DOCKER أو درجات الموت
تعتبر الدراجات النارية الصينية الصنع من أهم وسائل النقل بالمنطقة خصوصا لمحدودي الدخل، كما تعتبر محركا و منشطا للتجارة إذ توفر فرصا مهمة للشغل و تعيش من خلالها مجموعة من الأسر : تجار ، باعة ،ناقلو البضائع، بائعو قطع الغيار، الميكانيكيون…
و في الآونة الأخيرة لوحظ انتشار هذه الدرجات بشكل يثير الفضول و الانتباه خصوصا في صفوف الشباب. ويعزى هذا الانتشار و الاكتساح إلى ملاءمة أشكالها وألوانها للذوق المغربي وخصوصيات المستهلك المحلي من جهة، و ثمنها المناسب، وقدرتها الميكانيكية الهائلة من جهة ثانية، وتسهيلات الشراء التي يوفرها التجار لزبنائهم من جهة ثالثة. وتشير أخر الإحصائيات الوطنية إلى أن عدد الدرجات التي تباع سنويا ناهز 400 ألف دراجة ،تستحوذ الدرجات الصينية على نسبة 80 بالمئة من هذا السوق .
وقد صاحب هذا التطور مشاكل عدة أهمها الملاءمة القانونية لحجم اسطوانة هذه الدراجات الصينية، فبينما تؤكد الأرقام المسجلة على المحرك أن قوتها الجبائية تصل إلى 149 س3، فإن الورقة الرمادية لهذه العربات تشير إلى أن حجم الأساطين يصل إلى 49 سنتمترا مكعبا، كما أن مسالة وصولها الى المغرب مفككة يفسح المجال أثناء جمعها لمجموعة من العيوب الميكانيكية التي قد تهدد سلامة المستهلك ،أضف الى ذلك شروط سياقتها ،حيث لا يتم إخضاع السائقين لتكوين معين يتوج برخصة خاصة لسياقة هذه الدرجات السريعة جدا.
وبقلعة مكونة كباقي مدن المغرب تنتشر هذه الدرجات بشكل مثير للانتباه خصوصا في صفوف المراهقين يجوبون بها شوارع المدينة وأزقتها يراوغون بها السيارات والحافلات والشاحنات بسرعات جنونية، وبخفة متهورة…مستعرضين قدراتهم ومهاراتهم المزيفة في التحكم بها، لتتحول هذه الدراجة من وسيلة نقل عادية الى مؤشر اجتماعي يعكس المكانة الاجتماعية للسائق .
رشيد: لم يكن والدي يرغب في شراء هذا النوع من الدرجات لكثرة ما وصله من سمعتها السيئة وما تسببه من جراح اجتماعية في الأسر، غير أن إصراري وتهديدي بالانقطاع عن الدراسة دفعه لاقتناء واحدة مع الاتفاق على رزمة من الشروط.
جمال: إنها الدراجة التي لطالما انتظرتها ،تعطيك الإحساس بالتميز ،وتجعلك سرعتها الهائلة واثقا من نفسك ومنطلقا في الحياة لا تبالي بشيء.
يوسف: هذه الدراجة أكسبتني أصدقاء جدد ، وخصوصا من الجنس الأخر، وبها نسجت علاقات اجتماعية متينة معهم. وضعية مكنتي من تحقيق ذاتي والانفتاح على تجارب الأخرين من خلال تقاسم مجموعة من اللحظات السعيدة مع الأقران وذلك بتنظيم رحلات جماعية وسباقات ترفيهية…
نسجت هذه الدراجات “القاتلة” في أذهان المراهقين أحلاما كثيرة تصل في بعض الأحيان الى أوهام تتحكم في أفعالهم اليومية ،أحلام ترتطم بصخرة الواقع الأليمة حيث تتحول فجأة إلى كوابيس مرعبة ، فهي الدرجات نفسها التي تحصد أرواح العشرات من المواطنين والمواطنات ،وتخلف وراءها جراحا اجتماعية لا تندمل بسهولة .والحكايات الدرامية التي تخطها يوميا هذه الدراجات على الطرقات كثيرة والمآسي التي تسببهاللاسر بشكل مباشر وغير مباشر تكاد لا تحصى