متحف القصبة بطنجة نبذة تاريخيةتوجد دار المخزن بالجزء الشرقي لقصبة طنجة وهي عبارة عن قصر أقيم بموقع أوردت ذ ك ره المصادر الرومانية، وأشار إليه الإخباريون العرب عند حديثهم عن بناء قصر أندلسي بالقصبة يعود إلى القرن الثاني عشر.
وبنفس المكان بنيت على التوالي إقامة الحاكم البرتغالي 1661 – 1471 والقصر العالي الإنجليزي 1684 -1662 . تفيد النقيشة التي عثر عليها بدار البخاري، داخل أحد المرافق الجانبية للقصر، أن البناء يعود إلى الباشا أحمد بن علي الريفي سنة 1157ه / 1738 م .
طرأت على القصر مجموعة من التغييرات و الإصلاحات مع السلاطين العلويين عندما اتخذوه مركزا للحكم و مقرا لإقامتهم بطنجة. ولعل أهم هذه الإصلاحات تعود إلى أوائل القرن التاسع عشر مع السلطان مولاي سليمان وبعده مولاي الحسن الأول سنة 1889.
يعد القصرتحفة معمارية متميزة تمزج بين الطراز المعماري المغربي المشتمل على زخارف سقفية خشبية وجبصية متنوعة وعلى ألواح زليج رائعة تزين الجدران، وعناصر ذات صبغة أوروبية كالأعمدة و التيجان الرخامية المنتصبة بالفناء الداخلي للقصر.
العرض الدائميهدف متحف القصبة إلى التعريف بالحضارات التي تعاقبت على مدي ن ة طنجة و مجالها. و يتكون العرض من ثلاثة أقسام تنتظم وفق التصميم الهندسي للقصر، وهو يعطي صورة عن الدور التاريخي الذي لعبته منطقة شبه الجزيرة الطنجية في الربط بين إفريقيا و أوروبا بحكم موقعها الجغرافي الذي أهلها لتكون أرض لقاء و تبادل بحوض البحر الأبيض المتوسط.
ينطلق العرض من قاعة بيت المال التي تعلوها قبة من الخشب المحفور والمنمق. وتضم القاعة خزانة خشبية مطعمة بالحديد كانت مخصصة لحفظ الأموال، ينتقل الزائر بعدها على البهو الداخلي لمتابعة عرض متعدد الوسائط للخريطة الأثرية للمنطقة و لصور بعض التحف قبل أن يعبر إلى وسط القصر.
بهو واسع محاط بأعمدة رخامية مزينة بتيجان مركبة تنتصب في وسطه نافورة من الرخام الأبيض. حوله تنتظم قاعات لعرض التراث المحلي لمدينة طنجة بشكل تحقيبي و موضوعاتي منذ ماقبل التاريخ إلى القرن التاسع عشر الميلادي. ففي القاعة الأولى يمكن للزائر أن يكتشف أدوات عظمية و حجرية و أواني خزفية و تماثيل طينية تعود إلى فترات ما قبل التاريخ.
أما في القاعة الثانية فتعرض نماذج من الخزف المصبوغ ومن تماثيل صنعت بمعامل الأقواس التي نشطت بها صناعة الخزف على الأقل منذ القرن الخامس قبل الميلاد. وتوجد ثمة أيضا مجموعة من الحلي الفضية و العاجية من تعاويذ وعقود وقلائد وأقراط إضافة إلى بيض النعام المحفور... وهي تعود جميعها إلى الفترتين الفنيقيتين و البونية.
القاعة الثالثة خصصت للفترة الرومانية وتضم تحفا رائعة الجمال منها منحوتات رخامية تمثل إحداها مشهد الوليمة و أخرى نصبا نذريا مرفوقا بقربان. كما تضم القاعة أيضا منحوتات وأواني خزفية وحلي عاجية و مجموعة متميزة من القوارير الزجاجية.
أما قاعة القبة الكبرى فتعتبر نموذجا راقيا للفن المغربي إذ تحتوي على سقوف خشبية ذات زخارف متنوعة وجدران مكسوة بنقائش جبصية وألواح من الزليج المزخرف بأشكال هندسية متعددة الألوان. وما زادها رونقا أن نقشت عليها ضمن توريق زاخر أبيات شعرية تتغنى بجمال القصر. ويعرض بهاته القاعة مخطوط نادر يعود إلى القرن الثالث عشر و مجموعة مكتبية ومنمنمات.
وخصصت القاعتان ( الخامسة والسادسة) لعرض تحف إسلامية من أواني خزفية وقطع نقدية ونقائش جنائزية وأفاريز من خشب الأرز ( المنحوت والمنقوش) وألواح من الزليج وغيرها. وتنتهي زيارة البهو الرئيسي بالقاعة (السابعة ) التي تضم تحفا تعود إلى الفترة العلوية وهي تشمل مخطوطا مذهبا ومنمنما ومجلدات وثريا من النحاس الأصفر و أسلحة نارية...
ويشمل عرض المتحف زيارة مطبخ القصر الذي أعيدت تهيئة طابقه الأرضي وخصص لعرض تحف تبرز مظاهر إسهام شبه الجزيرة الطنجية في تشكيل حضارات المتوسط.
في هذا الجناح يمكن على الخصوص مشاهدة اللوحة الفسيفسائية التي تمثل آلهة الحب والجمال فينوس ضمن مشهد بحري، إضافة إلى تمثال جنائزي فرعوني و دورق خمر إغريقي المصدر و جرات محلية الصنع وقنديل يحمل أثرا إغريقيا و مراسي و أمفورات و أسطرلاب، وأدوات أخرى تعطي صورة عن الأنشطة الاقتصادية والتجارية التي سادت في حوض البحر الأبيض المتوسط... أما الطابق العلوي للمطبخ فقد نذر للمواضيع الدينية و الطقوس الجنائزية و القيم الجمالية التي سادت عصور ما قبل الإسلام، إذ فيه تعرض مجسمات لقبور بونية (من منطقة مغوغة) إضافة إلى مدافن وتوابيت رصاصية استخرجت من مقابر مرشان وجداريات من مقبرة بوخشخاش\، كما نجد مجموعة من الأدوات الطقوسية و الرموز الدينية وتماثيل للآلهة (باخوس) و الأبطال (هرقل).
وتنتهي الزيارة بحدائق رياض السلطان التي أعدت وفق الطراز المعماري المغربي- الأندلسي و تشمل نافورة من الرخام الأبيض وصهريج جانبي وسقاية حائطية وفي أرجائها توزعت أعمدة وتيجان رخامية و نماذج من الرحى الحجرية ومثاب بئر حجرية ومدافع صغيرة الحجم...