تدريس الاجتماعيات استنادا إلى مدخل الكفايات
أنجز هذا البحث من طرف الأستاذين: امهدة لحسن والشكوطي عبد السلام
تحت إشراف مفتش المادة الأستاذ عامر كنبور
مقدمة
ترتبط نشأة وتبلور المقاربة الكفائية في المنظومات التربوية الغربية بالظرفية الاقتصادية التي يمر بها النظام الرأسمالي, وبالتالي الحرص على إخضاع التربية لقيم الفعالية والمردودية والإنتاجية, وتسهيل عملية اندماج وتكيف الفرد مع المحيط السوسيواقتصادي المحلي والعالمي. ومواكبة لهذه المستجدات العالمية من جهة, ومحاولة تجاوز حالة العجز و الأزمة التي يتخبط فيها النظام التعليمي المغربي, حرص المسئولون من خلال الميثاق الوطني للتربية والتكوين على تبني المقاربة الكفائية كمدخل بيداغوجي يركز على تنمية مجموعة من الكفايات لدى المتعلم ( التواصلية,الثقافية,المنهجية
الاستراتيجية والتكنولوجية) القادرة على تأهيله للمشاركة في التنمية والاندماج في سوق الشغل.
ورغم التراكم النسبي الذي بدا يتحقق في مستوى التأليف التربوي النظري في موضوع الكفايات ببلادنا خلال السنين الأخيرة فان هذه المقاربة لا يزال يعتريها الكثير من الغموض والالتباس, ولاسيما الجانب الإجرائي منها.
وإسهاما منا في النقاش الذي يدور حاليا حول الموضوع.ارتأينا من خلال هذا البحث المتواضع التطرق لهذه المقاربة في علاقتها مع المادة التي ندرسها لعلنا نساهم في تبسيط كيفية تدريس المادة وفقها.
وقد حددنا لهذا الموضوع بناء منهجيا يبرز في البداية أهمية المقاربة الكفائية في تدريس الاجتماعيات, ثم خصصنا العنصر الثاني للصياغة الإجرائية لسيرورة تكوين الكفاية في المادة باعتبارها الجانب الذي يهمنا كمدرسين, لنخلص إلى تبيان إمكانيات وحدود المقاربة في التعليم المغربي بصفة عامة.
وإذا كانت الاجتماعيات عادة ما ينظر إليها كمادة يقتصر فيها الجهد على الحفظ والتذكر( حفظ الأحداث والأماكن والإحصائيات…) فإلى أي حد يمكن للمقاربة بالكفايات أن تخلص المادة من هذه النظرة السلبية؟ .وما هي الجوانب التي يتحتم على مدرس الاجتماعيات أن يا خدها بعين الاعتبار وهو يدرس, استنادا إلى المقاربة الكفائية التي أصبحت أمرا واقعا يقرها وينص عليها الميثاق الوطني للتربية والتكوين.
أولا أهمية الكفايات في تدريس الاجتماعيات
1-1 تعتبر الاجتماعيات مجالا خصبا للتدريس بالكفايات بالنظر لغناها من حيث أساليب وتقنيات التعلم
- تتميز مادة الاجتماعيات بقابليتها على توظيف عدة أساليب وتقنيات في عملية التعلم الذي يتخذ من التلميذ محورا ومنطلقا له, وبالتالي يترك فرصة التعلم الذاتي للمتعلم ويحقق أهدافا اجتماعية مهمة كالاعتماد على الذات والقدرة على اتخاذ القرارات, والانفتاح على الآخر. وهو نفس المبتغى الذي تنشده بيداغوجية الكفايات. فمن مهارة قراءة وتحليل ورسم الخرائط والمبيانات إلى مهارة تحليل النصوص التاريخية والإحصائيات واستيعاب المفاهيم.
- غالبا ما ينصح المنظرون في بيداغوجية الكفايات باتباع الطرق الفعالة في التدريس, ويؤكد معظمهم على أهمية طريقة المشروع, وطريقة حل المشكلات في إكساب المتعلم للكفايات, وهو أمر يتقاسمونه مع الباحثين المتخصصين في ديداكتيك تدريس الاجتماعيات.
1-2 تعد الاجتماعيات المادة التي تساهم بشكل اكبر في إكساب المتعلم عدة أنواع من الكفايات في آن واحد.
- يسمح تدريس مادة الاجتماعيات بتحقيق عدة أنواع من الكفايات في أن واحد. فعلى سبيل المثال لا الحصر نجد آن تحليل النص التاريخي يسمح بإكساب التلميذ كفايات استراتيجية وثقافية وتواصلية ومنهجية, كيف ذلك؟
· منهجيا : يتمكن التلميذ من اكتساب منهجية قراءة وتحليل النصوص.
· ثقافيا: تغني جهازه المفاهيمي
· استراتيجيا: يتمكن من تحديد الإطار الزمكاني للأحداث والوقائع التاريخية
· تواصليا: يكتسب مجموعة من المصطلحات اللغوية الواردة في النص والتي تساهم في اغناء رصيده المعرفي.
- نفس الدور يمكن أن تقوم به مهارة تحويل الجداول الإحصائية إلى مبيانات:
· منهجيا: يكسب التلميذ مهارة رسم المبيان ( اختيار المقياس, الرموز…)
· ثقافيا: يضيف إلى رصيده المعرفي مفاهيم جديدة ( الإنتاجية, المردود, النمو الديمغرافي, معدل الخصوبة, أمد الحياة…)
· استراتيجيا: استشراف المستقبل( توقعات الساكنة المغربية خلال2025 وعلاقتها بالنمو الاقتصادي…)
1-3 تعتبر الاجتماعيات وسيلة لتحقيق التكيف مع المحيط الذي يشكل الهدف الأسمى للمقاربة الكفائية.
- يتأسس التصور الكفائي على منظور يعتبر فيه تكيف الفرد مع محيطه الطبيعي والاجتماعي والثقافي والاقتصادي والسياسي من الغايات الرئيسية, ومادام الفرد خلال سيرورة نموه يعرف تكيفا تدريجيا مع المحيط الذي يتعامل معه على الدوام, ومادام المجتمع يتطور بدوره من خلال عملية تكيفه مع المحيط العالمي الذي يتفاعل معه باستمرار, فان التكوين والتعلم المتاسسين على مبدأ الكفايات يكونان في الواقع التربية الملائمة لتحقيق هذا النوع من النمو والتطور الطبيعي, ومادة الاجتماعيات تعد أداة لتحقيق هذا المبتغى:
فدرس الجغرافيا يعد وسيلة لتحقيق هذا التكيف من خلال تحسيس التلميذ بالمشكلات المطروحة على مستوى بيئته المحلية والإقليمية والوطنية والعالمية, والدفع به إلى المساهمة في إيجاد بعض الحلول لها
( مشاكل التلوث, الهجرة الداخلية, تنظيم النسل, تدهور المجال الغابوي…)
أما درس التاريخ فانه يمكن التلميذ من التعرف على القيم الحضارية اسلاميةوعالمية. فمثلا من خلال تتبع التلميذ لمراحل تطور أوربا (ابتداء من القرن16 إلى اليوم اقتصاديا وسياسيا) يكتشف العناصر والآليات الأساسية الضرورية التي ساهمت في هذه النقلة ( من أوربا المتخلفة قبل القرن16 إلى الاتحاد الأوربي المؤهل بان يكون أقوى قوة اقتصادية في العالم ومن تم تدفعه إلى التأمل في العوامل التي كانت وراء تخلف العالم الإسلامي بما فيه المغرب, مما يدفعه إلى التفكير والمساهمة مستقبلا في تجاوز معوقات التقدم في المغرب والعالمين العربي والإسلامي .
1-4 تسمح الاجتماعيات بتحقيق كفايات مستعرضة وخاصة.
من الصعب وضع حدود لمادة الاجتماعيات لشساعتها وفضائها وتعدد الجوانب التي تمسها
( الإنسان في علاقته بالمجتمع, الإنسان في علاقته بالبيئة, الإنسان في علاقته بذاته…) حيث تتداخل عدة علوم في تحديد مجال وحقل مادة الاجتماعيات, مما يجعلها تتقاطع مع العديد من التخصصات على مستوى مواضيعها, مما يؤهلها بان تحقق مجموعة من الكفايات المستعرضة في إطار المواد المتضافرة.
فمثلا تتقاطع مادة الاجتماعيات مع العلوم الطبيعية في العديد من القضايا المدروسة ( الصخور, التربة, الغطاء النباتي…) مما يجعل المادتين مجالا خصبا لتحقيق كفايات مشتركة مستعرضة ( الكفايات الثقافية والمنهجية) ونفس الملاحظة تنطبق على مواد متعددة في مقدمتها هندسة الاقتصاد( الجداول, المبيانات, الإحصائيات…) مما يسمح بتحقيق كفايات بشكل تشاركي ( كفايات منهجية/ تحويل المعطيات الرقمية إلى مبيانات) كما تتقاطع الاجتماعيات مع اللغة العربية في الكفايات التواصلية, وكذلك مع الفلسفة والتربية الإسلامية.وبناء على ذلك يتحتم على مدرسي هذه المواد التنسيق فيما بينهم بشان توزيع الأدوار بشكل دقيق في إكساب التلميذ هذه الكفاية, ويجعل مدرسي الاجتماعيات في انفتاح مستمر على باقي التخصصات.
1-5 تمكن المقاربة الكفائية الاجتماعيات من تحقيق الأهداف الإخبارية والتكوينية في نفس الوقت.
يبدو أن دروس التاريخ لا تزال تروم تحقيق الجانب الإخباري, بعيدا عن اقتراح وضعيات تعليمية تصب في اتجاه تكوين المتعلم, بحيث تقدم المحتويات التاريخية بصورة مسبقة على المتعلم أن يحفظها كما وردت دون علم بنوعية الأدوات التي استعملت في بنائها, فالجانب الإخباري مهم, ولكن تغييب الجانب المنهجي خطا كبير في تدريس التاريخ, وبالتركيز على إكساب المتعلم الكفايات المنهجية في هذه المادة يمكن تحقيق الصنفين من الأهداف ( الإخبارية والتكوينية) فلماذا لا يتم تصور وضعيات يقوم فيها المتعلم بنفسه ( دون نسيان توجيه المدرس وقيادته للعمل) بالبحث عن الاخباروالمعلومات المتعلقة بالحوادث والوقائع التاريخية في إطار تقدم له فيه مساعدة على مستوى التوثيق بكافة أنواعه.وعلى مستوى منهجية العمل التاريخي, لنتمكن إلى جانب المحتوى التاريخي
( الكفاية الثقافية) إكسابه الحس التاريخي( الوعي بالسيرورة التي يفرضها انصرام الزمان(الكفاية الاستراتيجية).وكذلك إكسابه المنهجية والتقنية التي تجعل منه مؤرخا صغيرا بالسلوك لا بالتخصص(كفاية منهجية) (من خلال البحث عن الخبر وفهمه والتحقق منه).
ثانيا الصياغة الإجرائية لسيرورة تكوين الكفاية في مادة الاجتماعيات.
2-1 الكفايات بين مواصفات التربية والقدرات.
يتم تحديد غايات التربية بالانطلاق من دراسة الحاجيات(الطلب الاجتماعي والمهني) ويقصد بالمواصفات, الغايات والمقاصد الكبرى للتربية التي تستند على منظومات القيم الفلسفية والاجتماعية التي تتصف بالعمومية, وتعد المرجعية في كل مشروع يستهدف بناء التكوين باستحضار محور الوضعيات المهنية/ الاجتماعية التي نصبح إزاءها أكفاء.
وفي المقابل تبقى الكفايات(نوعية وممتدة) أهدافا تعليمية اقل عمومية بكونها ترتبط بالنظام التعليمي, وهي أهداف بعيدة المدى لمخطط تعليمي أو تكويني.
يتم تفكيك الكفايات إلى قدرات( وهي أهداف قريبة أو متوسطة المدى تسمح بيداغوجيا وفي البداية بتحديد المحاور التي سيعمل المدرسون والمكونون حولها, ويمكن تحديد القدرات بالاعتماد على مجالات التعليم والتكوين الثلاثة( معرفي-حس حركي-وجداني) وبذلك يكون المشروع البيداغوجي(كفايات/قدرات) امتدادا للمشروع التربوي(الغايات).
وهكذا يتم اشتقاق الكفايات والقدرات من الغايات والمواصفات.
2-2 التحديد الإجرائي لمعنى الكفاية.
يتم تجزيء الكفاية التي نتوخى إكسابها للمتعلم- سواء في مستواها الأقصى أو الأدنى إلى أهم القدرات المكونة لها باحترام مقتضيات التخصيص قصد التوصل إلى تحديد سليم ودقيق لأهم القدرات المكونة للكفاية المنشودة, لان الدمج بين تلك القدرات يؤدي إلى تكوين الكفاية المنشودة.
تكوين القدرة: تفيد القدرة عملية الدمج بين مجموعة من المهارات التي يتم تكوينها عند المتعلم.فالقدرة مثلا على تحويل المعطيات الرقمية إلى مبيان مناسب تتطلب مجموعة من المهارات(تحديد السلم المناسب, تحويل الأعداد الجزئية) في علاقتها المدمجة تعيد في تكوين القدرة على رسم مبيان.
تكوين المهارة: تكون المهارة مرحلة أو جزء من القدرة وهي بذلك تعد احد المكونات الرئيسية للقدرة, ولتكوين مهارة معينة يتحتم تفتيتها إلى مجموعة من الإنجازات الذرية باعتماد عملية التخصيص.
الإنجاز: سلوك ظاهر قابل للملاحظة والقياس ويعد مؤشرا على تحقيق المهارة والإنجازات تتخذ هيئة اداءات محددة تقترب في صياغتها من أساليب أهداف خاصة أو إجرائية.
2-4 أمثلة عن كيفية اجراة الكفايات في مادة الاجتماعيات
إن اجراة الأهداف(الإنجاز) والعمل على تحقيقها يرمي أساسا إلى تحقيق الكفاية في مرقى من المراقي التعليمية, فكما تمت الإشارة في جذاذة درس الفلاحة والصيد البحري في المغرب, نجد أن مدرس الاجتماعيات يقوم بحصر الكم المعرفي في هذا الدرس ويصنفه مثلا إلى مصطلحات جغرافية مثل:أراضي الكيش, أراضي الاحباس, أراضي الجموع
أراضي الدولة, أراضي الملك الخاص. ثم النظام العقاري, البنية العقارية, المردود الفلاحي
فهو يضع بذلك اللبنة الأولى لحصول مستوى من مستويات الكفايات الثقافية في مادة تخصصه.فالكفاية الثقافية لا تتحقق في درس واحد أو في سنة واحدة أو في نهاية سلك معين, بل تبقى قدرات التلاميذ على التحصيل مفتوحة لا نهاية لها(قابلة للنمو والاغتناء)
وعندما يدرب المدرس التلاميذ على تقنية رسم الخرائط وتحويل الجداول الإحصائية إلى مبيان قطاعي وغيرها, يساهم أيضا في استدراج التلاميذ نحو إكسابهم بعض الكفايات التكنولوجية(تحويل النسب المئوية إلى درجات)
2-5 تقتضي بيداغوجية الكفايات اعتماد طرق فعالة ونشيطة في عملية التعلم.
- على مدرس الاجتماعيات أن يعتمد الطرق الفعالة النشيطة التي تتناسب مع مدخل الكفايات والتي تترك للمتعلم فرصة التعلم الذاتي, وتحقق أهدافا اجتماعية مهمة مثل الاعتماد على الذات والقدرة على اخذ القرارات, وتتعدد الطرق البيداغوجية التي ينصح بها منظرو هذه البيداغوجية, وفي مقدمتها طريقة حل المشكلات.
- تتأسس بيداغوجية حل المشكلات على الخطوات الأساسية للتفكير العلمي وهي تحديد المشكلة, صياغة الفرضيات, اختيار وتمحيص الفرضيات والإعلان عن النتائج.ويمكن اعتماد مثال عن الدرس السالف الذكر-الفلاحة والصيد البحري في المغرب- على الشكل التالي:
· المقطع الأول: طرح المشكلة:إثارتها,الاحاطة بها.
الوضعية الإشكالية: رغم هيمنة الحبوب(60% من مجموع المساحة
الصالحة للزراعة) على باقي المنتوجات,فان المغرب لا يحقق الاكتفاء الذاتي.
· المقطع الثاني: صياغة الفرضيات(توزيع التلاميذ إلى مجموعات) مع طرح أسئلة
تحفيزية. مثلا: ما العوامل السؤولة على ذلك؟
العوامل الطبيعية/ الأساليب والتقنيات المستعملة/ النظام العقاري والبنية العقارية/
الاختيارات السياسية/نمط عيش المغاربة(الاعتماد على الحبوب في التغذية اليومية)
· المقطع الثالث: تمحيص الفرضيات:التأكد من صحة الفرضيات بعد المناقشة الجماعية
حث التلاميذ على الرجوع إلى المصادر والمراجع بما فيها المعلومات الواردة في
الكتاب المدرسي.
· المقطع الرابع: يصدر التلاميذ حكما ايجابيا أو سلبيا على الفرضية المقترحة
استنادا إلى النتائج التي توصلوا إليها
استنتاج : إن الهدف من اكتساب التلاميذ كفاية منهجية من خلال بيداغوجية حل المشكلات
(عدم تحقيق المغرب اكتفاءه الذاتي من الحبوب) ليس هو المعرفة في حد ذاتها(معرفة الأسباب) وإنما إكسابه منهجية التعامل مع المشاكل في وضعيات أخرى بما فيها حياته الخاصة.
2-6 يتم تحديد المحتويات انطلاقا من الكفايات المراد إكسابها للمتعلم
- تعد الكفاية احد المبادئ المنظمة للتكوين, وبالتالي إزاحة منطق عرض المحتويات.بحيث تصبح الكفاية هي سيدة القرار في تصور تكوين معين وتمارس بذلك وظيفة الفرز وانتقاء المعارف سواء داخل المادة الواحدة أو في إطار مواد متعددة, و بالتالي يتم التركيز على منطق إكساب المفاهيم للمتعلم وإنجاز المهام لحل المشكلات في وضعيات متنوعة, فانطلاقا من الكفايات نختار المحتويات, والمفاهيم المدمجة ومن خلال هذه الأخيرة نجدد الأنشطة الإجرائية.فعلى سبيل المثال:إذا أخذنا الدرس السابق: إذا كانت الكفايات المستهدفة منهجية وتكنولوجية يجب أن يبين المحتوى مدعما بمجموعة من الوسائل التي تساهم في تحقيق هذا النوع من الكفايات.
2-7 تتطلب بيداغوجية الكفايات فهما آخر للتقويم.
- ينصح في هذه البيداغوجية اعتماد التقويم التكويني والابتعاد عن الاختيارات التقليدية
- الانطلاق من جدول التخصيص باعتباره أرضية أساسية لكل عملية التقويم تقترب من الموضوعية لكونه يحدد صور الكفايات والمهارات والقدرات ومستويات الإنجاز المراد تحقيقها بالنسبة لكل كفاية,وبالتالي إبراز الأهمية المخصصة لكل جانب من جوانب الكفاية أو المهارة.
- يتحتم أن تكون المعايير المعتمدة في تقويم إنجازات التلميذ مبنية على منطلقات يحاسب فيها على قدراته الثقافية(المعرفة) والتواصلية(التمكن من اللغة) والمنهجية(تحليل-تركيب)
والتكنولوجية(مدى تمكنه من تقنية رسم المبيانات والخرائط) والاستراتيجية(إدراكه لمفهوم الزمان والمكان)
- ادا كان السلوك يسمح باجراة الأهداف من الجيل الأول باعتباره قابل للقياس والملاحظة فان تقويم الكفايات في المقابل يعتمد على مؤشرات باعتبارها سلوكات قابلة للملاحظة بدورها لان الكفاية هدف معقد مكتسب ذاتي غير مرئي, لايمكن ملاحظته إلا بعد قيام التلميذ بسلسلة من الإنجازات في المادة تثبت توفره على القدرات المطلوبة والتي يتم تحديد مستوياتها مسبقا وبالتالي يعد المؤشر احد تمظهرات الكفاية.
* يمكن اقتراح نموذج مبسط لعملية التقويم في مادة الجغرافيا بالاستناد إلى جدول التخصيص
الكفاية الأساسية: رسم وتحليل المبيان القطاعي (10ن)
القدرات الأساسية
الإنجاز رقم1
الإنجاز رقم2
الإنجاز رقم 3
المجموع
رسم مبيان قطاعي(,5ن)
قدرة منهجية
تحويل النسب المئوية إلى
درجات مع تدوين الطريقة
المتبعة في ذلك(1ن)20%
اختيار الرموز
والمفتاح المناسبين
(1ن) 20%
مهارة الرسم
(3ن) 60%
(5ن)
100%
تحليل المبيان(5ن)
قدرة ثقافية
شرح المصطلحات:أراضي
الجموع/الكيش/الاحباس
(2ن) 40%
طبيعة الوضع العقاري بالمغرب
(1ن) 20%
اثر الوضع العقاري
على الإنتاج الفلاحي
(2ن) 40%
(5ن)
100%
استنتاجات
- إذا كانت الكفايات كمفهوم قد تبلور في الغرب لحاجات براكماتية اقتصادية اجتماعية وسياسية واضحة ومن تصور محدد للتلميذ المواطن في إطار مجتمع متعدد ومنفتح. فهل استيراد المغرب لهذه ا لبيداغوجية والحث على تطبيقها كمدخل في الميثاق الوطني للتربية والتكوين سيجعلها تتحقق تلقائيا في الفصول الدراسية؟
- ما الجهد المبذول في تكوين المدرسين الذين سيتولون التدريس بالاعتماد على مدخل الكفايات(باستثناء اللقاءات التربوية) خصوصا وان هذه المقاربة تستلزم عدة شروط في مقدمتها مدرسين مؤهلين ملمين بمبادئ البيداغوجيا الحديثة ديداكتيك تخصصاتهم المهنية إضافة إلى التجربة واتساع الأفق المعرفي.
- يتطلب الإصلاح كلفة مادية.إذ لايمكن الحديث عن مناهج تربوية مبنية على مقاربة الكفايات دون إحداث تغيرات فعلية على مستوى البنية التحتية وطرائق العمل(إعادة النظر في الزمن المدرسي, كيفية استعمال الفضاءات التربوية في المشروع البيداغوجي للمؤسسة, إعداد التلاميذ في الفصول الدراسية) بحيث يتطلب التدريس بالكفايات أقساما اقل اكتظاظا ومناخا مؤسسيا قائما على التعاون من اجل جعل المشاريع البيداغوجية قابلة للتنفيذ.
- ما مقدار الانسجام لدى الأطراف المكلفة بصياغة البرامج والتنسيق بين التخصصات والأسلاك التعليمية
- يتضح انه كلما انتقلنا من الدرجة العليا إلى الدرجة التي تليها في سلم مراتب القرار والمسؤولية كلما التبست الأمور أكثر, فماذا يتبقى من مدخل الكفايات الذي تؤطره الوثائق الرسمية في أعلى مراتب القرار( الميثاق الوطني للتربية والتكوين) عندما ينتهي به المطاف إلى الأقسام المغلقة حيث يواجه المدرس ركاما من العوائق البيداغوجية
تلك هي عينة من التساؤلات التي تحمل في طياتها دعوة للتأمل والمساءلة. فبدون مراعاة الشروط الفعلية التي تتضمن نجاح تطبيق واجراة هذه البيداغوجيا سيراوح في مكانها ولننتظر كل خيبات الأمل القادمة خلف الشعارات الحالمة التي تبشر بها المذكرات والمواثيق والتقارير المطولة التي تركن في رفوف الارشيفات ليدفنها الغبار والنسيان( والكلام لعبد الرحيم كلموني مفتش التعليم الثانوي)
_________________
[/td][/tr]