الأمـــور لــيست كـــما تـــبدو لــك، فلا تـــتسرّع فــي الــحكم عــليها
رجــل اســتقل الــقطار ذات يـــوم، و كـــان الـــقطار هـــادئاً و الـــركاب مـــنهم مــن هـــو مـــسترخي و مـــنهم مـــن يقـــرأ جـــريدة أو مـــجلة، حــتى تــوقف الــقطار فـــي أحــد الــمحطات و دخـــل رجـــلاً مـــع أولاده الـــذين بــدأو يـــحدثون فـــوضى شـــديدة و يـــضايقون الــركّاب، و مــع ذلـــك لـــم يـــقم أبـــوهم بــفعل شــيء ســوا الـــجلوس فــي كـــرسيّة و اغـــلاق عــينيه و تـــجاهل اطــفاله. لـــم يـــصدّق الـــراكب ذلـــك، و حـــاول أن يـــتحمّل الأطــفال الا أنـــه لـــم يـــستطع، فـــالتفت الـــى الأب و ســـأله “أطــفالك يـــضايقون الـــجميع هــنا، ألا يـــمكنك الـــسيطرة علـــيهم بـــعض الـــشيء؟”.
فـــتح الأب عـــينيه و نـــظر حـــوله ثـــم قـــال “فـــعلاً أنـــت مــحق، أعـــتقد انـــي يـــجب أن أفــعل شـــيئاً حــيال الأمـــر. جـــئنا للـــتو مـــن الـــمستشفى و قـــد تـــوفّت أمـــهم قـــبل ســـاعة تـــقريباً، ولا أعـــرف مـــاذا ســـأفعل، و لا أعـــتقد انـــهم يـــعرفون كـــيف يـــجب أن يـــتصرفوا أيـــضا”
لـــو كــنت أحـــد الـــركّاب لاخــتلفت نـــظرتك نـــهائياً لــلأب بـــعد اجــابته، ألـــيس كـــذلك؟
بــالطبع، لأنـــك ســـوف تـــنظر للـــموضوع كـــما يـــراه هـــو و لـــيس كـــما تـــراه أنـــت، و ســوف تتـــعاطف مـــعه و تتـــحمّل ازعـــاج اطـــفاله حـــتى تـــصل الـــى مــحطتك.
لـــماذا لا نــطبّق الـــشيء نـــفسه فــي حيـــاتنا الـــيوميّة اذا؟ لـــماذا نـــحكم عـــلى النـــاس اســتناداً عـــلى رؤيـــتنا نـــحن لـــلأمور و لـــيس رؤيـــتهم هـــم؟