رغم الجهود الدولية والأقليمية والقطرية الكثيرة والمتنوعة لتخفيف
معاناة البيئة من الضغوطات المتلاحقة عليها فلاتزال سلوكيات بني البشر
أفرادا وجماعات تجعل الحياة علي كوكب الأرض غير آمنة صحيا ومعيشيا إضافة
إلي التراجع في مستوي المشاركة العامة في جعل المحيط الجوي أكثر نظافة
ونقاء وجمالا أيضا.
الملوثات تنوعت وأصبحت أكثر شيوعا وعمومية والهواء
لم يعد نقيا وهو اكسير الحياة والسماء ملبدة بمجموعة من الغيوم والضبابية
والأتربة ولم تعد صافية كما خلقها الله وعهدتها الفطرة السليمة والتربة
أكثر خطرا لوجود النفايات المدفونة وحرقها والزحف الجائر عليها بدعوة
التنمية والتطوير والمياه أيضا لم تسلم من تسرب الزيوت والنفط وعشوائية
الابحار والصيد والسياحة البحرية والترفيهية!!
تتفاعل جميع الكائنات الحية من إنسان وحيوان ونبات وحتي الجماد بشكل
دائم حول المحيط الجوي وبالطبع الهواء والتنفس هو أهم عناصر الحياة التي لا
يمكن بدونها الاستمرار ولو لدقائق لذلك فإن المحافظة علي كون الهواء نقيا
وغير ملوث.. يمثل ضرورة حياتية وصحية للكائنات.
ينقسم الغلاف الجوي إلي عدة طبقات تبعا لتوزيع كتلة الهواء واختلاف
الأنشطة الطبيعية والظروف المناخية والتي تميز كل طبقة وهي كالتالي:
* طبقة التروسفير وهي تبعد حوالي 18 كيلو مترا من سطح الأرض.
* طبقة
الستراتوسفير وهي تبعد حوالي 50 كيلو مترا وتشمل طبقة الأوزون.
* طبقة
الميزوسفير وتبعد حوالي 80 كيلو مترا من سطح الأرض.
* طبقة الثرموسفير
وتبعد حوالي 350 كيلو مترا.
* طبقة الاكسوسفير وهي تبعد حوالي 500 كيلو
متر من سطح الأرض وهي طبقة الغلاف الجوي.
تعني ملوثات بيئة الهواء وجود أي مادة بكميات تتجاوز الحدود الدنيا
لمقاييس ومعايير جودة الهواء المحيط وتشمل ثاني أكسيد الكبريت وكبريتيد
الهيدروجين وأكاسيد النتروجين والمؤكسدات الكيموضوئية مثل الأوزون وكذلك
الدقائق العالقة القابلة للاستنشاق وأول اكسيدالكربون والرصاص والأمونيا
والكبريتات والفلوريدات والهيدروكربونات ويعبر عن مستوي تركيز ملوثات
الهواء بجزء من المليون PPMV أو جزء في البليون PPBV أو مليجرام لكل متر
مكعب من الهواء mg/m3 وتحسب مرجعية الكميات إلي وحدات الحجم عند درجة حرارة
25 درجة مئوية وضغط جوي 760 مليمتر زئبق.. ان التطور الصناعي المذهل
والتنمية والتطور العمراني والاجتماعي المتسارع والتغير في نمط وسلوك
الحياة واكتشاف النفط والغاز وما ينتج عنه من ملوثات في مناطق جغرافية
كبيرة علي سطح الأرض وكذلك اقامة وادارة محطات لتوليد الطاقة والمياه والتي
تستخدم النفط الخام وارتفاع حركة المرور والطيران والموانيء ومشروعات
الصرف الصحي وطرق التخلص من المخلفات بكافة أنواعها.. كان لهذه العوامل
وغيرها من الأسباب الأخري أثر في التغيير من نوعية جودة الهواء الكوني خاصة
وان معظم المشروعات الاستثمارية والتنموية في دول العالم تبحث عن الربحية
والمنفعة المادية دون مراعاة المتطلبات البيئية أو الجدية في احترام دراسات
المردود البيئي EIA عند الاضطلاع بأية مشروعات تنموية.. ان تطبيق مقاييس
ومعايير لجودة الهواء وخاصة في الوطن العربي الذي تتشابه بيئته وظروفه
الاجتماعية والطبيعية والمناخية يمثل ضرورة هامة لقيادة التنمية ورجال
المال والمستثمرين إلي توفير بيئة معيشية ومناخ للعمل والانتاج يحقق الراحة
والصحة البدنية والروحية أيضا.. علي كل حال يمكن ايجارا معايير ومقاييس
جودة الهواء المحيط الملائمة للدول العربية في التالي:
* ثاني أكسيد الكبريت: ينتج هذا الغاز من حرق الوقود الأحفوري ويتكون
الغاز من الكبريت والاكسجين واخطار غاز ثاني اكسيد الكبريت انه يؤثر علي
وظائف الجهاز التنفسي عند تركيز 75.0 جزء في المليون لمدة 30 دقيقة عند
الأصحاء. كما يؤثر التركيز الكبير للغاز علي النباتات والمسطحات المائية
والمباني والآليات ولمعرفة درجة الخطورة وقياس الغاز فيجب الا يتعدي متوسط
تركيز ثاني أكسيد الكبريت في الساعة الواحدة خلال أي فترة طولها 30 يوما
169.0 وجزء في المليون أو 441 مايكروجرام علي المتر المكعب.. كما يجب ان لا
يتعدي متوسط تركيز ثاني أكسيد الكبريت في العام خلال أي فترة طولها 12
شهرا 067.0 جزء في المليون “65 مايكروجرام علي المتر المكعب” في أي موقع
وتكون طريقة القياس علي أساس قاعدة الفلورسنت الضوئي بواسطة جهاز محلل
الغاز أكسيد الكبريت.
* أول أكسيد الكربون: ينتج هذا الغاز من عمليات الاحتراق غير الكامل
للمواد الهيدروكربونية ويؤدي تعرض الإنسان إلي تراكيز قليلة منه إلي ضعف
ردة الفعل وعدم تمييز الزمن أما التعرض إلي تراكيز عالية فيؤدي إلي
الاختناق ثم الوفاة..
وكمعيار قياسي لهذا الغاز فيجب ان لا يتعدي متوسط تركيز أول أكسيد
الكربون في الساعة خلال أي مدة طولها 30 يوما 35 جزء في المليون أو “000.40
مايكروجرام علي المتر المكعب” وذلك أكثر من مرتين في الموقع كما يجب أن لا
يتعدي متوسط تركيز الغاز في أي ثماني ساعات خلال أي مدة طولها 30 يوما 9
أجزاء في المليون “000.10 مايكروجرام علي المتر المكعب” وذلك أكثر من مرتين
في أي موقع ويقاس الغاز باستخدام تقنية امتصاص الأشعة تحت الحمراء غير
القابلة للتشتت بواسطة محلل أول أكسيد الكربون وذلك طبقا لقياس الغاز في
الهواء المحيط في وكالة حماية البيئة الأمريكية.
* الرصاص: لهذا الغاز سمية علي الجهاز العصبي للإنسان والتعرض له يؤدي
إلي تدني مستوي الذكاء والتأثير علي القوي العقلية عند الأطفال وكذلك فقر
الدم وأمراض الكلي عند الكبار. ويجب أن لا يتعدي أقصي تركيز للرصاص في
الأربعة وعشرين ساعة خلال أي فترة طولها ثلاثة أشهر 5.1 ميكروجرام علي
المتر المكعب في أي موقع ولقياسه تجمع عوالق الهواء في مرشح ألياف زجاجية
بواسطة جهاز جمع عينات الغبار عالي السعة لمدة أربع وعشرين ساعة ثم تعالج
عينة الغبار المحتوية علي الرصاص كيميائيا ثم يقاس تركيز مستوي الرصاص
بواسطة جهاز قياس طيف الامتصاص الذري ATOMIC ABSORP TION SPECTROMETER.
* الفلوريدات تنبعث الفلوريدات في الهواء من عدة صناعات كيميائية مثل
الأسمدة الفوسفاتية والألومنيوم والهيدروكربونات المحتوية علي الفلوريدا
المستخدمة في صناعة الثلاجات وعبوات الغازات المضغوطة والصناعات
البلاستيكية ويمتص جسم الإنسان قدرا من الفلوريدا ويتخلص من 50% عن طريق
الكلي وتترسب الكمية الباقية في الأنسجة العضلية ويؤدي تراكم الفلوريدا في
الجسم إلي تكلس العظام والأسنان كما تتأثر الحيوانات به ويؤدي إلي عجزها
التام كما تتلف أطراف النباتات وتتساقط الثمار ويضعف نموها عند تعرض
النباتات والأعشاب لرذاذ أو غازات الفلوريدا. ان المعيار يجب ان لا يتعدي
المتوسط الشهري لتركيز الفلوريدات خلال أي مدة طولها ثلاثون يوما واحد
ميكروجرام علي المتر المكعب في أي موقع.. أما الغازات الأخري مثل الأمونيا
فيجب أن لا يتعدي متوسط تركيز الأمونيا في الساعة خلال أي مدة طولها ثلاثون
يوما 8.0 جزء في المليون أكثر من مرتين في أي موقع.. أما غاز كبريتيد
الهيدروجين فيجب أن لا يتعدي متوسط تركيز كبريتيد الهيدروجين في الأربع
والعشرين ساعة خلال أي فترة طولها 12 شهرا هي 03.0 جزء في المليون “أي 40
مايكروجرام علي المتر المكعب” أكثر من مرة واحدة في أي موقع.. أما غاز ثاني
أكسيد النيتروجين والذي يؤدي استنشاقه بالمستويات السائدة في معظم مدن
العالم إلي تهيج الرئتين وله آثار سلبية كبيرة علي النبات والحيوان
والمسطحات المائية والممتلكات ويجب ان لا يتعدي تركيزه في العام خلال أي
فترة طولها 12 شهرا عن 050.0 جزء في المليون “مائة مايكروجرام علي المتر
المكعب” في أي موقع.. ان تحذيرات العلماء والمتخصصين لم تلق استجابة كافية
لحماية الغلاف الهوائي والمحيط الحيوي كما ان الاتفاقيات والمعاهدات
والبروتوكولات البيئية سواء الدولية أو المحلية أو القطرية أصبحت وثائق
ومراجع للباحثين لدعم أطروحاتهم للمحافظة علي الطبيعة والبيئة ولكن يبقي ان
الآليات التنفيذية لحماية البيئة الكونية لاتزال غائبة!! والله المستعان.
بقلم الدكتور: علي مهران هشام
مجلة العلم