة قبائل بني معقل على أهم المحاور والمراكز القوافلية وأيضاً إعطاء الأسبقية من طرف الدولة المرينية للطريق الغربي درعة – نول لمطة، فضلاً عن انشغال حكام بني مرين في مواجهة المشاكل السياسية والعسكرية الناتجة عن الزحف المسيحي نحو الأندلس وعن الصراعات الداخلية المختلفة والكثيرة. وكان لهذه العوامل وغيرها مثل الضرائب الثقيلة المتنوعة والصراعات القبلية، أن تعرضت مدينة سجلماسة للتدهور والاندثار مع نهاية الدولة المرينية وبالضبط حوالي 1393م، وبذلك غابت عن الساحة التاريخية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية وبل وغابت أيضا عن الكتابات التاريخية اللاحقة بشكل شبه تام. هذا وقد زارها الرحالة العربي المشهور ابن بطوطة في النصف الثاني من حكم الدولة المرينية لسجلماسة وتحديدا في خريف عام 1351م قادما من فاس.