سعد بن أبي وقاص من أوائل من دخلوا في الإسلام وكان سابعة عشر من عمره, ولم
يسبقه في الإسلام إلا أبي بكر (رضي الله عنه) وعلي (كرم الله وجه) وزيد
وهو أحد المبشرين بالجنة.
سعد بن أبي وقاص دخل الإسلام وهو ابن سبع عشرة
سنة, وكان إسلامه مبكرا, و يتحدث عن نفسه فيقول:«" .. ولقد أتى عليّ يوم,
واني لثلث الاسلام"..!!» ، يعني أنه كان ثالث أول ثلاثة سارعوا إلى
الإسلام، وقد أعلن إسلامه مع الذين أعلنوه بإقناع أبي بكر الصديق إياهم,
وهم عثمان ابن عفان, و الزبير ابن العوّام, و عبد الرحمن بن عوف, و طلحة بن
عبيد الله.
يعتبر أول من رمى بسهم في سبيل الله, وأول من رمي أيضا ،
وأنه الوحيد الذي افتداه الرسول بأبويه فقال له يوم أحد: «" ارم سعد فداك
أبي وأمي"..» ، ويقول علي ابن أبي طالب:«" ما سمعت رسول الله صلى الله عليه
وسلم يفدي أحدا بأبويه الا سعدا, فاني سمعته يوم أحد يقول: ارم سعد.. فداك
أبي وأمي"». كان سعد يعدّ من أشجع فرسان العرب والمسلمين, وكان له سلاحان
رمحه ودعاؤه. وكان مجاهداً في معركة بدر و في معركة أحد.
وقد أخفقت
جميع محاولات رده وصده عن الإسلام ، فلجأت أمه إلى وسيلة لم يكن أحد يشك في
أنها ستهزم روح سعد وترد عزمه إلى وثنية أهله وذويه. لقد أعلنت أمه صومها
عن الطعام والشراب, حتى يعود سعد إلى دين آبائه وقومه, ومضت في تصميم
مستميت تواصل إضرابها عن الطعام والشراب حتى أوشكت على الهلاك. وحين كانت
تشرف على الموت, أخذه بعض أهله إليها ليلقي عليها نظرة وداع مؤملين أن يرق
قلبه حين يراها في سكرة الموت. وذهب سعد ورأى مشهد أمه وهي تتعذب ولكن
إيمانه بالله ورسوله كان قد تفوّق على كل شيئ, وقال لها: «" تعلمين والله
يا أمّه.. لو كانت لك مائة نفس, فخرجت نفسا نفسا ما تركت ديني هذا لشيء.
فكلي ان شئت أو لا تأكلي".» وعدلت أمه عن صومها ، ونزل الوحي يحيي موقف
سعد, ويؤيده فيقول:
وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا
وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ