الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، سيدنا محمد المبعوث رحمة للعالمين
و على آل بيته الطيبين الطاهرين، و أصحابه الغر الميامين، و سلم تسليماً كثيراً إلى يوم الدين .
أما بعد:
كم يأسرك من يجعل «جميل الخلق» هويته ومن يصيّره مفتاح شخصيته والدرب الذي يوصل إلى احترام الآخرين
له ومحبتهم إياه.وكم يورق الخلق الكريم سعادة وثقة في نفس صاحبه وصانعه تماماً مثلما يتألق في جوانح الناس ارتياحاً
واحتراماً وحباً..! ومن أسمى و أرفع هده الأخلاق التي تجعل من صاحبها دو رفعة و قيمة و احترام قل نظيره التواضع.
التواضع شيمة من شيم النبلاء ، وهو من أحد مكارم الأخلاق التي تنشر روح المحبة والتعاون بين البشر وتعطي مجتمعا
متحابا في الله يخلو من الكبر والحسد والغيرة ويساعد على ارتقاء المجتمع وتقدمه لأن المتواضع شخص يؤمن بالله ايمانا
عميقا, لا يخفى أن حقيقة التواضع من الأمور الواضحة التي لا تحتاج بياناً، فإنها تلك الصفة التي يتنازل الإنسان من
خلالها عن مكانته الاجتماعية، ويواسي الآخرين الذين ربما كانوا أقل منه مرتبة ومنزلة. ولا ريب أن لهذه الملكة
والسجية علامات يمكن من خلاها تمييز ما كان متصفاً بها حقاً وحقيقة، ومن كان يدعي الانتساب إلى ذلك
بالادعاء فقط ليس إلا.
ليس أروع ولا أجمل من الخلق النديّ عندما تجده تواضعاً وحسن تعامل في العظيم من الناس. إنه هنا يكون أوقع
وأبعد تأثيراً لسبب بسيط ألا وهو أن عدم حاجة هذا الكبير إلى الآخرين واستغنائه عنهم ربما يدفعه إلى الغرور
والاستعلاء. لكن الرائعين جداً من يقدرون أن يجعلوا مكانتهم ومناصبهم حافزاً لهم على مزيد من الخلق الكريم،
والتواضع الجميل، والتعامل المضيء وليس العكس. إن هؤلاء هم واثقو الخطى وصانعو الفرح في قلوبهم
وقلوب غيرهم.
صدق الشاعر العربي عندما قال:
«ملأى السنابل تنحني تواضعا والشامخات رؤوسهن شوامخ»