قصة المعراجالرسول يصعد إلى السماء الأولى (
حديث الخدري عن المعراج)
قال ابن إسحاق : وحدثني من لا أتهم عن أبي سعيد الخدري أنه قال
: سمعت رسول الله يقول : لما فرغت مما كان في بيت المقدس، أُتي
بالمعراج، ولم أر شيئا قط أحسن منه، وهو الذي يمد إليه ميتكم عينيه إذا
حُضر، فأصعدني صاحبي فيه، حتى انتهى بي إلى باب من أبواب السماء، يقال له
: باب الحفظة، عليه ملك من الملائكة، يقال له : إسماعيل، تحت يديه
اثنا عشر ألف ملك، تحت يدي كل ملك منهم اثنا عشر ألف ملك - قال : يقول
رسول الله حين حدث بهذا الحديث : وما يعلم جنود ربك إلا هو - فلما دُخل
بي، قال : من هذا يا جبريل ؟ قال : هذا محمد . قال :
أوقد بعث ؟ قال : نعم . قال : فدعا لي بخير، وقاله .
قال ابن إسحاق : وحدثني بعض أهل العلم عمن حدثه عن رسول الله، أنه
قال : تلقتني الملائكة حين دخلت السماء الدنيا، فلم يلقني ملك إلا
ضاحكا مستبشرا، يقول خيرا ويدعو به، حتى لقيني ملك من الملائكة، فقال مثل
ما قالوا، ودعا بمثل ما دعوا به، إلا أنه لم يضحك، ولم أر منه من البشر مثل
ما رأيت من غيره، فقلت لجبريل : يا جبريل من هذا الملك الذي قال لي
كما قالت الملائكة ولم يضحك إلي، ولم أر منه من البشر مثل الذي رأيت منهم
؟ قال : فقال لي جبريل : أما إنه لو ضحك إلى أحد كان قبلك، أو
كان ضاحكا إلى أحد بعدك، لضحك إليك، ولكنه لا يضحك، هذا مالك صاحب النار
.
فقال رسول الله
: فقلت لجبريل، وهو من الله بالمكان الذي وصف لكم ( مطاع ثم أمين
) : ألا تأمره أن يُريني النار ؟ فقال : بلى، يا مالك، أرِ
محمدا النار . قال : فكشف عنها غطاءها، فقال : ففارت وارتفعت،
حتى ظننت لتأخذن ما أرى . قال : فقلت لجبريل : يا جبريل،
مُرْه فليردها إلى مكانها . قال : فأمره، فقال لها : اخبي،
فرجعت إلى مكانها الذي خرجت منه . فما شبَّهت رجوعها إلا وقوع الظل
. حتى إذا دخلت من حيث خرجت رد عليها غطاءها .
و قال أبو سعيد الخدري في حديثه : إن رسول الله قال : لما دخلت
السماء الدنيا، رأيت بها رجلا جالسا تُعرض عليه أرواح بني آدم، فيقول
لبعضها إذا عُرضت عليه خيرا ويُسّر به، ويقول : روح طيبة خرجت من جسد
طيب ؛ ويقول لبعضها إذا عُرضت عليه : أف، ويعبس بوجهه ويقول : روح
خبيثة خرجت من جسد خبيث . قال : قلت : من هذا جبريل ؟ قال
: هذا أبوك آدم، تعرض عليه أرواح ذريته، فإذا مرت به روح المؤمن منهم
سر بها . وقال : روح طيبة خرجت من جسد طيب . وإذا مرت به روح
الكافر منهم أفَّف منها وكرهها، وساءه ذلك، وقال : روح خبيثة خرجت من
جسد خبيث .
- صفة أكلة أموال اليتامى ظلما
قال : ثم رأيت رجالا لهم مشافر كمشافر الإبل، في أيديهم قطع من نار
كالأفهار، يقذفونها في أفواههم، فتخرج من أدبارهم . فقلت : من
هؤلاء يا جبريل ؟ قال : هؤلاء أكلة أمول اليتامى ظلما .
قال : ثم رأيت رجالا لهم بطون لم أر مثلها قط بسبيل آل فرعون، يمرون
عليهم كالإبل المهيومة حين يُعرضون على النار، يطئونهم لا يقدرون على أن
يتحولوا من مكانهم ذلك . قال : قلت : من هؤلاء يا جبريل ؟
قال : هؤلاء أكلة الربا .
قال : ثم رأيت رجالا بين أيديهم لحم ثـمين طيب، إلى جنبه لحم غث
منتن، يأكلون من الغث المنتن، ويتركون السمين الطيب . قال : قلت
: من هؤلاء يا جبريل ؟ قال : هؤلاء الذين يتركون ما أحل الله
لهم من النساء، ويذهبون إلى ما حرم الله عليهم منهن .
- من نسبت ابنا لزوجها من غيره
قال : ثم رأيت نساء معلقات بثديهنّ، فقلت : من هؤلاء يا جبريل
؟ قال : هؤلاء اللاتي أدخلن على الرجال من ليس من أولادهم .
قال ابن إسحاق : وحدثني جعفر بن عمرو، عن القاسم بن محمد أن رسول
الله، قال : اشتد غضب الله على امرأة أدخلت على قوم من ليس منهم، فأكل
حرائبهم، واطلع على عوراتهم .
=== تفاصيل صعود النبي في السموات ===ثم رجع إلى حديث أبي سعيد الخدري، قال : ثم أصعدني إلى السماء
الثانية، فإذا فيها ابنا الخالة : عيسى بن مريم، ويحيى بن زكريا، قال
: ثم أصعدني إلى السماء الثالثة، فإذا فيها رجل صورته كصورة القمر ليلة
البدر ؛ قال : قلت : من هذا يا جبريل ؟ قال : هذا أخوك
يوسف ابن يعقوب . قال : ثم أصعدني إلى السماء الرابعة، فإذا فيها
رجل فسألته : من هو ؟ قال : هذا إدريس - قال : يقول رسول
الله : ورفعناه مكانا عاليا - قال : ثم أصعدني إلى السماء الخامسة
فإذا فيها كهل أبيض الرأس واللحية، عظيم العثنون، لم أر كهلا أجمل منه ؛
قالت : قلت : من هذا يا جبريل ؟ قال هذا المحبَّب في قومه
هارون بن عمران . قال : ثم أصعدني إلى السماء السادسة، فإذا فيها
رجل آدم طويل أقنى، كأنه من رجال شنوءة ؛ فقلت له : من هذا يا جبريل
؟ قال : هذا أخوك موسى بن عمران . ثم أصعدني إلى السماء
السابعة، فإذا فيها كهل جالس على كرسي إلى باب البيت المعمور، يدخله كل يوم
سبعون ألف ملك، لا يرجعون فيه إلى يوم القيامة . لم أر رجلا أشبه
بصاحبكم، ولا صاحبكم أشبه به منه ؛ قال : قلت : من هذا يا جبريل
؟ قال : هذا أبوك إبراهيم . قال : ثم دخل بي الجنة، فرأيت
فيها جارية لعساء، فسألتها : لمن أنت ؟ وقد أعجبتني حين رأيتها ؛
فقالت : لزيد بن حارثة، فبشَّر بها رسول الله زيد بن حارثة .