حينما
تتحد الوقفات فوق شرفات الألم ، حين تزدحم الذكريات عند لحظات الفراق ،
تصبح الثواني لاذعة حد الأختناق ! هكذا تضوع اشعة الشمس خلف الغمام والقمر
في مساء مضني ، وهو يتشعب في آفول وجيئة عندما افاضت مهامه ان يخرج بعيدا
عن هذه البلاد ، تلك البلاد التي قضتمها انياب الأنانية ، ومزقتها مخالب
الظلال ، أخر من كان يشد بصره في أفقٍ رحيب مترعا بالحنين يجوس مرامي ظنونه
وخفايا خفقات قلبه المضطرب ، ابنتي الصغيرة ... زوجتي .. مدينتي .. كلهم
وجب علية فراقهم والذهاب بعيداً عنهم ، كأنهم اجتمعوا حولي دون ان يعلموا
للحظة ان الرصاصة التي اخترقت صدري ، اثجلت جسدي ورشقت بنان روحي ، ففاضت
في سماء العليين ، حتى زوجتي الواقفة قريباً مني ،لم تدرك اني رحلت دون أمد
العودة ، أما طفلتي الصغيرة ، فقد اشرعت تبكي وتلوذ بأحضان امها ، أعترف
انها فاجعة لمت بكم ، فأعتقلت اسوار امانيكم ، لكن ما الذي يمكنني فعله ،
سوى رحيلي الى حفرة على مقاس جسدي المتمضخ بدماء الشهادة والرفض ... هو عام
1991 ، عام انتشلت فيها روح الأباء ونبتت لدماء الشهداء في كل حدب صوب
جذوة وغصون كبرياء ، زوجتي وابنتي العزيزة ، سوف تدركون فيما بعد اني رحلت
الى عالم الخلود ، وما بقي مني سوى اسمي الذي قد يبكيكم على حين غرة ، لكنه
القضاء .. انا شهيد الانتفاضة .. وداعاً وادعو لي كي ارقد بسلام في جنات
ونعيم .
الموقع
