لأمازيغ بين الـعوربة و العولمة.....
يعتبر الشعب الأمازيغي من أعرق
الشعوب في العالم و هو في مسيرته الطويلة و كباقي شعوب العالم, ازدهر و
توسع و أبدع كما عرف أيضا فترات انكماش و تقهقر عانى فيها شتى ألوان
الاستعمار و الحكرة و لكن دائما ما كان يخرج منتصرا و قويا فكان و بحق شعبا
مقاوما و محطما لقيود الاستعمار.
و لعل فترة الغزو العربي من
الفترات الأكثر غموضا في تاريخه لأن الغموض رافق هدا الغزو: فلا يمكن مثلا
أن نجزم أن المغرب مستعمرا لأن الدولة المغربية في عهد الإسلام استقلت
مبكرا عن الخلافة المشرقية و قاوم الأمازيغ النفوذ العسكري و الروحي العربي
على المغربي(ظهور الخوارج, البرغواطيون, تبني المذهب المالكي, تبني تفسير
السيوطي للقرآن, انتشار المذهب الإباضي في ليبيا,الركراكيون في المغرب....)
المقاومة هنا إتخدت بعدا ثوريا مسلحا مع الخوارج و بعدا عقائديا إصلاحيا مع حركات دينية
و
لعل المتتبع لتاريخ شمال إفريقيا لن يجد صعوبةفي المقارنة بين فترة التي
قاوم فيها الأمازيغ الاستعمار الروماني بالمسيحية(المذهب الدوناتي و المذهب
الأريوسي كمثال) و بين ما ذكرناه أعلاه عن المذاهب في ظل الإسلام.
إلا
أنه و رغم كل أشكال الممانعة التي أبداها الأمازيغ لم يتمكنوا من لجم
صيرورة التعريب الذي ظل طوال فترة من الزمن محتميا بغطاء الدين مما مكنه من
اكتساب القدسية فالشرعية فيما بعد
العوربة المرحلة القصوى للتعريب.
رغم
الصيرورة كما قلنا الطويلة للتعريب إلا أنه لم يتمكن من التغلغل و
الانتشار الواسع إلا بعد توقيع معاهدة فاس التي بموجبها حصلت النخبة
العروبية على حماية فرنسا من القبائل الأمازيغية, هده المعاهدة في 1912
مكنت الدولة الفرنسية من إنشاء أجهزة أيديولوجية حديثة (وسائل إعلام,
مدارس,...) لم يكن المخزن العروبي يحلم بها من قبل, بعد معاهدة إيكس ليبان
الشهيرة ورثت الدولة "الوطنية" هده الوسائل لتكمل ما بدأته فرنسا أي
التعريب المطلق أو ما يعبر عنه بتعريب الإنسان و المحيط في أدبيات الفاشيين
العرب.
يقول المهدي بن بركة عن الأمازيغ" الأمازيغي هو إنسان لم
يدخل المدرسة بعد" هدا الكلام يلخص وظيفة المدرسة في المغرب أي أنها مجرد
آلة للتعريب:تلجها أمازيغيا لتتخرج منها مغردا بحب العربان.
العوربة
إذن مرحلة تجاوز فيها التعريب اللسان ليطال كل شيء, ثقافة و هوية الشعوب
الأصلية و بتعبير آخر العوربة هي النسخة العربية للنازية -فكل ثقافة خارج
إطارها الجغرافي و تسعى للسيطرة على الآخرين هي ثقافة مرفوضة, هي ثقافة
نازية و فاشية- مهما تسترت بالمقدس و مهما احتمت بالتمدن و الحضارة.
من هو الأمازيغي المعورب؟
الأمازيغ
المعوربون هم هؤلاء الذين نراهم بيننا يتحدثون, يعيشون و يموتون و هم
واثقون من عروبتهم, رافعين أعلام فلسطين و العراق و لبنان و... مساندين
للقضايا القومية للعرب مستهزئين بالأمازيغ و ناعتين إياهم أقدح الصفات من
الشلح الكربوز إلى الريفي الخانز إلى و إلى...شتائم تقدم قربانا للعروبة.
المعورب
هو أمازيغي مصاب بفيروس العروبة المزمن و هو ميئوس من شفاءه و فاقد لكل
صلة بهويته الأصلية يناضل على أوتار مارسيل خليفة و يرقص على أنغام نانسي
عجرم و يستمني على صور أفخاذ هيفاء وهبي.
لا يجد حرجا بوصف رويشة بالأمي الجاهل و لا أن ينعت تابعمرانت بالشيخة و لا أن يقزم الوليد ميمون إلى سكير, هدا إن سمع بهم أصلا.
المعوربون هم أناس أجسادهم هنا في تامازغا و عقولهم هناك في جزيرة العربان.
هؤلاء يمثلون اللومبنأمازيغ*(دون أو تحت الأمازيغ) -إن لم يكونوا دون إنسانية الإنسان-
أي حثالة الأمازيغ
بحكم وضعهم و بطبيعتهم الانتهازية يمكنهم كذلك أن ينقلبوا إلى صف الأمازيغ إن كان ذلك
سيضمن وضعا اجتماعيا مريحا لهم.
إن كانت العوربة قد أنتجت لنا هده النماذج البشرية –الأمازيغية- فماذا بقي من البشر حتى بات مصاغا....