حسب أرقام غير رسمية أعدتها أوساط صحفية مغربية فإن توزيع الصحف في المغرب لا يتجاوز 15 نسخة لكل ألف شخص، وهو ما يعد أحد أضعف نسب توزيع الصحف في العالم العربي.
وبحسب الأرقام نفسها لا يصل عدد قراء الصحف اليومية في المغرب إلى أكثر من 350 ألفا في بلد يتجاوز عدد سكانه الثلاثين مليونا ويفوق عدد الصحف فيه عشرين صحيفة، وهو رقم لا يقارن فقط بالأرقام في مصر (76 مليون نسمة) مثلا التي تبيع فيها صحيفة واحدة مثل أخبار اليوم ما يقارب المليون نسخة يوميا، بل أيضا تعتبر المقارنة مفاجئة مع الجارة الجزائر (32 مليون نسمة) التي تبيع فيها صحيفة واحدة مثل "الخبر" أكثر من نصف مليون نسخة يوميا.
وعادة ما يتم ربط ضعف سوق القراءة في المغرب بارتفاع نسبة الأمية التي تصل إلى 50% من عدد السكان، حسب أرقام رسمية.
لكن الأمية ليست وحدها السبب في ضعف سوق القراءة في المغرب، فالجزائر تعاني أيضا من نسبة أمية مرتفعة ومع ذلك لا تعاني صحفها من نفس المشكل المغربي.
وتشير أوساط صحفية مغربية إلى أن عملية كراء (تأجير) الصحف تلعب هي الأخرى دورا كبيرا في تدني مستوى مبيعات الصحف اليومية على الخصوص حيث يقوم القارئ باستئجار الصحيفة لمدة معينة ثم يعيدها إلى البائع مقابل مبلغ زهيد من المال يقل كثيرا عن ثمنها الأصلي.
والغريب أن أكثر من يقوم بكراء الصحف هم الصحفيون أنفسهم حيث يقوم هؤلاء بكراء 5 أو 6 صحف للاطلاع على مواضيعها وقراءة بعض موادها الهامة بدرهمين أو ثلاثة (الدولار يعادل نحو 8 دراهم ونصف)، مع أن سعر الصحيفة اليومية هو درهمان ونصف.
ويقول رئيس فيدرالية الناشرين "عبد المنعم دلمي" خلال اجتماع عقد مؤخرا لمناقشة مشاكل الصحافة: بدأت الهيئة حملات من أجل تشجيع الناس على شراء الجرائد بدل كرائها. لكن دلمي ينظر إلى عملية التشجيع على الشراء بنوع من التشاؤم، معتبرا أن نجاحها مسألة مستبعدة في ظل استفحال ظاهرة الكراء، ويقترح لذلك أساليب عملية تقلل من الظاهرة منها بيع الصحف داخل أكياس بلاستيكية مغلقة وشفافة، أو وضع مشبك (ملقم) على الصفحات.
ولا يحظى اقتراح بيع الصحف في أكياس بلاستيكية شفافة بدعم هيئة الناشرين المغاربة فقط، بل إن الأغلبية الساحقة من باعة الصحف عبروا عن دعمهم لهذه الفكرة التي يرون أنها يمكن أن ترفع المبيعات بشكل كبير.
وبزغ مؤخرا ما ينبئ بتزايد انخفاض توزيع الصحف وهو نسخ صفحات معينة من المواضيع الأكثر قراءة وبيعها في المقاهي والشوارع من قبل عاطلين بنصف درهم.
وأكثر ما يتعرض للنسخ الكلمات المتقاطعة في صحيفة "الاتحاد الاشتراكي" التي يعدها الصحفي "أبو سلمى" والتي تحظى برواج كبير بين هواة الكلمات المتقاطعة.
"محمد العربي المساري" وزير الإعلام المغربي السابق رئيس النقابة الوطنية للصحافة المغربية سابقا يعزو ضعف سوق القراءة في المغرب إلى سببين: أولهما ضعف القدرة الشرائية للمغاربة، وثانيهما غياب عادة القراءة لدى المواطنين.
ويعتبر المساري أن غياب عادة القراءة تحالفت مع اكتساح القنوات التلفزيونية للبيوت المغربية مما زاد من تدني نسبة القراء وزيادة معاناة الصحف والصحفيين.
وبالإضافة إلى دور التلفزيون في إضعاف سوق القراءة في المغرب، فإن انتشار ظاهرة المقاهي الإلكترونية وتعامل آلاف من الناس مع شبكة الإنترنت في منازلهم ساهم إلى حد ما في تراجع مبيعات الكثير من الصحف.
وحسب تقديرات شبه رسمية فإن نحو 800 ألف شخص يستخدمون حاليا الإنترنت في المغرب يوميا، وعدد كبير منهم يطالعون الصحف عبر التلفزيون مما يغنيهم عن شرائها من الأكشاك.
وهناك عادة يمارسها عدد من "القراء" وهي السطو على الصحف والمجلات في غفلة عن أعين البائع، وهذه ظاهرة يندر أن تجد كشكا أو محلا لبيع الصحف لم يسبق له أن ضبط أحد "القراء المخلصين" متلبسا بارتكابها.
ويحكي عدد من باعة الصحف حكايات طريفة عن لصوص ظرفاء يركنون سياراتهم بجوار الرصيف لكي يختلسوا صحيفة أو مجلة ويعودون لإدارة المحرك وقراءة "سرقتهم" في مكان آمن.
المصدر اسلام اونلاين