كانت السمنة في ثقافة البيظان معيارا أساسيا من معايير جمال المرأة، بالإضافة إلى أنها تعبر عن الرفاه المالي أو المكانة الاقتصادية لذويها.وقد شاع في الموروث الحساني عبارات من قبيل: “لمر كلمتها گد گعدتها” أي أن كلمتها تكون مسموعة بقدر سمنتها، و”تگبظ من لخلاگ الِّ تگبظ من لفراش”: وهو ما يعني أن تقدير الناس لها متلازم طرديا مع مقدار حجمها.والحقيقة أن المرأة في التقاليد القديمة كلما كانت أضخم جسما كانت فرصها للزواج أكبر. فيما كانت المرأة النحيفة مدعاة للمس من كرامة زوجها أو ذويها.
وقد ابتدع مجتمع البيظان آليات لتسمين المرأة ( التبلاح ) بلغت حد الإكراه الجسدي العنيف، وأطلقوا عليها “لبلوح”.ويبدأ “لبلوح” في سن مبكرة تتراوح ما بين 7 إلى 14 سنة. ومن أهم وسائله ما يدعونه “الليليـّـه”، وتتمثل في إرغام الفتاة ( لمبلحه ) على تناول الزبدة والدهن الصافي ليلا (كي تتم عملية الهضم قبل حلول النهار تحاشيا للمخاطر التي قد تسببها ضربات الشمس). أما في النهار فتـُـشبع الفتاة مرات عديدة من السويق (المعروف في بعض المناطق ب”ابلغمان” ملتوتا بالدهن والسكر)، أو غيره، يضاف إلى ذلك شرب كميات هائلة من اللبن، أو من المذق (الزريگ)، مما يساعد كثيرا في بناء الجسم.وفي أغلب الأحيان، وبشكل دوري، يذبح جدي أو خروف، ثم يطبخ لحمه لدرجة الميوعة فتأكله الفتاة وتشرب مرقه. وتدعى هذه العملية “سمْـبـَـلـْـوَه”، والمراد بها هو ما ينتج عنها من إسهال ينظف المعدة مما ينعكس إيجابا على لون البشرة.
ومن الأدوات المستخدمة في “لبلوح” آلة تدعى “أژيـّـار” مصنوعة من عودين يُـربط رأساهما بجلد رقيق ويشد بهما أصبع الفتاة كلما اختلقت الأعذار أو تكاسلت عن الشرب والأكل. ومن بين أساليب الإكراه كذلك “اكصير اصبع” و”انتيف الغظـّـابه” و”لمدگـّـه” وهي جعل مدق على ساق الفتاة والضغط عليه لإيلامها بأقصى ما يكون الألم. وفي بعض الأحيان يلجأ المسؤول عن “لبلوح” إلى إرغام “لمبلحه” على شرب ما تقيأته ترهيبا لها.
هذا وتمنع الفتاة الخاضعة لعملية “لبلوح” من المشي كي تتلبد اللحوم والشحوم فيزداد الوزن بسرعة.
وتوصف الفتاة بأوصاف مختلفة حسب مراحل سمنتها؛ فتدعى في مرحلتها الأولى “امْحـَـبرْطــَـه”، وذلك عندما تظهر السمنة في بداياتها على تقاسيم الوجه وحده، ثم يدعونها “ناديَـه”، وذلك عندما تظهر بوادر سمنة بسيطة على أنحاء متفرقة من الجسم، بعدها يدعونها “متحاوصينها لعظام”: أي أن طبقات من اللحم والشحم بدأت تظهر جلية على العظام (الأطراف والوركين)، ثم يدعونها “امغـَـبْـرَه” أي منتفخة كليا. أما آخر مرحلة فيدعونها فيها ب”مفلوتـه”: وهي بلوغ الفتاة للهدف المنشود من حيث الضخامة القصوى.