sana akhrraz عضو فعال
الدولة : الجنس : عدد المساهمات : 136 نقاط : 4994 تاريخ التسجيل : 08/03/2012
| موضوع: خصائص القاعدة القانونية السبت 10 مارس - 14:02:10 | |
| هناك ثلاث خصائص متى ما توفرت في أي قاعدة يمكن اعتبار تلك القاعدة قاعدة قانونية، وهذه الخصائص هي : الخاصية الأولى: القاعدة القانونية قاعدة سلوكية : تهتم القاعدة القانونية بتنظيم سلوك الأفراد في المجتمع، وتضع لهم القواعد التي يجب أن يكون عليها سلوكهم داخل المجتمع(1). وبشكل يحقق الانسجام والتوافق بين مصالح الأفراد المتعارضة. والقاعدة القانونية عند تنظيمها لسلوك الأفراد في المجتمع لا تهتم إلا بضبط السلوك الخارجي للإنسان دون السلوك الداخلي ذلك أن السلوك الداخلي تنتفي عنه الصفة الاجتماعية(2)، فالقانون لا يعبر عما يجب أن يكون عليه سلوك الأفراد في المجتمع، ولكنه يقوم بتقويم السلوك البشري .متى ما دل على ذلك السلوك مظهر خارجي. وهذا يعني أن القواعد القانونية ليست قواعد تقريرية، وإنما هي قواعد تقويمية(3).لسلوك الأفراد داخل المجتمع الذي ينتمون إليه. فالقانون لا يهتم بالنوايا والمشاعر والأحاسيس الداخلية، ما دامت كامنة في النفس، ولا يتدخل القانون لتقويم السلوك الداخلي إلا عندما تكون النية أو الأحاسيس والمشاعر الداخلية قد حركت تصرفا أو سلوكا خارجيا في مواجهة الغير، سواء كان ذلك السلوك إيجابيا أو سلبيا. وأوضح مثال لذلك في المسائل المدنية الاعتداد بالنوايا في المعاملات المالية والإبرام لمعرفة المدلول بعد وقوع التصرف. وقد تقوم القاعدة القانونية بتنظيم سلوك الأفراد بشكل مباشر كالنص على الوجوب بفعل شيء معين أو النهي عنه أو إباحته ، أو تقوم بتنظيمه بصورة ضمنية كقاعدة "لا ضرر ولا ضرار" أو قاعدة "العقد شريعة المتعاقدين" والتي يستفاد منها إلزام المتعاقدين بالوفاء بالتزاماتهم(4) و في الشريعة الإسلامية تتفق القاعدة الشرعية مع القاعدة القانونية في أنها قاعدة سلوك، فهي تحدد سلوك الفرد وتحكم واجباته في حياته على نحو ما يجب أن يكون عليه. ,وتتباين في أن القاعدة القانونية تحدد فقط سلوك الفرد في علاقته بغيره من الناس، بينما تنظم القاعدة الشرعية واجب الفرد نحو ربه وتجاه نفسه وحيال غيره من الناس. ومقتضى هذا أن القاعدة الشرعية تطالب المكلف بأكثر مما تطالب به القاعدة القانونية، بحيث تجعله بالعقيدة وبالأخلاق يسمو نحو الكمال الروحي والأخلاق الفاضلة.(5) والشريعة الإسلامية بشموليتها وعموميتها وغناها بما فيها من أصول تكفل للناس حل مشاكلهم المتجددة باختلاف الأزمنة ، لشمولها قواعد عامة تقرر المبادئ الكلية دون الخوض في الفروع إلا في بعض المسائل التي تحتاج إلى توضيح حاسم ودقيق، وترك ما دون ذلك للاجتهاد فيه وفق المصالح الجماعية والمتغيرات الزمانية والمكانية(6) ومما لا خلاف فيه أن الأحكام الشرعية في المعاملات و الأحكام الشرعية في عمومها نزلت لتنظم سلوك البشر عامة، وشرعت تكاليفها تحقيقا لمصلحة المكلفين جميعا وهم البشرية بكاملها(*) وتعاملهم بحسب طبيعتهم الإنسانية، لذا نجد الأحكام التي تحكم العلاقات بين الآدميين، أحكاما مرنة تستوعب متغيرات الأزمنة والأمكنة خلافا للأحكام التي تحكم العبد بربه التي تكون ثابتة في كل زمان ومكان. الخاصية الثانية : القاعدة القانونية قاعدة عامة مجردة: تتميز القاعدة القانونية بأنها قاعدة عامة ومجردة، ويقصد بالعمومية والتجريد في القواعد القانونية بأنها موجهة إلى كافة الأشخاص في المجتمع ، فهي لا تخاطب أناساً بعينهم ولا واقعة بعينها، بل الخطاب فيها موجه للأشخاص بصفاتهم وللوقائع بصفاتها، فالقاعدة القانونية تطبق على كل من توافرت فيه شروط تطبيقها ما لم يكن مستثنىً بموجب القاعدة ذاتها . وعمومية القاعدة القانونية تعني أنها لا تخص فردا معينا بالذات ولا واقعة محددة بعينها، بل تقصد أشخاصا معينين بصفاتهم ووقائع مشخصة بصفاتها، وكل فرد أو واقعة استجمعت المواصفات اللازمة تطبق عليها القاعدة. أما التجريد فيقتضي أن تصدر القاعدة في صيغ مجردة لا تتعلق بشخص بعينه ولا واقعة بذاتها، ولذلك فالقاعدة القانونية لا ينتهي دورها بتنفيذها مرة واحدة بل تجري كلما وجدت الشروط والمواصفات(7) والقاعدة الشرعية، شأنها في ذلك شأن القاعدة القانونية، فهي قاعدة عامة ومجردة تنطبق على كل مَن توافرت فيه صفة خاصة حددها الحكم الشرعي إن كان شخصاً، أو شروط خاصة تحددت فيه إن كان واقعة أو فعلاً، ولا يقدح في ذلك وجود بعض الآيات القرآنية والسنة النبوية التي جاء خطابها في الظاهر مخاطباً أشخاصا معينين أو واقعة بعينها إذ أن الحكم الشرعي الذي يستفاد منه ينطبق على كل من توافرت فيه ذات الصفات إن كان شخصاً ونفس الشروط إن كان فعلاً. لذا قيل أن "أحكام الشريعة على العموم لا على الخصوص " أي أن القاعدة الشرعية "أو الحكم" كالقانون، لم توضع لفرد معين أو لواقعة مخصوصة ولو كانت مخصصة في ظاهر اللفظ(*). وكون القاعدة القانونية عامة سواء في القانون أو الشريعة، لا يعني أنها تسري بالضرورة على عموم الأفراد في المجتمع، بل يكفي أن ينصرف حكمها إلى فئة معينة من الأفراد ما دام الخطاب فيها موجها لهم بصفاتهم لا بذواتهم. ومثال ذلك: القواعد القانونية الخاصة بالتجار والصناع. و غيرهم من الطوائف ، فهذه القواعد يصدق عليها أنها عامة ومجردة ما دام الأفراد محددين بالصفات لا بالذات. الخاصية الثالثة : القاعدة القانونية قاعدة ملزمة : لكي يكتسب النمط السلوكي الاجتماعي صفة القاعدة القانونية لا بد أن توجه إليه بصفة آمرة وعلى سبيل التكليف لا النصح أو الترغيب، وعلى أن يوقع الجزاء على من يخالفها، ذلك أن الوظيفة التقويمية للقاعدة القانونية لا تتحقق إلا بإلزام من توجه إليهم باتباع النمط السلوكي الذي تتضمنه، لذلك كان الإلزام الاجتماعي عنصرا أساسيا لتكوين القاعدة القانونية(8) وأهمية الصفة الإلزامية تتجلى في أنها تميز القاعدة القانونية عن غيرها من القواعد الاجتماعية مثل قواعد الأخلاق وقواعد المجاملات وغيرها من القواعد، كما يتحقق بموجب هذا العنصر الاعتقاد الجماعي بضرورة اتباع حكم القاعدة المعنية خشية من توقيع الجزاء على من يخالفها. أو عن طريق الاعتقاد الجماعي بوجوب الإجبار على احترامها بواسطة السلطة العامة في المجتمع الذي ينتمون إليه. ومع ذلك فقد ذهب جانب من الفقهاء إلى أن الجزاء ليس عنصرا لازما لوجود القاعدة القانونية،وعللوا على ذلك بأن بعض فروع القانون لا تقترن قواعدها بجزاء يوقع على من يخالفها مثل القانون الدستوري والقانون الدولي العام، ولكن بالرغم من ذلك فإن غالبية الفقهاء يرون أن الجزاء يعد عنصرا جوهريا في القاعدة القانونية، لأنها بغير هذا الجزاء لا يكون للإلزام فيها أي معنى ، فالجزاء هو الذي يضمن للقاعدة القانونية فعاليتها ونفاذها(9) ونحن في ذلك نتفق مع القائلين بضرورة وجود الجزاء، حيث إن هناك جزاءات تطبق في الوقت الراهن فيمن يخالف قواعد القانون الدولي العام، مثل قطع العلاقات الدبلوماسية، أو الاقتصادية أو فرض الحصار الاقتصادي أو العسكري، و التدخل العسكري بسبب مخالفة الدولة لقواعد القانون الدولي العام، وكذلك جزاءات المحاكم الجنائية الدولية على من يخالف قواعد القانون الدولي الإنساني، وكذلك العقوبات التي يصدرها مجلس الأمن على الدولة المخالفة، كما أن قواعد القانون الدستوري يترتب على مخالفتها جزاءات ذات طابع سياسي مثل سحب الثقة، ويعد نوعا من الجزاء الدستوري إلغاء القوانين بواسطة السلطة القضائية لمخالفتها للدستور، كما توجد جزاءات أخرى معنوية توقع على المخالف للقانون التجاري مثل النشر وإغلاق المحل التجاري ووضع المخالفين في القائمة السوداء والامتناع عن التعامل مع المخالفين وفرض جزاءات مالية وخلافه. والجزاء في المجتمعات يتخذ صورا متعددة تختلف باختلاف القواعد القانونية ذاتها وباختلاف المجتمعات التي تنشئ القاعدة ، فهناك الجزاء الإداري والجزاء المدني والجزاء السياسي والجزاء الجنائي ، كما توجد جزاءات اجتماعية أخرى، مثل الجزاءات المعنوية التي تعد من أكثر الجزاءات تطبيقا مع الجزاء المدني وسط مجتمع التجار . والخلاصة أنه متى ما توفرت هذه الخصائص الثلاث في أي نمط سلوكي لمجتمع ما، فهذا النمط يمكن أن نطلق عليه قاعدة قانونية لهذا المجتمع، ولا يشترط في هذا المجتمع الانتظام في شكل دولة طالما كانت الجماعة متماسكة بدرجة كافية في معاملاتها وعلاقات أعضائها، وتحرص على عدم مخالفة تلك القواعد خشية توقيع الجزاء على مخالفة تلك القواعد، تكتسب قواعدها صفة القاعدة القانونية ذات الأصل العرفي أو غير التشريعي وهي قاعدة مقبولة. وكل مجتمع بشري ، تحكمه قواعد خاصة به، وله سلطة نظامية، توقع الجزاء على من يخالف هذه القواعد، يعد نظاما قانونياً ، وكلما كان المجتمع محصورا كان مجتمعا أكثر تجانسا وتضامنا، تكون فيه المصلحة المشتركة لأعضائه أكثر وضوحاً. وعلى ذلك يمكننا القول بأن كل مجتمع توافرت فيه قواعد ملزمة تنظم سلوك الأشخاص في هذا المجتمع، أو كل طائفة فيها قواعد تنظم سلوك المنتمين إليها، وتقترن بجزاء على من يخالف قواعدها يعد نظاما قانونيا، سواءاً كان مصدر هذه القواعد التشريع أو المعتقد الديني أو العرف المتعارف عليه بين الجماعة أو الطائفة أو تصدرها السلطة النظامية لهذه الجماعة.
|
|