عندما تصبح الدول أعضاءً في الأمم المتحدة، فإنها توافق على القبول بالالتزامات المنصوص عليها في ميثاق الأمم المتحدة. وللأمم المتحدة، وفقاً للميثاق، أربعة مقاصد هي: صون السلم والأمن الدوليين؛ وتنمية العلاقات الودية بين الأمم؛ وتحقيق التعاون على حل المشاكل الدولية وعلى تعزيز احترام حقوق الإنسان؛ وجعل هذه الهيئة مركزاً لتنسيق أعمال الأمم.
للأمم المتحدة وبنص المادة السابعة من الميثاق ستة أجهزة رئيسية، تقع مقار خمسة منها في المقر الرئيسي للأمم المتحدة بنيويورك، وهي الجمعية العامة ومجلس الأمن والمجلس الاقتصادي والاجتماعي ومجلس الوصاية والأمانة العامة. أما مقر الجهاز السادس، وهو محكمة العدل الدولية، فيقع في لاهاي بهولندا.
وبالإضافة إلى ذلك، هناك 14 وكالة متخصصة تعمل في مجالات متنوعة تشمل الصحة والعمل والتمويل والزراعة والطيران المدني والاتصالات السلكية واللاسلكية، وتترابط معاً من خلال المجلس الاقتصادي والاجتماعي. والأمم المتحدة هي ووكالاتها المتخصصة تؤلف معاً منظومة الأمم المتحدة.
حقوق الإنسان في الجمعية العامة:
جميع الدول الأعضاء في الأمم المتحدة، ممثلة في الجمعية العامة، التي توصف أحياناً بأنها أقرب ما تكون إلى برلمان عالمي، هي الهيئة التداولية الرئيسية. فجميع الدول الأعضاء البالغ عددها 192 دولة ممثلة فيها، ولكل منها صوت واحد. وتُتخذ القرارات بصدد المسائل العادية بالأغلبية البسيطة. أما المسائل الهامة كالتوصيات المتعلقة بصون السلم والأمن الدوليين أو قبول أعضاء جدد أو التوصيات المتعلقة بميزانية الأمم المتحدة، بأغلبية الثلثين فتتطلب أغلبية الثلثين. وقد بذل جهد خاص في السنوات الأخيرة للتوصل إلى القرارات عن طريق توافق الآراء عوضاً عن التصويت الرسمي.
ويحق للجمعية العامة أن تناقش وأن تضع توصيات بصدد جميع المسائل التي تقع ضمن نطاق ميثاق الأمم المتحدة - الذي هو الوثيقة التأسيسية للمنظمة. ولا تملك الجمعية سلطة إجبار أية حكومة على اتخاذ أي إجراء، ولكن توصياتها تتمتع بما للرأي العام العالمي من وزن. وتضع الجمعية أيضاً السياسات وتقرر البرامج للأمانة العامة للأمم المتحدة، وتوجِّه الأنشطة المتعلقة بالتنمية، وتعتمد ميزانية الأمم المتحدة، بما فيها عمليات حفظ السلام. وتتلقى الجمعية، بحكم موقعها المركزي بالأمم المتحدة، تقارير من الأجهزة الأخرى، وتقرر قبول الأعضاء الجدد، وتعيـِّن الأمين العام.
وفيما يخص حقوق الإنسان فلا يقف دور الجمعية العامة عند التصديق على المعاهدات والاتفاقيات الدولية، بل تناقش في كل دورة من دوراتها، وخاصة في لجنتها المسئولة عن الشؤون الاجتماعية والإنسانية والثقافية أوضاع حقوق الإنسان في مختلف دول العالم كما تعتمد بشأنها قرارات.
حقوق الإنسان في مجلس الأمن:
مجلس الأمن هو الأداة التنفيذية للأمم المتحدة وأهم جهاز فيها والمسئول الأول عن حفظ السلم والسهر على الأمن الدولي، وقمع العدوان، وإنزال العقوبات بالأعضاء المخالفين والدول الأعضاء ملزمة بتنفيذ قراراته. المادة 23 من ميثاق الأمم المتحدة، أشارت إلي أن مجلس الأمن يتألف من خمسة عشر عضوا من الأمم المتحدة، وتكون جمهورية الصين، وفرنسا، واتحاد الجمهوريات الاشتراكية السوفيتية، والمملكة المتحدة لبريطانيا العظمى وأيرلندا الشمالية، والولايات المتحدة الأمريكية أعضاء دائمين فيه. وتنتخب الجمعية العامة عشرة أعضاء آخرين من الأمم المتحدة ليكونوا أعضاء غير دائمين في المجلس لمدة سنتين : ثلاثة أعضاء للدول الأفريقية ( الكونغو 2007م ، غانا 2007م، تنزانيا 2006م) ، مقعدان للدول الآسيوية: ( اليابان 2006م ، قطر 2007م) ، ومقعدان لأمريكا اللاتينية: الأرجنتين 2006م) ، بيرو 2007م) ، مقعدان لأوروبا الغربية ( الدنمارك 2006م) ، اليونان 2006م)، ومقعد لأوروبا الشرقية: سلوفاكيا 2007م) . ويراعى في ذلك بوجه خاص وقبل كل شيء مساهمة أعضاء الأمم المتحدة في حفظ السلم والأمن الدولي وفي مقاصد الهيئة الأخرى، كما يراعى أيضا التوزيع الجغرافي العادل.
اضطلع مجلس الأمن في السنوات الأخيرة بدور متزايد في مجال حقوق الإنسان، من خلال القرارات المتعلقة بعمليات حفظ السلام وبناء السلام من خلال نشر خبراء في مجال حقوق الإنسان في الميدان لرصد حالة حقوق الإنسان ما بعد النزاع ومساعدة البلدان المعنية في تعزيز سيادة القانون وبناء سلطة قضائية مستقلة ودعم إنفاذ القوانين وتنظيم إدارة السجون وإنشاء لجان وطنية لحقوق الإنسان وغير ذلك من المؤسسات اللازمة لحماية حقوق الإنسان (مثال: القرارات الصادرة بخصوص الأوضاع في دارفور).
وبالإضافة إلي ذلك، قام المجلس في عدد من الحالات بالنظر في انتهاكات جسيمة ومنهجية لحقوق الإنسان بوصفها تهديدا للسلام وتصرف بالتالي بموجب الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة بأن فرض عقوبات اقتصادية أو غيرها من العقوبات وأذن باستعمال القوة العسكرية وإنشاء محاكم جنائية دولية متخصصة (مثال: يوغسلافيا السابقة، رواندا، الحريري).
حقوق الإنسان والوكالات المتخصصة:
بموجب نص المادة 63 من ميثاق الأمم المتحدة، ترتبط الأمم المتحدة مع عدد من الوكالات المتخصصة المستقلة بموجب اتفاقيات مبرمة مع المجلس الاقتصادي والاجتماعي التابع للأمم المتحدة والتي يؤدي كثيرا منها أنشطة متعلقة ببعض حقوق الإنسان منها على سبيل المثال لا الحصر:
منظمة العمل الدولية ( ILO ):
قامت بوضع أكثر من 185 اتفاقية بخصوص حماية الحقوق الاقتصادية، من بينها، الحق في العمل، المعاملة المتساوية والعادلة، ظروف العمل الصحية، حقوق النقابات، الحق في الإضراب، حظر السخرة، أسواء أشكال معاملة الأطفال
منظمة الأمم المتحدة للتربية والثقافة والعلوم (اليونسكو):
الوكالة الرئيسية في مجال الحقوق الثقافية، وخاصة الحق في التعليم، وقد وضعت عدد من الصكوك والإجراءات لحماية الحق في التعليم، وتعزيز ثقافة عالمية بشأن حقوق الإنسان والسلام، وبدور رئيسي في تنفيذ عقد الأمم المتحدة للتثقيف في مجال حقوق الإنسان (1995م ـ 2004م)
منظمة الصحة العالمية ( WHO ):
الوكالة الرئيسية لتعزيز وحماية الحق في الصحة،
محطات هامة لحقوق الإنسان في إطار الأمم المتحدة:
1993م طالب مؤتمر فيينا العالمي لحقوق الإنسان الأمم المتحدة أن تتيح للحكومات المعنية بناءا على طلبها بعض برامج المساعدة. وينبغي أن تتناول هذه البرامج إصلاح التشريع الوطني وإنشاء أو تعزيز المؤسسات الوطنية والهياكل المتصلة لدعم حقوق الإنسان وسيادة القانون والديمقراطية وتقديم المساعدة في الانتخابات وتعزيز الوعي بحقوق الإنسان من خلال التدريب والتثقيف والتعليم، والمشاركة الشعبية وإشراك منظمات المجتمع المدني.
1997م طالب برنامج الإصلاح الذي أطلقه السيد كوفي عنان الأمين العام السابق للأمم المتحدة بإدماج حقوق الإنسان في منظومة الأمم المتحدة وصياغة أدوات عملية لتنفيذ مخطط مؤتمر فيينا العالمي.
2001م أصدر الأمين العام السابق للأمم المتحدة تقريرا بعنوان: " تعزيز الأمم المتحدة: برنامج لإجراء المزيد من التغيرات" أكد من خلاله أن تعزيز وحماية حقوق الإنسان يشكلان مطلبا أساسيا لتحقيق رؤية الميثاق في عالم عادل وخال من الاضطراب، وكان الهدف الرئيسي من وراء التقرير بناء قدرات الأمم المتحدة في العمليات الإنسانية والإنمائية لتمكينها من دعم جهود الدول الأعضاء في إنشاء وتعزيز أنظمة وطنية لتعزيز وحماية حقوق الإنسان تتمشي مع المعايير والمبادئ الدولية لحقوق الإنسان.