كثيرون من قاموا برحلات استكشافية الى القارة المتجمدة الجنوبية (انتراكتيكا)ولكن هل كان لكل منهم بصمة وضعها في تلك القارة أم ان قارة الثلوج وضعت عليهم بصمتها؟
من الباحثيين الذين ذهبوا الى تلك القارة ارنست شاكلتون عام 1915 والذي غرق فيها بعد ان علقت سفينته, وبعد سبعين عاما انطلق الدكتور البريطاني الاصل الدكتور روبرت مولفاني لاول مرة له عابرا جزيرة جيمس روس وقناة الامير غوستاف الى ان وصل هو وزملاؤه من العلماء الى المحطة والذين قاموا بتشكيل مجموعة من العلماء المختصين في فيزياء الغطاء الجليدي وذلك تحت برنامج BSA اي المسح البريطاني لانتراكتيكا والتي ظهرت نتائجه في اذار 2009 ويقول العلماء على هامش بحثهم انه انفصل عن جزيرة جيمس روس عام 2002 مايقارب 500مليار طن من الجليد وبحسب دراسات باحثنا الدكتور مولفاني فإن هذه المنطقة وخلال ال 50 سنة الماضية ازدادت درجة الحرارة عن معدلاتها ب 2,5 درجة مئوية عن المعدل السائد.
أخذ د.مولفاني عينات بحرية من اسفل الرفوف والمنحدرات الجليدية قدر عمرها تقريبا ب 5000 عام. وللعلم ان هناك مناطق دراسة تعود ل 7 دول لكل منها منطقته الخاصة وهذه الدول هي أمريكا ,بريطانيا, روسيا, الصين, نيوزيلندا, فرنسا , ايطاليا. وللعلم ايضا ان سماكة الجليد في القسم الشرقي من القارة يصل الى 3 كم فوق مستوى سطح البحر. ولهذا السبب تركزت دراسة العلماء على شبه الجزيرة الواقعة الى الغرب من القارة وذلك لقلة سماكة الجليد وبسبب التغير المناخي الذي اثر على المنطقة بشكل كبير.
بحسب العلماء ان الصخور متوضعة تحت كتل الجليد اي تحت مستوى سطح البحر وذلك تبعا لثقل الجليد الواقع عليها. وفي المحطة البحثية روثيرا قال العلماء ان جليدية جزيرة بن تعتبر من اكبر الجليديات في القارة الجنوبية فمساحتها تقريبا تعادل مساحة مقاطعة تكساس, وبحسب العلماء فإن القياسات الحقلية التي اجريت في المنطقة اثبتت انه في الفصل الماضي من القياس تحركت هذه الجليدية بشكل غير قابل للتصديق وصل الى 7% من حركتها وانه اذا انهارت هذه الجليدية وسقطت في المحيط ستكون نتائجها كارثية (حيث تصل سماكتها الى 2 كلم وتتحرك بمقدار 3,5 كم/سنة) في حال انهيار هذه الجليدية فان مستوى سطح البحر سيرتفع بمقدار
1,5 م (بحسب تقدير العلماء).
" عندما كنا نحفر عميقا في الجليد علق رأس الحفر فأسرع زملائي وقالوا انني طائش فقلت لهم دعوني اخرجها الى السطح وفعلا اخرجتها , وعندما خرج رأس الحفر عرفنا السبب وراء توقف رأس الحفر" هكذا قال احد العملين.نعم لقد توقف رأس الحفر عن الدوران عندما ارتطم بالصخور الموجودة تحت اكوام الجليد فتم فك رأس الحفر و اخذت العينات من الطين المتجمد والتي تمنى العلماء أن تساعدهم هذه العينة على تأريخ أول جليد يغطي القارة المتجمدة الجنوبية.
تم نقل العينة المأخوذة من تحت الجليد عبر البحر الى بريطانيا الى جامعة كامبريدج لدراسة معدلات النظائر, وبحسب الباحثيين الذين قاموا على دراسة معدلات النظائر قالوا " عند دراسة نظائر الاوكسجين يتم التركيز على اثنين هما الاوكسجين 16 و 18 واذا نظرنا الى الاثقل نجد ان الطقس كان في تلك الفترة دافئا وذلك لان النظير الاثقل يتطلب طاقة اكبر لحمله ورفعه خارج المحيط الى الغلاف الغازي " وبحسب كلامه انه يمكن الافتراض بأن درجة حرارة الماء عند تشكل هذا الجليد كانت 1 درجة مئوية, وتم ايضا اكتشاف فقاعات صغيرة جدا داخل العينة المتجمدة تحمل بداخلها غازات الغلاف الجوي من تلك الفترة, وتم دراسة غاز أول اكسيد الكربون وغيرها من غازات الدفيئة (الغازات المسببة للاحتباس الحراري) لمعرفة المناخ السائد منذ الاف السنين وبعد الدراسة تبين ان عمر العينة يعود الى ما قبل العصر الجليدي الاخير اي ما قبل 10 الاف عام.
---- اثناء ترجمة المقال من مجلة BBC Knowledge لم يتم نشر اي معلومات اضافية عن البحث واكتفى الكاتب بالتساؤل والتمني ان يفلح الباحث في بحثه وبالذهاب الى موقع برنامج المسح البريطاني لانتراكتيكا في موقع www.antarctica.ac.uk تبين لنا الاتي : ----
لقد كان عمر العينة المأخوذة من اسفل الجليد حوالي 800 الف عام وبحسب د.مولفاني الذي كتب البحث وقاد عملية البحث والتنقيب لمدة 24 عام قال انه يمكن لمدار الارض حول الشمس ان يكون له علاقة بالتغير المناخي ولكن ما اخبرتنا به العينة الجليدية اثبت بالدليل القاطع بأن غازات الدفيئة لها العلاقة والارتباط المباشر مع التغير المناخي وهذا ما اثبته عدم تغير قيم غازات اول اكسيد الكربون وغاز الميثان خلال 800الف عام الماضية مثلما تغير هذه الايام.
نعم كل هذه الدراسات والانسان لم يقتنع بعد بأن افعاله هي من تدمر الطبيعة وتغير في حلقتها ودورانها الطبيعي.
حاليا ينتظر د. روبرت مولفاني نتائج الحفر للمحطة الثانية والتي يتوقع ان تكون عمر العينة المأخوذة 1,4 مليون سنة وذلك لمعرفة الطقس السائد منذ 1,4 مليون عام.