مسائل بيداغوجية تهم تدريس التاريخ والجغرافيا
تدريس مادتي التاريخ والجغرافيا و التمشيات البيداغوجية
ما نص عليه البرنامج العام لمادتي التاريخ والجغرافيا في هذا الجانب
التمشيات البيداغوجية هي من اختيار المدرس بالدرجة الأولى يحددها حسب حاجات القسم ومستوى المتعلمين ومهما تنوعت هذه التمشيات فإنها تقوم على المبادئ الجوهرية التالية : وهنا نتحدث عن طرق ومناهج متنوعة مهما اختلفت في شكلها فهي تلتقي في المحتوى والأهداف مع مراعاة الفوارق بين مستوى المتعلمين ( البيداغوجيا الفارقية ) مع مراعاة حرية المعلم في اختيار التوقيت الملائم وضبط الأهداف والطرق بما يتلاءم مع تمشي البرامج.
* جعل المتعلم محور العملية التربوية : خلافا لما كان سائدا في الطرق والمناهج القديمة التلقينية حيث يصبح المتعلم جوهر العملية التربوية يشكل عنصرا فاعلا في بناء المعرفة ( البنائية) ويلعب المعلم دور المنسق والمساعد على بلورة عملية التعلم .
* ضبط المدرس توزيعية سنوية لإنجاز البرنامج الرسمي : وهذه من أهم المسائل أيضا تترك للمدرس اختيار التوقيت الملائم كما تمكن من التدرج المنطقي في إنجاز وتوزيع الدروس على امتداد السنة ويمكن تقسيم هذه التوزيعية حسب الأسابيع والثلاثيات .
* ضبط المدرس أهداف الدروس انطلاقا من البرنامج الرسمي ( المقاصد ، التمشيات ، القدرات المستهدفة ، المحتويات المعرفية ).
* اعتبار المعلومات موارد لا تدرس لذاتها بل تكون في خدمة مقاصد المادة والقدرات المستهدفة في اتجاه التركيز على التعلمات الأساسية وتجاوز الصبغة الموسوعية والتلقينية للدروس .
* اعتماد الإدماج لتجاوز تجزئة المعارف والقدرات والمهارات حتى تصبح المكتسبات موظفة توظيفا ناجعا .
* إضفاء معنى على التعلمات لدعم دافعية التعلم لدى التلاميذ
* التركيز على المتعلم في استثمار الوثائق في أنشطة متنوعة باعتبارها أساسية في بناء المعرفة التاريخية/الجغرافية والتعلم الذاتي .
* دعم الأنشطة التطبيقية في عملية التعلم بما يمكن التلميذ من اكتساب المهارات التي تحتاجها المادة .
* توخي تمشيات تعليمية - تعلمية تراعي الفوارق بين المتعلمين
* تشجيع أنشطة التوسع والإثراء مثل إنجاز بحوث وملفات والقيام بتحقيقات وزيارات ميدانية والتعامل مع مصادر تاريخية/ وثائق جغرافية متنوعة وتوظيف الوسائل التكنولوجية الحديثة.
* اعتبار التقييم عملية ملازمة للتعلم ( أي أنه يتم مثلا في بداية السنة و قبل بدء الدرس وبعد كل عنصر وأثناء التمارين والفروض والتمرين الشفهي وفي نهاية السنة ....) وهو يشتمل على التقويم التشخيصي في بداية كل تعلم جديد للوقوف على مكتسبات التلاميذ وعلى التقويم التكويني أثناء التعلم بهدف إدخال التعديلات المستوجبة من خلال تحليل النقائص والأخطاء ومعالجتها .
تستدعي هذه التمشيات من المدرس أخذ مبادرات وقرارات بصفة حرة و مسؤولة لمعالجة وضع مستجد وإدخال التنويعات البيداغوجية الضرورية بحسب اختلاف حاجيات المتعلمين .
القدرات المستهدفة في مادة التاريخ
1- يمثل المتعلم الخصوصيات الحضارية والتحولات التاريخية الكبرى وإسهاماتها في بناء الحضارة الإنسانية .
* يتعرف إلى إشكاليات الحاضر بدراسة الماضي :
- يطرح التساؤلات- يحدد الحضارات الماضية في الزمان والمكان .- يختار المدخل الوجيه - يتموقع في الزمان والمكان ( ترتيب الأحداث وتحديد الحقبات ، ربط الأحداث والمعالم والشخصيات والظواهر بتواريخها ...)
* يتعرف الى الخصوصيات الحضارية والى التحولات التاريخية الكبرى :
- يعطي معنى للقطيعة والتواصل .- يحسن توظيف المفاهيم التاريخية .- يحدد الأطراف الفاعلة والظواهر التاريخية التي لها علاقة بالإشكاليات المطروحة .- يحدد مظاهر التواصل والتراشح بين الحضارات .
2- يفسر المتعلم الأحداث والظواهر التاريخية باعتماد منهجية المؤرخ .
* يتعامل مع الأثر التاريخي بأنواعه :
- يتعرف الأثر التاريخي بأنواعه .- يساءل الأثر ويستنتج المعطيات ...- يبرز أهمية الأثر التاريخي .
* يفهم الأحداث والظواهر التاريخية في أبعادها المختلفة :- يحدد خصائصها .- يبحث عن أسباب مفسرة ويحدد العلاقات بينها .- يضبط النتائج .- يقدر على التنسيب .
* يقيم الأحداث والظواهر التاريخية :- يضبط مقاييس وجيهة .- يميز بين ماهو هيكلي وماهو ظرفي وماهو رئيسي وثانوي
- يبني موقفا.
حول تدعيم طرق تدريس مادتي التاريخ والجغرافيا
1-التاريخ والجغرافيا وثورة المعلوماتية
لاشك أن ثورة الاتصال اليوم من أبرز الظواهر التي تميز عالمنا المعاصر والتي طغت على سلوكيات البشر حتى أصبح العالم عبارة عن غرفة مقسمة يتواصل فيها الأفراد بأحدث المعدات التي تتطور أكثر من كيفيات استعمالها والتحكم في كليات ما تتضمنه من أساليب وتقنيات. تعتبر الانترنات بدلالاتها الإيجابية مجالا خصبا للبحث والتطوير عبر ملايين المواقع التي تطالعك يوميا بالجديد في ميادين لاحصر لها .
توفر الإنترنت فرصاً عديدة لتعليم المهارات الأساسية للدارسين مثل كيفية الحصول على كم هائل ، من مصادر متعددة ، وفى مجالات متنوعة ، وكذلك الحصول على كم كبير من المعلومات والبيانات والأرقام والإحصائيات ، واستكمالها ، ومتابعتها ، والاتصال بقواعد المعلومات ومحركات البحث وأرشيفات العديد من المنظمات ( منظمة الأمم المتحدة والمنظمات المنزوية ضمنها ... كمثال ) والشركات والمكتبات ، والاستفادة من أدواتها المتعددة ، وكذلك تساعد في تعليم مهارة البحث الذاتي عن المعلومات والبيانات والإحصائيات ، وكيفية التحقق من مصداقيتها وتقييمها ، وتحليل المعلومات والوثائق ، كما أفرزت الإنترنت مهارات ضرورية مثل تقييم المعلومات وتحليلها ونقدها وصياغتها في صور رقمية متنوعة الأشكال ، والمقدرة على التعامل مع الكم المعلوماتى المتدفق ، وكيفية دمج المعلومات من مصادر إلكترونية متعددة ، وتطوير أساليب الكتابة ، فضلا ً عن استحداث أشكال اتصالية جديدة مثل عقد المؤتمرات عن بعدVidéo Conférence ، ، وجلسات التخاطب بواسطة الشات أو المنتديات ، والبريد الإلكتروني ، والقوائم البريدية ، وهى مهارات أصبحت أساسية في التعليم . كما أن تعليم الدارس مهارة جمع المعلومات المتوافرة على الإنترنت ، وتقييم المعلومات وتحليلها ، والتعريف بإمكانيات الشبكات والخدمات الإلكترونية الفورية ومحتوياتها ، والمراجع والقواميس والموسوعات وقواعد المعلومات ، والوثائق ، والإحصائيات والمكتبات الإلكترونية ... ، وتعريفه بمعلومات خلفية ذات مضامين متنوعة عن دولته وعن دول أخرى وعمل تقارير ونماذج عن صناع الأحداث ، وتطوير وسائل جمعه للمادة ، وطرق التقائه بمصادره .
تتعدد الفوائد التى يمكن أن تقدمها الإنترنت في التعلم والتدريس ، فهى توفر تقنيات جديدة في توصيل المعارف والمهارات ، وكذا الاستفادة من دروس وبرامج وخطط المؤسسات والجامعات المعنية بتطوير العمل التعليمى باستخدام الوسائل الجديدة .كما تتمتع بطبيعة تعليمية متميزة تتمثل في الجرافيكس ، والصوت والصورة والرسوم والألوان ، وهى أدوات تيسر عملية الشرح والتوضيح ، كما تتسم بالتفاعلية بين المرسل والمستقبل ، والقدرة على تلقى الدرس عن بعد ، والقدرة على تخزين واسترجاع مادة الدروس بسهولة ، فضلاً عن كونها وسيلة محفزة للتلاميذ على البحث والدرس الذاتي ، وتطوير الحواس والمهارات لديهم ، مع إمكانية الاستفادة منها والتعلم من أكثر من موقع تعليمى عن ذات المادة العلمية ، كما توافر إمكانية التعليم المستمر ، وكذا الاتصال بين التلاميذ وبين أساتذتهم : كمثال مثل هذا الموقع وسيلة اتصال وتواصل مع التلاميذ وكذلك مع الأساتذة من مختلف أنحاء البلاد وكذلك الدول العربية .
إن مادتي التاريخ والجغرافيا غير منفصلتين تماما عن هذه المتغيرات في أبعادها المفيدة لأننا نلحظ كما هائلا من المراجع الثرية والمكتبات الإلكترونية التاريخية والجغرافية وكذلك الإحصائية والخرائطية والصور باختلاف مواضيعها ....الخ تلك المعطيات من الواجب توظيفها في عملية التدريس أضف إلى ذلك مايمكن إنتاجه واستخدامه أيضا .
إن واقع تدريس مادة الجغرافيا مثلا يفرض على المدرس مواكبة المعطيات الإحصائية المتجددة باستمرار من مصادرها الأصلية الموثوق بها في عملية التدريس أضف إلى ذلك الكم الهائل من الخرائط الموضوعية الموجود بصفحات الواب عبر البحث المستمر وصور الأقمار الصناعية والأطالس المتنوعة وغيرها...أما مادة التاريخ فالواب ثري بالكتب الإلكترونية التاريخية المتنوعة وكذلك الخرائط التاريخية وهي من أهم المراجع التي يعود إليها المدرس لتجميع المصادر والروافد الهامة التي يمكن توظيفها إضافة إلى الزيارات الميدانية لأشهر المتاحف العالمية عبر الانترنات والإطلاع على أهم محتوياتها وتوظيف ما فيها لإدماج المتعلم وتقريبه من الحقبة التاريخية محور الدرس .
من الضروري أن يكون المدرس مواكبا لهذه التحولات العميقة والمتنوعة في أبعادها حتى يكون في حجم التحولات التي تشهدها المدرسة خاصة وأن أغلب المتعلمين اليوم مواكبين لهذه التحولات وبالتالي يجب أن يرتقي المدرس إلى موقع المرسخ والمثري لهذه التحولات وحتى يتجاوز مرحلة المعلم التقليدي خاصة وان التجارب أثبتت دور الوسائل السمعية البصرية الفعال في تعويد المتعلم على الإبداع والإثراء وفهم المسائل بطرق أكثر تعبيرا وإثراء .
لا يمكن لأي باحث أو متعلم أن يحذق هذه الاستعمالات دون معرفة جيدة بخبايا اللغات الأجنبية وخاصة الإنجليزية التي تعد لغة أساسية في عملية التعلم والتواصل وبالإمكان توظيف الأنترنات في تعلم هذه اللغة بصفة بنائية متدرجة .
2- طرق توظيف الأنترنات:
أ- البحث : تجميع المعطيات المتنوعة : خرائط - رسوم بيانية - كتب الكترونية - إحصائيات - ... ويتم ذلك بالالتجاء إلى أشهر محركات البحث وهي متنوعة وأشهرها : Google - Altavista - Yahoo - Excite - Lycos - ...ويتم البحث باعتماد كلمات مفاتيح تهم الموضوع المراد البحث فيه : مثال : كتب+ الكترونية / خريطة العالم / أو عنوان موقع تريد البحث عنه أو حسب البلد وكلما كانت الكلمات الموضوعة أدق كان الوصول أقرب إلى مجال البحث كما أم المحرك يمدك بصفحات تهم المسالة التي تبحث عنها ضمن مئات المواقع وما عليك إلا الاتجاه إلى الموقع الأكثر تعبيرا.
ب- التجميع والانتقاء: يتم تجميع المعطيات وتصنيفها وانتقاء ماهو موضوعي منها والأقرب إلى التوظيف وتكوين مكتبة الكترونية يتم تصنيفها حسب مجالات متنوعة والالتجاء إليها كمصادر هامة كما أن طرق البحث تمكن أيضا من تصنيف محركات جديدة للبحث تهم المواقع الأكثر موضوعية حسب المواضيع التي تتناولها .
ج- التعامل مع المعطيات : يكون بحذر إذ لابد من انتقاء المصادر المعرفية والوسائل البيداغوجية والمراجع الإلكترونية بمختلف أصنافها والتثبت من دقة وصحة المعطيات المطروحة ومصداقية المراجع وفي موقعنا التاريخ والجغرافيا تتوفر جملة هامة من الروابط المعرفية لأمهات المصادر التاريخية والجغرافية بالإمكان الاستفادة منها في إنتاج الوسائل التعليمية كمثال بناء خرائط مركبة بواسطة برمجية فلاش أو بواسطة الكوريل دراو أو الفوتوشوب وتحيين الإحصائيات وانشاء الرسوم البيانية بواسطة برمجية إكسال ....
د - الإنتاج : يكون بعد التثبت في صحة المعطيات المطروحة وخاصة في مجال الإحصائيات وبعد تجميع المعلومات التاريخية والجغرافية يتم إنتاج مواد ووسائل تعلمية متنوعة منها الخرائط الجغرافية التي تهم عدة ظواهر والرسوم البيانية والجداول الإحصائية وغيرها ضمن مواقع تعنى باستثمار المعطيات للوصول إلى طريقة تعلم أمثل .
3 - إشكالية التعلم عن بعد في عالمنا الحاضر ومستقبلا :
أصبحت الدول اليوم أكثر استثمارا في مجال التعليم وبلادنا تونس قد قطعت شوطا كبيرا في هذا المجال، بعد أن احتلت صناعة البشر أعلى الهرم بصفتها أهم الصناعات فى عصر المعلومات .لذا فإن دعم العملية التعليمية تطلب توفر مناخ تعليمي ملائم يعي الإمكانيات الحديثة لأسلوب التعليم عن بعد وتكنولوجيا الوسائط المتعددة والمعامل الافتراضية والمكتبات الرقمية لتحسين المتغيرات المستقبلية لمنظومة التعليم ورسم صور واضحة لها ، للوصول بالمتعلمين إلى القدرة على مواكبة العصر وتحقيق التنمية عموما بما فيها التعليمية .
أ- نظم التعليم اليوم : تونس نموذجا: إن نظم التعليم عن بعد من خلال شبكات الحواسيب المرتبطة ببعضها تقوم على نهج عام تنزوي ضمنه مجموعة من المناهج التعليمية المتطورة في صورة الكترونية، بحيث يمكن للدارسين والباحثين والمدرسين الوصول إليها والاختيار بينها وهناك نموذج آخر يسمى النموذج المركب . والتعليم عن بعد إحدى الوسائل المهمة لثورة الاتصالات والتكنولوجيا في نقل المعرفة واستخداماتها لتطويعها وتوظيفها فى تنمية قدرات المتعلمين وإتاحة بنية جديدة للاتصال لعالم التكنولوجيا والمعلومات بين الأفراد وبين جميع مصادر المعرفة فى كل مكان تصل إليه هذه الشبكات ، وفى هذا الإطار قطعت بلادنا شوطا كبيرا في مجال ثورة المعلوماتية والاتصال عن بعد في أبعاده المختلفة بما فيها التربوية بهدف تنمية وتطوير الموارد البشرية التي تتناسب مع مستحدثات العصر وتوفير الأساليب الحديثة للتعليم والتدريب والدراسة بالإضافة لكونها وسيلة يمكن من خلالها كسر حاجز الزمان والمكان بين الدول ، وتعظيم الاستفادة من التكنولوجيا لتطوير القدرات في الوقت المناسب ، ودعم الحوار والمناقشات وتطوير ونشر المعلومات وتفعيل سبل التعاون والتواصل المعلوماتية وجعلها أكثر قربا ، بما يجعلها أكثر قدرة على التواصل العالمي والفكري في جميع المجالات بغض النظر عن الموقع الجغرافي وفروق الزمن . كما أتاحت عبر شبكات التعلم عن بعد ونظم المعلومات للمتعلم الاتصال المباشر والتداول مع المعلم بصفة دورية ومنتظمة ، كما تتوافر المعلومات والصور والتسجيلات عبر الشبكة إلى جانب عقد اللقاءات والمحاضرات والمؤتمرات الحية وإتاحتها للتداول المباشر عبر شبكات الاتصالات باستخدام نقل الصورة والصوت في ذات الوقت ، بما يتيح التواصل بين المعلم والمتدرب ، ويؤكد التفاعل المستمر بينهما أثناء مراحل التعليم والتدريب المختلفة .
إن إنشاء شبكة إدونات ، بإشراف وزارة التربية والتكوين مجسدة في المعهد الوطني للمكتبية والميكرواعلامية وفر للمربين والتلاميذ وأصحاب القرار ما يحتاجونه من معلومات وتصورات وخطط عمل وقواعد بيانات تقوم على تكنولوجيا التعليم المستمر ، هذا بالإضافة الى العديد من المراجع والمواقع والمقالات والمؤتمرات التي تناولت ذلك المجال الحيوي الذي يطلق عليه إجمالا ، التعليم عن بعد والتعليم الالكتروني إضافة إلى المدارس والجامعات الافتراضية ولا شك أن هذا التحول أتاح لتونس ، التواصل المستمر مع مصادر العلم والمعرفة والدخول في مجتمع وعالم المعرفة ، كما أن التعليم عن بعد يسند إلى :
- ذاتية التعليم ، فالمتعلم يحصل على ما يريد من علم ومعرفة ويتعلم بالطريقة الملائمة له .
- حرية الاختيار حيث يتيح التعلم عن بعد بدائل متنوعة أمام المتعلم والمعلم إتمام العملية التعليمية وتحقيق أهدفها النهائية المرسومة
- تنوع الأساليب ، فالتكنولوجيا العصرية في تصميم الشبكات والمواقع والجامعات والمدارس الافتراضية يتيح للمعلم أن يستخدم العديد من أساليب العرض ، والتقديم بما يمكنه من تنشيط المتعلم وعدم الاعتماد على حاسة واحدة .كما أن انتشار هذا النوع من التعليم وترسيخه قد احتاج إلى وضع خطة متكاملة للتهيئة والتحسيس بأهميته ،وهو قد بدأ من مدارسنا في إطار تهيئة وتكوين مستمرين للمعلمين والأساتذة والتلاميذ باعتبار أن تدريس مادة الإعلامية قد شمل مختلف المستويات الأساسية والإعدادية والثانوية سعيا إلى إبراز مزايا هذا النوع من التعليم ، صاحبه تدعيم وتطوير للمناهج الدراسية فضلا عن تهيئة الكوادر المتخصصة في مجال التعلم عن بعد .
ب- علاقة المعلومات بالإبداع : إن الإبداع يعتمد على المعلومات الموجودة وطرق الوصول إليها وفهمها ، ولكي يتحقق لا بد أن تصل هذه المعلومات إلى الفرد المبدع الذي يقوم بصياغتها من جديد ، ومن هنا تأتى الأهمية القصوى لتداول المعلومات في المجتمع ، بالنسبة لجميع الناس وعلى الأخص بالنسبة للجيل الجديد من الأطفال الذين يعدون العناصر التي تنتظر منها حين تنضج أن تسهم إسهاما فعالا في الإبداع بكل صوره بحكم تقدم المعارف الإنسانية . وتداول المعلومات في المجتمع يقتضى ثورة ثقافية كاملة ، تتعلق بنشر المكتبات ومراكز المعلومات في كل مكان لتشجيع القراءة .واليوم مع تدعم الارتباط بشبكة الانترنات التي شملت عددا ضخما من المدارس والمعاهد وما أدت إليه من نمو في الاتصال والتواصل ، أصبحت هذه الشبكة هي الوسيلة الرئيسية لتداول المعلومات في كل المجالات والأنشطة التربوية، ويسمح البريد الالكتروني بالاتصال المباشر بين البشر مبدعين أو غير مبدعين ، إضافة إلى النقاش المباشر على الشبكة . والتي تسمح للمبدعين في مجال معين من الاتصال عالميا بزملائهم في مختلف أنحاء العالم ، وهو ما يجعلنا ندرك الفرص التربوية والخبرات المتاحة في عصرنا لا مثيل له كما وفر لنا " طريق المعلومات السريع " وصولا كاملا لمعلومات لا حصر لها ، في أي زمان ومكان نرغب فيهما في استخدامها وما يدعوا للبهجة حقا هو أن وضع هذه التكنولوجيا موضع التطبيق من أجل تحسين التعليم نتجت عنه منافع كثيرة في كل مجالات التربية والتعليم . لذلك فان إيجاد نظام شبكي خاص متعدد الوسائط من الكمبيوترات في شبكة واحدة وتوصيلها بخطوط عالية السرعة وربطها بالانترنت ، وتدريب المدرسين على استخدام الحواسيب الشخصية و على استخدام البريد الالكتروني والانترنت أدى إلي نتائج كبيرة وملموسة من أهمها وجود نظام مدرسي مهيأ لتغيرات أساسية في مناهج التدريس والمكثف في الوقت ذاته للتكنولوجيا في المدارس والمعاهد خلق مجتمع تعلم حقيقي يعزز فيه ويدعم دور المدرسة وتتمثل إحدى الفوائد الأخرى للتعلم بمساعدة الكمبيوتر في الطريقة التي سينظر بها العديد من التلاميذ إلي الاختبارات ، فالاختبارات تمثل في الوقت الحاضر ، عامل إحباط بالنسبة إلي الكثير من التلاميذ فهي ترتبط بالشعور بالتقصير : " لقد حصلت على درجة سيئة " ، أو " لم يسعفني الوقت " أو " لم أكن مستعدا " وبعد مدة ربما فكر العديد من التلاميذ الذين لم يجروا جيدا الامتحانات : ربما كان من الأفضل التظاهر بأن الاختبارات ليست مهمة بالنسبة لي ، لأنني لن أستطيع أبدا أن أجتازها بنجاح ، والواقع إن الاختبارات يمكن أن تولد لدى التلميذ موقفا سلبيا تجاه التعليم كله . غير أن الشبكة المعلوماتية تتيح للتلاميذ أن يمتحنوا أنفسهم في أي وقت في جو خال من أي مخاطرة ، ويمثل الامتحان المدار ذاتيا شكلا من أشكال استكشاف الذات ، إن عملية الاختبار ستصبح جزءا إيجابيا من عملية التعليم . ولن يستدعى خطأ ما تأنيا قاسيا ، بل سيحفر النظام إلى مساعدة التلميذ على التغلب على سوء فهمه ، وإذا استعصى أمر على تلميذ ما فسوف يقوم الكمبيوتر بشرح الظروف للمدرس . وستكون هناك خشية أقل من الاختبار الرسمي ومفاجآت أقل ، إذ أن الامتحان الذاتي المتنامي باستمرار سيكسب كل طالب إحساسا أفضل أين يقف بالضبط ." سيمثل التعلم باستخدام الكمبيوتر نقطة انطلاق نحو الاستفادة المستمرة من الشبكة المعلوماتية وسيقوم مدرسو المستقبل المتميزون بما هو أكثر من تعريف التلاميذ كيفية العثور على المعلومات عبر الشبكات وسيكون بإمكان التلاميذ من كل الأعمار وعلى اختلاف قدراتهم أن يتعاملوا بصريا مع المعلومات وأن يتفاعلوا معها ، وهكذا سيصبح بإمكان " فصل دراسي " يدرس الطقس في مادة الجغرافيا على سبيل المثال ، أن يرى صور أقمار صناعية محاكية مبنية على نموذج لظروف إرصادية افتراضية ، وسيطرح التلاميذ أسئلة مثل ما الذي يحدث لطقس اليوم التالي لو زادت سرعة الرياح 30 كلم في الساعة ؟ سيقوم الكمبيوتر بتحليل النتائج المتوقعة اعتمادا على برنامج محدد ومعلومات محددة ، عارضا على الشاشة المنظومة الطقسية المحاكية كما تبدو من الفضاء ، ومن ثم فإن تحويل المجتمع إلى مجتمع المعلومات سيؤثر تأثيرا كبيرا على الإبداع مع الدخول أيضا في منظومة اقتصاد المعرفة التي تميز المجتمعات المتقدمة.
ج- المعلومات وتطوير المدارس : نحن نعيش في خصم ثورات متعددة ومتداخلة مثل الثورة المعلوماتية والاتصالية والمعرفية وواكبها الثورة الاقتصادية التي غيرت مفاهيم التعاملات الدولية كلها وترتبط بالانفتاح الاقتصادي والمنافسة الحادة ، وهو ما يسمى بقوى العولمة ، ونحن في عصر جديد ، من سماته أن نوعية سوق العمل ستختلف وستركز على القدرات الذهنية والمهارات العقلية بصورة تتلاءم مع الاتجاه إلى اقتصاد المعرفة وتغير مفهوم الوظيفة بالتالي ، ومن ثم ركزت البرامج التعليمية والبحثية عن تنمية وتطوير الصناعات الالكترونية وتنمية واستخدام تكنولوجيا المعلومات والمواد الجديدة ذات الخصائص الفائقة والهندسة الوراثية ، والتكنولوجيا الحيوية وتأكيد الجودة ورفع القدرة التنافسية .
إن ثورة المعلومات والتكنولوجيا في العالم تفرض علينا أن نتحرك بسرعة وفاعلية لنلحق بركب هذه الثورة لأن من يفقد في هذا السياق العلمي والمعلوماتى مكانته سيفقد إرادته ، ولذا لا بد أن نفكر بطريقة عالمية ونتصرف بطريقة محلية ، إن هذا الأمر يتحتم معه مواجهة هذا التحدي والتعامل مع معطياته حتى يمكن لأبنائنا التسلح بلغة العصر الجديد ومفاهيمه وآلياته بالقدر الذي يؤهلهم للتعامل الجيد مع آليات العصر واحترام الوقت واستثماره والقدرة على التكيف مع الظروف المحيطة . ثم إن الارتباط بين المعلومات التي يستقيها الإنسان ومكونات الحياة نفسا هو الطريق الطبيعي والمدخل الحقيقي لاستيعاب المعرفة والتفاعل معها والتأثر بها ، ومع أن المعلومة بالنسبة للإنسان كانت منذ البداية هي أهم مكوناته المميزة لوجوده بين الكائنات الأخرى من حوله ، إلا أن هذا التنبه بهذه الأهمية والاستجابة لمتطلباتها لم يصل من قبل إلى هذه الدرجة التي شهدها في العصر الحالي . ومن الضروري أن يتعلم التلاميذ أن الساعات التي يقضيها في المدرسة أو المعهد مع الأساتذة لابد أن ينفق ضعفها باحثا عن مصادر أخرى يقرأها في المكتبة للمقارنة بين ما يجده فيها وما يسمعه في الدرس ، وكذلك قائما بتجاربه العلمية أو الملاحظات الميدانية . ثم إن الوسائل التعليمية السمعية البصرية في التعليم إضافة إلى تحفيز روح البحث لدى المتعلم كفيلان بخلق جيل متعلم قادر على مواكبة المتغيرات .
د- التقنيات التربوية : تقنيات التربية هي التكنولوجيا التي تهتم بجميع جوانب العملية التربوية كعملية متكاملة الجوانب ، هي تشمل الأفراد من معلمين ومتعلمين وفنيين وإداريين والمواد التعليمية والمعلومات بمتطلباتها من نظريات ومهارات واتجاهات عملية وتنظيماتها كمناهج دراسية تخضع في إعدادها لعمليات تخطيط وتصميم وأساليب عمل وإنتاج ويستخدم في تدريسها الأدوات والأجهزة التعليمية مع توظيف البيئة المحيطة بموقف التعلم ، ثم تحليل النتائج التعليمية كاملة وتحديد المشكلات التي تواجهها واقتراح الحلول المناسبة لها . وتلعب تكنولوجيا التعليم دورا مهما في مجال التعليم ومواجهة المشكلات التي تعوق تحقيق أهدافه بمجالاتها المختلفة ، ومن هنا كانت إسهاماتها المتعددة في مواجهة التغيرات الاجتماعية والعلمية السريعة ومساعدة العملية التربوية على مواكبتها والتفاعل معها ومن هذه المشكلات :
* النمو السكاني والحضري : ساهما في إعداد نظم تعليمية حديثة وأشكال جديدة من التعليم يمكن أن تتكيف مع المشكلة ، حيث استنباط أنواع جديدة من التعليم ، منها التعليم عن بعد والتعليم المفتوح ، مع تغيير دور المعلم من المصدر الرئيسي للمعرفة إلى منظم وموجه للعملية التعليمية ب- الانفجار المعرفي : الذي أوجب على التعليم ضرورة استيعاب الزيادة المتلاحقة في المعارف المختلفة رأسيا وأفقيا من نظريات جديدة كل يوم وبحوث عديدة نتيجة لما أحدثته في زيادة موضوعات الدراسة في المادة الواحدة ، وقد استلزم ذلك بروز دور جديد لتكنولوجيا التعليم من أجل التوصل إلى الحديث من المعارف والأبحاث وتنظيمها وتحديد أنسب الطرق لمعالجتها وتقديمها للطالب وتدريبه على كيفية التعامل معها .
* مشكلة الأمية : وهي محدودة في بلادنا رغم أنها تطرح اليوم من منظور القدرة على التحكم في الحاسوب وتعلم مبادئه ، وهذه المشكلة تقف عائقا أمام عمليات التنمية والتقدم وهنا واجهت تكنولوجيا التعليم في بلادنا هذه المشكلة بالتقنيات الحديثة ، إضافة إلى تعميم برامج التعليم الموجه للكبار ومحو الأمية ، وذلك من أجل التغلب على مشكلات عدم القراءة والكتابة .
* تنوع مصادر المعرفة : لم يعد التقدم العلمي حكرا على البلدان المتقدمة فقط ، بل إن الاكتشافات المعرفية تبرز كل يوم في بلدان متعددة ، وظهرت الحاجة للتعرف على مكانه وسبل نشرها، ومن هنا وجدت أدوار جديدة لتكنولوجيا التعليم ، وتقنياتها الحديثة التي لا تعتمد على الكتاب المدرسي فقط في نقل المادة العلمية ، بل هناك من المصادر الكثير لتقديم المعارف إلى الطلاب في أماكن وجودهم ، مثل ما يبث بواسطة الأقمار الصناعية لبرامج تليفزيونية مفتوحة وخطية ، إضافة إلى الاسطوانات الليزرية والتسجيلات السمعية والبصرية المختلفة .
* تراجع كفاءة العملية التربوية : من حيث محدودية مستوى بعض الخريجين ، وكذلك مستوى المدرسة في بعض البلدان ، ولمواجهة ذلك أصبحنا نرى الدوائر التليفزيونية المغلقة في الجامعات والاعتماد الأكبر على التعلم الذاتي واستخدام إمكانيات التسجيلات والفيديو ، إضافة إلى المعامل متعددة الأغراض ومشاهدة البرامج التليفزيونية التي تساهم في إثراء العملية التعليمية . لقد حدثت ثورة في نطاق المعلومات وطرق تنظيمها وتبويبها وتوظيفها ، وهى ثورة لم يسبق لها مثيل من قبل ، فلأول مرة يتضاعف حجم المعرفة الإنسانية مرة كل شهر ، بل إن قدرة الكمبيوتر تتضاعف هي الأخرى كل 18 شهرا ، ويصغر حجمه إلى النصف خلال نفس الفترة أيضا ، ومع التغيير والتطوير الهائل الذي يجرى الآن على الميكروبروسيسيور ، القلب والمحرك للسوبر ، فإن احتمالات هذه الثورة تبدو لا حدود لها . وهناك الآن ما يسمى الذاكرة " الهولوجرافية " الذاكرة ذات الأبعاد الثلاثية ، التي تستطيع أن تخزن المعلومات في طبقات من الكريستال عن طريق تقاطع شعاعين من الليزر في زوايا مختلفة ، ويمكن أن يحتوى على ما يوازى 10 جيجا بايت في حجم قطعة صغيرة لا تتجاوز السنتمترين . وهناك الآن مجموعة من الشركات تتعاون في إنتاج " سوبر كمبيوتر " له القدرة على الفهم يسمى دائرة المعارف ويستطيع الإجابة على أي سؤال بإجابة مقنعة وعاقلة تدل على الفهم ويستطيع أن يستوعب المعلومات وأن يفهم ما يقال له ، وقد وصل الآن هذا السوبر كمبيوتر إلى القدرة العقلية لطفل في السادسة أو السابعة ، كما أنه يستطيع أن يقرأ الصحف ، ويرد على ا لأسئلة ويترجم من لغة إلى أخرى . مثل هذه الآلات العاقلة وآلات الترجمة الفورية والإمكانات الهائلة للسوبر كمبيوتر وإمكانية إنتاج صورة ثلاثية الأبعاد ، تضع أمام الناس احتمالات لم يسبق أن فكر فيها إنسان واستطاع الإنسان من خلال هذه الأجهزة الحديثة أن يجرى ملايين العمليات الحسابية في ثوان معدودة ، وأصبح الإنسان قادرا على أن يتوقع ويكتشف ويستشرف الاحتمالات المختلفة في عالم شديد التعقيد وفى أنظمة مركزية شديدة التشابك ، وأن يكشف الحلول المناسبة للمشاكل القادمة والسيناريوهات المعقدة مستخدما كل طاقاته . وفى مقابل هذه الثورة الاتصالية والمعلوماتية شهد العالم أيضا ثورة تكنولوجية هائلة ، وتلاحقت الاكتشافات التكنولوجية في جميع مجالات الحياة وتناقصت الفترات الزمنية بين الاكتشافات نظريا وتطبيقاتها العملية والصناعية ثم تسويقها تجاريا ، وأصبح الإنسان محاط بقدر هائل الاكتشافات التكنولوجية في كافة مجالات الحياة ، وأصبحنا نسمع الآن عن الكيمياء الإحصائية التي مزجت بين القدرات الهائلة للسوبر كمبيوتر وعلم الكيمياء والتكنولوجيا فائقة الصغر والذكاء الصناعي .
هـ) الثورة المعلوماتية والتكنولوجية والتعليم : ما من شك أن التعليم يعد استثمارا بشريا ، له مدخلاته وعملياته وأهدافه وتدخل التقنيات الحديثة في هذا الاستثمار لأنها تشكل منهجا منظما للعملية التعليمية ، ولذلك ازداد الاهتمام في السنوات الأخيرة بدور التكنولوجيا في هذه العملية ، ودار جدل كبير حول أهمية التكنولوجيا وأنواعها ، وجدوى الاستعانة بها ، وأفضل الأساليب للاستفادة منها فى تطوير التعليم ومعالجة مشكلاته ورفع أداء المعلم والطالب ، في محاولة لبلوغ ما نصبو إليه ومواجهة تحديات العصر ، لأن التعليم ركيزة بناء الأمة والارتقاء بالشعوب وتحقيق الرفاهية للفرد والمجتمع . ونحن نعيش اليوم عصر التكنولوجيا والمعلومات ، وهما المحرك لآليات التطور في كل جانب من جوانب الحياة . ومن هنا بدأت تكنولوجيا التعليم تعمل على تطبيق المعرفة المنظمة في حل مشكلات تتعلق بالمواقف التدريسية التي تواجهنا . فتكنولوجيا التعليم تشمل مجالات فرعية لكل منها وظائف معينة وأساليب خاصة لتحقيقها ، ومنها :
* تطوير التعليم : وهى العملية التي نتبع بموجبها نظاما خاصا ، نقوم فيه بتحليل الحاجات وتقدير أهميتها وتصل إلى المحتوى الدراسي الذي ينبغي إتقانه لمواجهة هذه الحاجات وتحديد الأهداف الأدائية ، وتصميم أو اختيار المواد التعليمية للوصول إلى تحقيق هذه الأهداف ، ثم تجريب البرنامج المقترح وتعديله في ضوء المعلومات عند نتائج تقويم أداء المتعلم وتحصيله . وتعد عملية إعداد المناهج عملا جماعيا ، لذا يتطلب إعداد المادة التعليمية الناتجة عن تضافر جهود فريق من المتخصصين يضم المدرس والإداري والمبرمج الفني لضمان جودة المادة التعليمية وتفادى هدر الإمكانات في الجهد والمال والوقت . ويتطلب تصميم المادة التعليمية تحضير معلوماتها العلمية وصياغتها وتجهيزها وتقسيمها إلى وحدات سهلة الاستيعاب ثم التوصيف المقنن المفصل لجزئياتها وبيان ما يتخلل ذلك العرض من الشرح اللفظي والصور والأشكال البيانية والأسئلة الإختبارية . ويشترك في تصميم المادة أيضا مبرمجو الحاسوب ومختص اللغة ومراقبو الجودة ، حيث ينبغي أن نعد المادة التعليمية بواسطة الحاسوب إعدادا يلبى مواصفات الإنتاج الجيد علميا وفنيا ، وأن تستكمل في إعدادها إجراءات الإنتاج المتقن تخطيطا ومراجعة وتصحيحا وإخراجا وإنتاجا .
* الإدارة التعليمية : وهى البعد الثاني لتكنولوجيا التعليم ، ويقصد به إدارة وظائف وخدمات برامج التكنولوجيا وتطوير التعليم ، ويقصد بالإدارة هنا تطبيق الأسس العلمية ونتائج الأبحاث التي توفرت في مجالات الإدارة والاقتصاد والعلوم الإنسانية والإلكترونيات في تحقيق وظائف هذا المجال وفق أنظمة ونماذج خاصة فالتعليم بصفة عامة هو مركز تقدم أمم وتخلف أمم أخرى ، ولا شك أن الدول المتقدمة تولى التعليم عناية قصوى ليس لتربية العقول السليمة فحسب ، بل وللتأكد من مواكبتها ركب التطور المطرد الذي هو سمة من سمات هذا العصر ، والهدف من التعليم هو تنمية العناصر البشرية ، ويمكن تقسيمها إلى أربعة أنواع رئيسية من الكوادر هي : الفنيون ، الجامعيون ، الباحثون ، المخططون وصانعي القرار ، ويمكن تطوير هذه الكوادر الأربعة على أساس تخطيط واضح ، تؤخذ فيه الأولويات الإستراتيجية للدولة ، ويتحدد تبعا لذلك الكم المطلوب من العناصر البشرية في كل كادر ، سواء أكان في التعليم الفني أم التعليم الجامعي ، أم التعليم البحثي ، والذي هو امتداد للتعليم الجامعي ، وإعداد المخططين والقادة وهم الذين أنهوا مرحلة التعليم الجامعي والتعليم البحثي ، وبذلك يأتي المتعلم بمعلومات راسخة وقدرة على التطبيق والابتكار في مجال تخصصه . وقد كان لاختراع متعدد الوسائط أهمية كبيرة في حقل التربية والتعليم ، حيث تساهم هذه الوسائط والتقنيات في توسيع أنظمة التربية المستعملة ، وتخلق إمكانات ووسائل تعليم جديدة ، وتساعد على زيادة قدرة الاستيعاب لدى مختلف الأجيال والمراحل التربوية ، وتخلق وسائل إيضاح جديدة في نقل المحاضرات وإلقائها وسماعها وإقامة الندوات وغير ذلك . كما تساعد هذه التقنيات في إيجاد مواد تعليمية جديدة ، يشكل الحاسوب العمود الفقري لها . وتكون المواد التطبيقية سهلة الوضوح والاستيعاب ، ومساعدة للمواد النظرية في شرح الموضوعات المختلفة . وفى الوقت نفسه ستكون وسائل الإيضاح والتقنيات الجديدة في خدمة المعوقين جسديا وفكريا وعصبيا ، وستساهم بشكل علمي وفعال في انخراط هذه الفئات في المجتمع عن طريق نقل المعلومات إليها بطريقة سهلة ، وبمساعدتها على تخطى عقدها النفسية عبر وضع إمكانات الحواسيب في خدمتها . أما على الصعيد العلمي وخصوصا البحث العلمي ، فسيكون في استطاعة العلماء وأساتذة الجامعات من الدول المتطورة ، وحتى الباحثين من الدول النامية ، الاستفادة من بنوك المعطيات والمعلومات المحمية طوال قرون من الزمن في الدول المتطورة والاطلاع على الأبحاث الحديثة المتقدمة التي ينتجها العلماء في الدول المتطورة ، وهذا يشكل في حد ذاته خطوة كبيرة إلى الأمام ، تساعد على رفع المستوى العلمي والتكنولوجي للدول النامية . ويعلم الجميع مدى أهمية الاطلاع على البحوث الموجودة والتطورات العلمية والنشرات والموضوعات المكتشفة لتطوير العلوم وتحديثها ، وقد كان العلماء والباحثون في الدول النامية مضطرين للسفر إلى الدول المتطورة والغوص في مكتباتها للحصول على المعلومات العلمية المطلوبة لأبحاثهم ، مع ما يترتب على ذلك من عناء وضياع للوقت وهدر للأموال . أما الآن ، فقد استطاع العلماء بوساطة المسالك السريعة للمعلومات الإطلاع على كل جديد في أي حقل من الحقول بسرعة فائقة دون أية تكلفة ، بل يكفى أن تسمح الدول الغنية والمسؤولون فيها بتدفق المعلومات على هذه المسالك ، وباتجاه الدول غير المتطورة ، دون أي حظر على دولة دون غيرها ، أو على معلومة معينة . والواقع فإن وجود مراكز للمعلومات باتت مسألة ملحة ، لهذا كان لا بد أن تبدأ الأقطار العربية ببناء مراكز أبحاث متميزة كما هو متبع في دول كثيرة ، بحيث تستقطب هذه المراكز الدارسين من الوطن العربي ويجب أن يكون التخطيط لمثل هذه المراكز على النظام القومي ، وليس على النظام الإقليمي ، فوجود مثل هذه المراكز يمنع إهدار الاستثمارات ببناء مراكز متشابهة في كل قطر عربي . كذلك فإن وجود مثل هذه المراكز التي يمكن أن يلتقي فيها الباحثون العرب ، يعد بوتقة تنصهر فيها العقول العربية من أجل العمل للصالح العام ، وبعيدا عن النزعات الإقليمية ، بحيث يتحقق الوصول بالأمة العربية إلى المستوى المطلوب ، وحتى لا تزداد الهوة بيننا وبين الدول المتقدمة الأخرى أكثر مما ينبغي . والواقع أن الثورة المعلوماتية والتكنولوجية تؤثر على التعليم من ثلاث زوايا :
* مدرسة المستقبل : إننا بحاجة لمدرسة جديدة ، مدرسة المستقبل ، مدرسة بلا أسوار ، ليس بالمعنى المادي لأسوار ولكنها مدرسة متصلة عضويا بالمجتمع ، وبما حولها من مؤسسات مرتبطة بحياة الناس متصلة بقواعد الإنتاج ، ومتصلة بنبض الرأي العام ، وبمؤسسات الثقافة والإعلام ، ومتصلة بمؤسسات الحكم المحلى ، وتضرب بأنشطتها في أعماق المجتمع وتمتد لكل من يستطيع أن يدلى بدلوه أو يمد يده بالمساعدة في إعادة صياغة عقل الأمة ، وهى مدرسة لها امتداد أفقي إلى المصالح والمعامل ومراكز الأبحاث وخطوط الإنتاج وهى مؤسسة لها امتداد رأسي تمتد قرون استشعارها إلى التجارب الإنسانية والتربوية في كل دول العالم ، وتمتد ببصيرتها إلى كل جزء في العالم .
* مدرس الألفية الثالثة: نحن نحتاج إلى معلم الألفية الثالثة ، يتغير دوره تغيرا جذريا من خريج مؤسسة كانت تهدف دائما إلى تخريج موظفين وعاملين يعملون في إطار نظم جامدة طولية يلتزمون فيها بقواعد جامدة ، إلى مدرسين يقومون بوظيفة رجال أعمال ومديري مشاريع ومحللين للمشاكل ووسطاء استراتيجيين بين المدرسة والمجتمع ، ومحفزين لأبنائهم ويكتشفون فيهم مواطن النبوغ والعبقرية والموهبة ويقومون بدور الوسيط النشط في العملية التعليمية ، فنحن نريد معلم له من خبراته التربوية وثقافته المتنوعة ومن قاعدته المعرفية العريضة ومن إمكاناته الفكرية المرتفعة والتصور القائم على الإحساس بالمتغيرات ، قادر على مشاركة أبنائه في استكمال استعدادهم للتعامل مع مستقبل مختلف كليه عن حاضر أو ماضي عايشناه ، كل ذلك يقتضى إعداد المعلم تدريبا مختلفا ، وإعداد غير مسبوق وانفتاحا على كل التجارب العالمية ، وتنوعا في الخبرات والقدرات التي يتسلحون بها سواء في إعدادهم في الكليات أو معاهد المعلمين ....
* مناهج غير تقليدية : لمسايرة تطور الألفية الثالثة ولتحقيق التنمية في القوى البشرية نحتاج إلى مناهج جديدة تتسم بالمعرفة الكلية بدلا من الاختزال والتي تتسم باحتوائها على المعلومات والبحث عنها وتنظيمها وتوظيفها ، وكذلك مناهج مرتبطة بحاجات المجتمع الحقيقية ، ويجب أن تنهض المناهج بمسئولية تمكين أبنائنا من التعامل الذكي والكفء مع المتطلبات الحقيقية والمتطورة للمجتمع ، ولا بد أن تكون المناهج عملية و الممارسة فيها الأصل والتجريب هو الأساس والمشاركة في البحث عن المعلومة وتنظيمها وتوظيفها هي الجوهر الحقيقي للعملية التعليمية ، ولا بد أن تكون المناهج في إطار عالمي بمعايير عالمية ، ولا بد أن تكون في إطار مستقبلي ، ولا بد أن تراعى حق الجيل الجديد في الاختيار ، وكذلك لا بد من المرونة في أساليب التعليم ، وتنوع في طبيعة المناهج وطرق التدريس ومرونة في الجدول الدراسي ، ولا بد أن يتغير هدف التعليم من تعليم للجميع إلى التعليم المتميز والتميز للجميع . إن علاقة التعليم والتكنولوجيا هي علاقة تكاملية ، ومجموعة من العمليات المتكاملة التي يتوقف نجاحها على مدى اتساقها وتناغمها معا فحين يتعلم التلاميذ وفق أساليب تكنولوجية حديثة ويلمون بطريقة التفكير المنهجي القائم على البدائل والاحتمالات وإطلاق الأفكار اللانهائية ، فسوف تتشكل الأجيال القادرة ليس فقط على التعامل مع الجديد في عالم تكنولوجيا المعلومات والاتصالات ، ولكن أيضا إبداع التقنيات المناسبة لحاجة المجتمع العربي . إن مشكلة مواجهة الأمية التكنولوجية تتمثل في اكتساب مهارات التقنيات الحديثة وهذا لا يكون إلا باستخدام العمل التطبيقي ، والاحتكاك المباشر ، وليس فقط عن طريق الصور وحفظ واكتساب المعلومات النظرية .