لأساليب التربوية الصحيحة
(1): القدوة الحسنة :
القدوة من فعل اقتدى ،أي اتبع منهاجه وحذا حذوه وفعل فعله.
من المقرر في عالم التربية والأخلاق ،أن للقدوة أثرها العميق في نفوس الناس ،لأن القدوة تكون محط وإعجاب وتقدير واهتمام ،إذ ترى الفرد يبذل قصارى جهده ويسخر كل قدراته وإمكاناته ليسلك سلوكه ويحذو حذوه،فتراه يقلده في حركاته وسكناته بل ويدرس سيرته في حاضره وتاريخه.
والسر في اتخاذ الإنسان قدوة هو السعي للوصول إلى ما وصل إليه وتحقيق مثل ما حقق من نجاحات .لهذا نجد الناس يقتدون بالرسل والأنبياء ،وبالملوك والرؤساء ،وبالأبطال والعظماء،وهكذا نجد الكثير من الشباب يرتدي لباسا مشابها للأبطال الرياضيين وكأنهم يريدون أن يكونوا نسخة منهم.
فالقدوة بلغة علم النفس هي التقمص والتوحد identification،وهذا ما أشارت إليه مدرسة التحليل النفسي بحيث اعتبرت التوحد والتقمص من الدوافع اللاشعورية التي يتم بموجبها تمثل الفرد صفات شخص آخر ،يسير على شاكلته وينهج سلوكه،هذا وقد اعتبر بعض المربين أن شخصية الإنسان ماهي إلا سلسلة من التوحدات عبر الحياة.
والقدوة الحسنة هي أفضل وأحسن الوسائل التربوية ، فإذا طاب المنبع عذبت الفروع ولأن القدوة الحسنة توصل الرسالة إلى الطرف الآخر بطريقة شعورية ولا شعورية ،فهي تركز على الأفعال لا على الأقوال.
ولأن أغلب الناس حسيون ،أي أنهم يتأثرون بالفعل المرئي لا بالقول المحكي . قال بعض السلف :"حال رجل في ألف رجل خير من مقال ألف رجل في رجل".
فالله عزوجل اختار لعباده قدوة حسنة تمثلت في شخصية الرسول صلى الله عليه وسلم .قال تعالى:"لقد كان لكم في رسول الله إسوة حسنة لمن كان يرجوا الله واليوم الآخر"الأحزاب21.
لذا فالمسلم مطالب بالاقتداء بالرسول صلى الله عليه وسلم من خلال قراءة سيرته واتباعه قولا وعملا. ومطالب بأن يكون هو قدوة حسنة لمن يتحمل مسؤولية رعايتهم وتربيتهم.فرب الأسرة ينبغي أن يكون قدوة حسنة لأبنائه ، والمدرس ينبغي أن يكون قدوة حسنة لتلاميذه والرئيس ينبغي أن يكون قدوة لمرؤوسيه.والداعي إلى الله تعالى ينبغي أن يكون قدوة للناس جميعا،فلقد قيل :"القدوة قبل الدعوة".
فالإنسان حينما يكون قدوة حسنة لغيره فهو يربيه من خلال أعماله وأحواله،كما أنه يحصل على الكثير من الأجور طبقا لسنة الجزاء من جنس العمل ،فالإنسان حين يعمل الخير ويقتدي به غيره تتكاثر أجوره عبر الزمان، بحيث ينال أجره واجر من اتبعه.ففي الحديث الشريف "من دعا إلى هدى كان له أجره وأجر من اتبعه من دون أن ينقص من أجورهم شيئا".
اللهم اهدنا واهد بنا،وعلمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا.آمين ياب العالمين.