المشهد الحزبي والتغيير من أجل اللا تغيير
تعيش الساحة الحزبية المغربية في مناخ من التيه السياسي في ظل استمرارية العزوف الإنتخابي وانعدام الثقة بين الناخب والمنتخب من جهة، ومن جهة أخرى في ظل تدخل الجهات التي يفترض فيها أن تكون محايدة في المشهد السياسي لصالح هذا الطرف أو ذاك –حسب العديد من قياديي الأحزاب السياسية- ومن جهة ثالثة في ظل إعادة إنتاج "الحزب الأغلبي" الذي يسير في اتجاه التأسيس لمبدأ "الحزب الواحد" ، وبالتالي إنتاج نفس ثوابت الحكم في ظل استمرارية سلطوية مع تغييرات شكلية تلائم الظرفية الزمنية والسياسية الحالية، وهنا يكمن الفرق الجوهري بين حزب "الأصالة والمعاصرة" وكل الأحزاب الإدارية التي سبقته، بل والفرق الجوهري بين "الهمة" وكل رجال الدولة الأقوياء الذين سبقوه ( ابا احماد، أوفقير ، الدليمي، البصري، العنيكري..) فكل هؤلاء الرجال ظلوا خلف أسوار الحكم ، والوحيد الذي خرج منهم إلى الشارع السياسي هو "الهمة" و"هذا لم يحدث قط في تاريخ المغرب، من يتحدث اليوم عن وزير الداخلية أو عن مدير المخابرات؟ الكل يتحدث عن فؤاد، وهذه حكمة لمن أفتى ولمن نفذ." (4)
وهنا يمكن الوصول إلى بيت القصيد من وجهة نظر كاتب هذه السطور، وهو أن الحسن الثاني ليس هو محمد السادس، فلا ظروف الملكين ولا أسلوبهما ولا طريقة تفكيرهما ولا السياق السياسي الذي مرا به يتشابه.
الحسن الثاني كان يواجه معارضة شرسة تريد الحكم أو على الأقل اقتسامه، فكان لا بد له من رجل من رجل خلف الأسوار، أما محمد السادس فإنه يواجه مجرد مطلب تطبيق المنهجية الديموقراطية في اختيار الوزير الأول، ‘إذن لا بد من رجل خارج الأسوار يضمن هاته ويدفع المعارضة الجديدة الملتحية إلى الزاوية، وبالتالي فالأمور تسير على ما يرام –في المشهد الحزبي على الأقل- و الحزب الأغلبي يمشي بثبات كالجرار تماما.