يظل الشعر العربي القديم وما يزال يحمل الكثير من الطاقات الشعرية التي تمتعنا بها كتب الأدب والتراث العربي, فنجد أنه ما زال فيه مواطن بكر لم يكتشفها أحد, وأن فيه من الدرر الشعرية ما يجعلنا نزيد إعجابا بتراثنا الخالد بخلود لغة العرب لغة القرآن الكريم والشعر العربي ملىء بالطرائف والنوادر والحكايات الممتعة نسوق اليكم فى صفحاتنا التالية بعضا منها..............
نبدأ بهذه القصيدة التى يبدو ان قائلها كان عاطلا فقرر الاطلة فيه على قدر المستطاع حتى يشغل وقت فراغه........... يا من لهم في السجايــــــا عيــــن وجيــــم وبـــــــاء
ما طاب في سواكــــــــــــم نـــــون وعيـــــن وتـــــاء
عهــــودكم ليس فيهــــــــا نـــــون وكــــاف وثــــــاء
وحظــــــكم كــــل يـــــــــوم ميـــــــم ودال وحـــــــــاء
وإنني فـــــــي حماكــــــــــم شيــــــن ويـــــاء وخــــاء
لم يبق لـــي فـــي بلائـــــي صــــــــاد وبـــــــاء وراء
انتـــــم لكـــــــل فقيـــــــــــــر كــــــــاف ونــــــون وزاء
وفــــــي أكــــــف نـــداكــــــم بــــاء وسيـــــن وطــــاء
هل عندكــــم نحـــــــو شيــــخ لام وحــــــــــاء وظــــاء
وحسبه مـــــن رضــــــــاكم عيـــن وطـــاء وفــــــاء
ديــــاركــــم للأمـــــانــــــــــي واو وجيــــــم وهـــــــاء
شيــــن وبـــــاء وعيـــــــــــــن فيهـــــــا وراء ويـــــاء
واليكم بيت الشعر التالى:
زُرْ دارَ وُدٍّ إذا أردتَ ودادَهُ .... زادوكَ وداً إذْ رأوكَ ودوداً
ويلاحظ ان البيت عبارة عن حروف متفرقة ولا يتصل فيه اي حرف بأخر
ابيات غريبة*هذا البيت لا يتحرك اللسان بقراءته:
آب همي و هم بي أحبابي
همهم ما بهم وهمي مابي
*وهذا البيت لا تتحرك بقراءته الشفتان:
قطعنا على قطع القطا قطع ليلة
سراعا على الخيل العتاق اللاحقي
بيت تتشابه فيه نطق بعض الكلمات وتختلف فيالمعنى:
قبورنا تبنى ونحن ما تبنا***** يا يليتنا تبنا قبل ان تبنى
طلب الشاعر ابن الرومي من صديق له أن يهديه ثوباً، فوعده به، ولكنه أبطأ في إنجاز وعده فقال يعاتبه:
جُعِلتُ فداك، لم أسألـــ *** كَ ذاك الثوب للكفــــــن
سألتكَــهُ لألبســـــــه *** وروحي بــعد فــي البـدن
الشافعي......والعاشق......روي ياقوت الحموي فقال: بلغني أن رجلا جاء الشافعي برقعة فيها:
ســل المفتــي المكـي مـن آل هاشـم***إذا اشتـد وجد بالفتى ماذا يصنع؟
فكتب الشافعي تحته...
يــداوي هــواه ثــم يكتـــم وجـــده***ويصبــر فـــي كــل الأمـور ويخضـــع
فأخذها صاحبها ثم ذهب بها ثم جاءه وقد كتب تحت بيته هذا البيت:
فكيف يداوي والهوى قاتل الفتى***وفـــي كـــل يـــوم غصــــة يتجـــرع
فكتب الشافعي :
فإن هو لـم يصبــر علــى مـــا اصابــه***فليــس لــه شيـئ سوى الموت انفع
الشاعر المصري الإمام العبد، اشتهر بسرعة خاطره ولباقة نكاته. وكان له صديق يدعى الشعر اسمه محمود يمازحه أحيانا ويبالغ في المزاح حتى حدود الوقاحة أحيانا.
في إحدى السهرات العائلية قال هذا للشاعر الإمام العبد:
كلما رأيتك تذكرت قصيدة المتنبي والبيت الرائع فيها:
لا تشتر العبد إلا والعصا معه *** إن العبيد لأنجاس مناكيد
..اجاب الشاعر...لكن هذا البيت في القصيدة عينها اشد روعة وهو:
ما كنت احسبني أحيا الى زمن *** يسيئني فيه كلب وهو محمود
ومنه ان شاعرا دخل على رجل بخيل فامتقع وجه البخيل وظهر عليه القلق والاضطراب وظن ان الشاعر سيأكل من طعامه في ذلك اليوم والا فانه سيهجوه . غير ان الشاعر انتبه الى ما اصاب الرجل فترفق بحاله ولم يطعم من طعامه .. ومضى عنه وهو يقول :تغير اذ دخلت عليه حتى *** فطنت .. فقلت في عرض المقال
علي اليوم نذر من صيام *** فأشرق وجهه مثل الهلال
ومن ذلك قول (البحتري) وهو يمدح الخليفة ويهنئه بشهر الصوم وبعيد الفطر: بالبر صمت وانت افضل صائم *** وبسنة الله الرضية تفطر
فانعم بيوم الفطر عيدا .. انه *** يوم اغر على الزمان مُشهر
* وقال ابن عبدربه في هجاء بخيل : لا يفطر الناس من اكله *** لكنه صوم لمن افطرا
في وجهه من لؤمه شاهد *** يكفي به الشاهد ان يخبرا
لم يعرف المعروف أفعاله*** قط كما لم ينكر المنكرا
قال الحريري..بنــي استقـم فالعـود تنمـــــي عروقـه***قويمـــا ويغشـــاه إذا مـــا التــوى التوى
ولا تطـع الحــــرص المــــذل وكـــــن فتـــى ***إذا التهبــت أحشــــاؤه بالطــــوى طـــوى
وعـــاص الهـوى المـردي فكــم مــن محلــق**إلـى النجم لمـا أطاع الهوى هـــوى
وأسعـــف ذوي القربــى فيقبـــح أن يـرى***علـــى مــن إلــى الحــر اللبـاب انضوى ضوى
وحافـــظ علــــــى مــــن لا يخــــون إذا نبــــا***زمـــان ومــن يـرعــى إذا مــا النــوى نــوى
وان تقتـــدر فاصفـــح فـلا خيــر فـي امرئ***إذا اعتلقت أظفـــاره بالشـــوى شـــوى
وإيـاك والشكــوى فلــم تــر ذا نهـــى***شكا بل أخو الجهل الذي ما ارعوى عوى
دعي الدكتور شاكر الخوري الى غداء على مائدة الأمير سعيد الشهابي. وكان مما قدم له كوسا محشي،
تناول منه أولا وثانيا وثالثا هو يحاول عبثا أن يجد لحما في الحساء،
فارتجل هذين البيتين:
قد قيل إن المستحيل ثلاثة **** ألان رابعة أتت بمزيد
الغول والعنقاء والخل الوفي *** واللحم في محشي الأمير سعيد
قال احد الشعراء البغداديين الظرفاء : تعشقتني امرأة قبل أن تراني فلما رأتني استقبحتنيفأنشدتها :
وفاتنةٌ لما رأتني تنكرت *** وقالت دميمٌ أحول ٌ ما له جسم ُ
فإن تنكري مني احولالا فإنني *** أديب أريب لا عييٌ ولا فدمُ
فقال المرأة : ياهذا ، أنا لم أردك لتولية ديوان الزمام بل.... عاشقا ..
جاء في كتاب "أحلى طرائف ونوادر اللغويين والنحاة والمعلمين والألغاز " اعداد هيكل نعمة الله، في بعض صفحاته ما يلي:
عن "المبرد" قال: قال الجاحظ: أنشدني بعض الحمقى:
إن داء الحب سقـــمٌ *** ليس يهــنيــه القــرار
ونجا مــن كان لا *** يقشــق من تلك المخازي
فقلت : إن القافية الأولى راء والثانية زاي؟
فقال: لا تنقط شيئا...
فقلت: إن الأولى مرفوعة والثانية مكسورة؟؟
فقال: يا سبحان الله، نقول له لا تنقط، فيشــكّل...
ونختتم حديث اليوم بهذه القصة الطريفة الرائعة.................: معن بن زائدة
الأمير والشاعر معن بن زائدة اشتهر بحلمه وحكمته.
ولما تولّى الإمارة دخل عليه أعرابي بلا استئذان من بين الذين قدموا لتهنئته وقال بين يدي معن:
أتذكر إذ لحافك جلد شاةٍ *** وإذ نعلاك من جلد البعير ِ
فأجاب معن: نعم أذكر ذلك ولا أنساه ... فقال الأعرابي:
فسبحان الذي أعطاك مُلكاً *** وعلّمك الجلوس على السرير ِ
قال معن: سبحانه على كل حال وذاك بحمد الله لا بحمدك .. فقال الأعرابي:
فلستُ مُسَلّماً إن عِشتُ دهراً *** على معن ٍ بتسليم الأمير ِ
قال: السلام سنة تأتي بها كيف شئت .. فقال:
أميرٌ يأكلُ الفولاذ سِـرّاً *** ويُطعم ضيفه خبز الشعير ِ
قال: الزاد زادنا نأكل ما نشاء ونـُطعم من نشاء .. فقال الأعرابي:
سأرحلُ عن بلادٍ أنتَ فيها *** ولو جارَ الزمانُ على الفقير ِ
قال معن: إن جاورتنا فمرحباً بك وإن رحلت عنّا فمصحوب بالسلامة ... قال:
فجد لي يا ابن ناقصة بشيءٍ *** فإني قد عزمتُ على المسير ِ
قال: أعطوه ألفَ درهم ...... فقال:
قليل ما أتيت به وإني *** لأطمع منك بالمال الكثير ِ
قال: أعطوه ألفاً آخر.
فأخذ الأعرابي يمدحه بأربعة أبيات بعد ذلك وفي كل بيت مدح يقوله يعطيه من حوالي الأمير معن ألفاً من عندهم، فلما انتهى تقدم الأعرابي يقبل رأس معن بن زائدة وقال: ما جئتك والله إلا مختبراً حلمك لما اشتهر عنك، فألفيت فيك من الحلم ما لو قسّم على أهل الأرض لكفاهم جميعاً فقال:
سألت الله أن يبقيك ذخراً *** فما لك في البرية من نظير ِ
قال معن: (( أعطيناه على هجونا ألفين فأعطوه على مديحنا أربعة ))