وروبا بعد الحرب
جلبت الحرب العالمية الثانية النهاية الحقيقية لأوروبا الغربية كمركز قوة عالمية، إذ أنها أضعفت الدول الأوروبية الرئيسية وسلبتها هيمنتها تقريبًا على جميع مستعمراتها في أفريقيا وآسيا في خلال فترة خمسة عشر عامًا. وبنهاية الحرب ظهر الاتحاد السوفييتي والولايات المتحدة الأمريكية كقوتين عظميين في العالم، حيث قامت الحكومات الشيوعية الواقعة تحت سيطرة الاتحاد السوفييتي بالاستيلاء على العديد من دول أوروبا الشرقية. بينما أصبحت دول أوروبا الغربية تعتمد اقتصاديًا وعسكريًا على الولايات المتحدة، كما تم تقسيم ألمانيا إلى ألمانيا الشرقية تحت حكومة شيوعية، وألمانيا الغربية تحت حكومة غير شيوعية.
عمت الفوضى أوروبا في أعقاب الحرب، إذ أصبح الملايين من الأوروبيين لاجئين بدون مأوى، يهيمون في ميادين المعارك، وسط الدمار الذي خلفته الحرب، فتفشت الأمراض، وظهرت المجاعات التي انتشرت بسرعة مذهلة في جميع أنحاء القارة الأوروبية. وفي عام 1948م أنشأت الولايات المتحدة الأمريكية البرنامج الأوروبي الإسعافي الذي عرف بمشروع مارشال لمساعدة أوروبا الغربية على إعادة بناء اقتصادياتها. ثم تلا ذلك برامج المساعدات الأمريكية العديدة حتى أصبح إنتاج دول أوروبا الغربية في مطلع الخمسينيات من القرن العشرين الميلادي يفوق إنتاجها في فترة ماقبل الحرب، بينما كانت دول أوروبا الشرقية تستعيد عافيتها ببطء شديد بمساعدة الاتحاد السوفييتي سابقًا.