راي الدكتور عبد العزيز جسوس- ابتداء من
القرن المنصرم محط اهتمامات الدول
الساعية إلى
التميز والتفوق على جميع الأصعدة فكان الرهان عليه من أولوياتها
وبذلك أصبح :
- البحث العلمي مجال للتفوق 1
كما أن تطور الأمم يقاس بما
حققته على المستوى السياسي والاقتصادي والاجتماعي، يمكن أن يقاس أيضا بما حققته في
مجال بحثها العلمي، فقوة الدول أصبحت رهينة بما
توليه هذه الأخيرة للبحث
العلمي من أهمية ، وهذا عكس منحى
الدول المتخلفة التي صنفته ضمن إشغالاتها الثانوية، فكان ذلك سببا في تكريس طابع التخلف في مجتمعاتها.
2- البحث العلمي مجال للصراع :
إذا كانت الصراعات بين الدول
قد اكتسبت ولمدة طويلة طابعا سياسيا أو عسكريا، فإنه في الآونة الأخيرة أصبح من
الملاحظ أن البحث
العلمي قد يتصدر مجالات الصراع
والمنافسة،بمعنى آخر : إن أرادت أي دولة التفوق على مثيلاتها وجب عليها التألق في مجال البحث العلمي أولا.
3- البحث العلمي مجال للتجسس:
إضافة إلى
العنصرين السابقين، نجد أن الدول المتقدمة قد أنشأت على أراضي الدول المناوئة لها أجهزة استخباري ينحصر مجال
اهتمامها في تقصي ما توصلت إليه
هذه الأخيرة من
مستجدات علمية، قصد محاصرتها عند الضرورة، أو كلما حاولت السير
قدما ببرامجها العلمية والتكنولوجية.
بل إن من الدول الغربية من وضعت ضمن استراتيجياتها دراسة اللغة
العربية قصد الاطلاع من خلالها على نمط تفكير الناطقين بها .
* الدول العظمى والبحث العلمي:
جندت الدول المتقدمة وعلى
رأسها الولايات المتحدة الأمريكية كل طاقاتها وقدراتها ونابغيها – خلال العقود
الأخيرة- للنهوض بالبحث
العلمي، فاستقطبت الأدمغة المتميزة
من دول أخرى، وخصصت أموالا باهضة من دخلها القومي لهذا المجال USA≈7%) (. بل إن منها من ذهب إلى فرض رسوم ضريبية
على الشركات الخاصة الكبرى كمساهمة
منها في سبيل
النهوض بهذا القطاع الحيوي. كما كان السعي إلى إحداث
ثورة
تكنولوجية هدفها الرئيس باعتبار هذه الأخيرة تمثل الشق التطبيقي للنظريات العلمية.
* معضلات البحث العلمي في المغرب :
بالانتقال إلى وضع البحث العلمي في المغرب، نجد أنه يصادف
مجموعة من الإكراهات تحول دون مضيه قدما نحو الأمام ونذكر منها :
أ- محدودية بل وغياب الرؤية الإستراتيجية في
مجال الأبحاث من قبل الدولة والوزارات المعنية.
0.8% من دخل الدولة الخام. بل و إن هذه النسبة تضم تعويضات الأطر العليا.
ب-شح الاعتماد المالية المخصصة
له، بحيث لا تتجاوز نسبتها
ج- اعتماد البحث العلمي على المجهودات الفردية
للغيورين على تنميته، في وقت أصبحت الحاجة ماسة إلى العمل
ضمن مجموعات وفرق مختصة متفرغة ومدعمة من طرف الدولة.
د-هجرة الأدمغة والكفاءات العلمية خارج أرض الدول العربية
عموما والمغرب على وجه الخصوص بسب ما تعرضه الدول الغربية من تحفيزات
وخاصة بالنسبة للمتفوقين في بعض التخصصات كالبرمجة وعلم الأحياء والكمياء…
هـ - تشجيع الغرب للدول النامية على الاستهلاك
بدل الإنتاج بغية توسيع الهوة
بين الاثنتين
ولضمان تبعية المحيط للمركز (بتعبير الدكتور سمير أمين في التطور
اللامتكافئ) .
و- تفشي وباء الفساد الإداري الذي يقف
كعقبة أمام كل مبادرة جادة ساعية إلى تطوير الأبحاث العلمية الهادفة بوأدها في مهدها لما تشكله من
خطر على مصالح النخبة المستفيدة من الوضع الراهن.
ي- تهميش كل الأبحاث الجامعية ذات الطابع
الأكاديمي وعدم استثمارها وتكديسها
في رفوف
الأرشيفات لتشكل أعمدة صلبة نموذجية لبيوت العناكب