الإلحاد في العالم الإسلاميواجهت فكرة الإلحاد جدارا صعب الاختراق في بداية انتشار الفكرة أثناء
الاستعمار الأوروبي لعدد من الدول الإسلامية ويعتقد معظم المستشرقين
والمؤرخين إن الأسباب التالية لعبت دورا مهما في صعوبة انتشار فكرة الإلحاد
الحقيقي في العالم الإسلامي حتى يومنا هذا [20]:
- قلة أعداد العلماء وضعف المستوى التعليمي في العالم العربي والإسلامي
بشكل عام, حيث أثبتت الإحصائيات التي أجرتها مجلة Nature العلمية أن
الغالبية العظمى من العلماء والعباقرة ملحدون, وأن نسبة التدين انخفضت بين
العلماء من 27% عام 1914 إلى 7% عام 1998 [5]
- الانتصارات العسكرية "الفتوحات" التي تحققت في عهد الإسلام
حيث تحولت جماعات متشرذمة معادية لبعضها إلى دولة إسلامية عظمى، مما ساعد
على إقناع المسلمين بقدرة الإسلام على توحيد البشرية وأنه ليس مجرد وسيلة
للنجاة الأخروية بل هو أيضاً منهج حياة متكامل.[ادعاء غير موثق منذ 579 يوماً]
- استناد الاستعمار الأوروبي في محاولته لفهم العالم الإسلامي على أفكار
معادية للإسلام و[[تاريخ الإساءة إلى شخصية (نبي الإسلام) إنتشرت في أوروبا
في القرون الوسطى أثناء التوغل الإسلامي في قارة أوروبا فتولدت نتيجة لهذه
الأفكار قناعة لدى المستعمر الأوروبي بأنه أكثر تفتحا وتحضرا من المسلم
الذي وحسب رأي المستعمر كان صاحب عقلية متحجرة وأدى هذا الفكرة المسبقة عن
المسلمين إلى انعدام حوار حقيقي بين الحضارات بل كان حوار من طرف واحد
مفاده ان المسلم يجب عليه ان يتغير لكي يواكب ركب التقدم.[ادعاء غير موثق منذ 579 يوماً]
- طبيعة المجتمع
الشرقي الذي هو عبارة عن مجتمع جماعي بعكس المجتمع الأوروبي الذي يتغلب
عليه صفة الانفرادية فالإنسان الشرقي ينتمي لمجتمعه وأي قرار يتخذه يجب أن
يراعي فيه مصلحة مجموعة أخرى محيطة به قبل مصلحته أو قناعته الشخصية
فالإنسان الغربي لديه القدرة على إعلان الإلحاد كقرار فردي بعكس الإنسان
الشرقي الذي سيصبح معزولا عن اقرب المقربين إليه إذا اعلن الإلحاد.
بعد إسقاط الإمبراطورية العثمانية حاول مصطفى كمال أتاتورك (1881 - 1938) بناء دولة علمانية وإلحاق تركيا بالمجتمع الأوروبي فقام بإغلاق جميع المدارس الإسلامية وشملت المحاولة منع ارتداء العمامة أو رموز أخرى فيه إشارة إلى الدين. في إيران تأثر الشاه رضا خان الذي حكم من 1925 إلى 1941 بمبادرة أتاتورك فقام بمنع الحجاب وأجبر رجال الدين على حلق لحاهم وقام بمنع مواكب العزاء أثناء عاشوراء
ولكن هذه المحاولات لكونها مفاجئة وقهرية ومعارضة للإسلام الذي ظل منتشراً
لأكثر من ألف عام كانت لها نتائج عكسية، أما فكرة الإلحاد التي إنتشرت في أوروبا فقد كانت موجهة ضد تدخل الكنيسة الكاثوليكية في السياسة والعلم، ولم تكن لها نظرة شمولية عن الأديان الأخرى.
أدى استعمال القوة في فرض الأفكار العلمانية في إيران وتركيا إلى نتائج عكسية وتولد نواة حركات معادية لهذه المحاولات وإستقطبت مدينة قم في إيران كل الحركات المعادية لحكومة طهران ومن الجدير بالذكر إن قم كانت لا تزال تمتلك نفوذا كبيرا على صنع القرار السياسي ومن الأمثلة المشهورة على ذلك كان الفتوى التي صدرت في إيران عام 1891 وفيها أفتى محمد حسن شيرازي الإيرانيين بمقاطعة تدخين التبغ وحدثت بالفعل مقاطعة واسعة النطاق لمدة شهرين حيث اضطر الشاه على أثرها لإلغاء عقود تجارية ضخمة مع عدد من الدول الأوروبية حيث كان الشاه في ذلك الوقت يحاول الانفتاح على الغرب [21].
من أحد أسباب عدم نجاح الفكر الإلحادي والعلماني في اختراق المجتمع
الإسلامي ظهور الحركات الإسلامية التجديدية والتي حاول أصحابها إعادة إحياء
الروح الإسلامية بين المسلمين بعد قرون من الانحطاط، فمن أفغانستان ظهر جمال الدين الأفغاني (1838 - 1887) ومن مصر ظهر محمد عبده (1849 - 1905) وفي الهند ظهر محمد إقبال (1877 - 1938) وشهد القرن العشرين صراعا فكريا بين الفكر الإسلامي وأفكار أخرى مثل الشيوعية والقومية العربية
وعانى فيه الإسلاميون من القمع السياسي الشديد، ومن الملاحظ أنه حتى
الشيوعيين والقوميين لم يجعلوا من الإلحاد مرتكزا فكانت هناك ظاهرة غريبة
بين بعض الشيوعيين حيث كان البعض منهم يتشبث بالإسلام كعقيدة دينية إلى
جانب اقتناعه بالشيوعية كمذهب اقتصادي.