أخلاق الشباب وأخلاق الآباء
قال الإمام أمير المؤمنين ( عليه السلام ) : ( لا تُخلِّقوا أولادكم بأخلاقكم فإنهم خلقوا لزمان غير زمانكم ) .
هنا يوصي أمير المؤمنين ( عليه السلام ) الآباء أن يربوا أبناءهم على غير الطريقة التي تربوا فيها ، لأنهم ولدوا في زمان غير زمانهم .
وفي السطور القادمة سنتعرض إلى الأسرار التربوية والتوجيهية التي تضمنها كلام الإمام ( عليه السلام ) .
نقول :
إن هناك فرق بين الأخلاق الثابتة ( المبادئ ) ، والأخلاق المتحركة ( ليست مبادئ ) ، فالثابتة هي : القيم الأصيلة التي تعتمد عليها الحياة ، ولا بد منها في كل زمان ومكان ، مثل : الصدق ، الأمانة ، العفة ، وما شابهها .
أما الأخلاق المتحركة فهي : ليست مبادئ ثابتة لأنها تمثل نهج العلاقات الاجتماعية وطريقة ممارسة الحياة وتطورها ، فأسلوب الاحترام أو التعبير أو إدارة العلاقات السياسية أو الاجتماعية يختلف من عصر إلى آخر .
وعلى سبيل المثال : نأخذ ( اللباس ) ، فليس مطلوب منا في الوقت الحاضر أن نلبس ما كان يلبسه النبي ( صلى الله عليه وآله ) أو الأئمة ( عليهم السلام ) أو أصحابهم ، وإنما لكل زمان لباسه .
فقال الإمام الصادق ( عليه السلام ) في هذا المجال : ( خير لباس الزمان لباس أهله ) ، أي أن يلبس الإنسان مثلما يلبس الناس .
الخلاصة :
إن الإمام علي ( عليه السلام ) يريد أن يقول للآباء أنه عليكم بدراسة الأخلاق المتحركة ، لترصدوا المستقبل ، حتى لا يكونوا غرباء عن زمانهم ومتطلبات عصرهم .
كما أنه ( عليه السلام ) لا يقصد بذلك الوسائل التي يستحدثها الإنسان ، والتي تقع خارج حدود الله سبحانه وتعالى ، لأن هناك مثلاً من أنواع اللباس لا ينسجم مع العفة .
ولذلك فهذا النوع المتحرك يصطدم مع الثابت ، فلا يمكن أن نوافق على طريقة النساء في الملابس الشائعة في هذه الأيام التي تخالف العفة لما فيها من التبرج وغيره ، بحجة أن ذلك يفرضه المجتمع وتفرضه طبيعة الحياة المتغيرة .