تتسبب ظاهرة الاحتباس الحراري بأضرار فادحة للإنسان وبمخاطر بيئة شتى، وقد برزت ظاهرة الاحتباس الحراري كخطر حقيقي مع الثورة الصناعية التي شهدتها البشرية وتراكم ملايين الأطنان من الغازات السامة في الغلاف الجوي للكرة الأرضية.
المقال التالي للكاتب والإعلامي فاروق أبو طعيمة يستعرض فيه تعريفا لظاهرة الاحتباس الحراري ومواطن ذكر هذه الظاهرة في القرآن الكريم ، وأسباب ظاهرة الاحتباس الحراري، وأهم الغازات المسببة لظاهرة الاحتباس الحراري، ونتائج الاحتباس الحراري على الطبيعة والإنسان، واقتراحات للحد من ظاهرة الاحتباس الحراري، والخيار النووي للحد من تراكم غازات الدفيئة في الغلاف الجوي للأرض، ومصادر الطاقة البديلة.
مفهوم الاحتباس الحراري
يمكن تعريف ظاهرة الاحتباس الحراري Global Warming على أنها الزيادة التدريجية في درجة حرارة أدنى طبقات الغلاف الجوي المحيط بالأرض؛ كنتيجة لزيادة انبعاثات غازات الصوبة الخضراء greenhouse gases ، فمنذ بداية الثورة الصناعية، وغازات الصوبة الخضراء والتي يتكون معظمها من بخار الماء، وثاني أكسيد الكربون، والميثان، وأكسيد النيتروز والأوزون هي غازات طبيعية تلعب دورًا مهمًا في تدفئة سطح الأرض حتى يمكن الحياة عليه، فبدونها قد تصل درجة حرارة سطح الأرض ما بين 19 درجة و15 درجة سليسوس تحت الصفر، حيث تقوم تلك الغازات بامتصاص جزء من الأشعة تحت الحمراء التي تنبعث من سطح الأرض كانعكاس للأشعة الساقطة على سطح الأرض من الشمس، وتحتفظ بها في الغلاف الجوي للأرض؛ لتحافظ على درجة حرارة الأرض في معدلها الطبيعي.
الاحتباس الحراري في القرآن الكريم
ذكر فضيلة الدكتور زغلول النجار أن الله تعالى خلق كل شيء بحكمة وتقدير بالغين وأن تدخل الإنسان بالإفساد في بيئته مشيرا إلى قول الله تبارك وتعالى ? ظَهَرَ الفَسَادُ فِي البَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُم بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ ?, كما أشار إلى أن الفساد في الأرض يعتبر حرام للنهى الصريح الذي ورد في القرآن الكريم بقول الله تعالى ?وَلاَ تُطِيعُوا أَمْرَ المُسْرِفِينَ . الَّذِينَ يُفْسِدُونَ فِي الأَرْضِ وَلاَ يُصْلِحُونَ ? (الشعراء:151،152) .
ويبين فضيلة الدكتور أن للفساد أنواع وهى الإفساد المعنوي في الأرض والتي تشمل فساد الاعتقاد، فساد العبادات، وفساد كل من الأخلاق والمعاملات. ثانيا: الإفساد المادي في الأرض ويشمل الإفساد في الأرض بالتلوث الكيميائي للبيئة، الإفساد في الأرض بالملوثات على اختلاف انواعها، والإفساد في الأرض بالتلوث الإشعاعي
و اتفق العلماء على أن الفساد في البيئة وكلمة الفساد تشمل التلوث والتغيرات المناخية وكل شيء جاوز الحدّ، ومن معاني الفساد (الجدْب) أي التصحر، وهو ما يحدث اليوم على الأرض حيث يؤكد العلماء أن المساحة الخضراء تتقلص بفعل البشر وسوف تزداد الأراضي الجافة والمتصحرة في الأعوام القادمة بسبب زيادة التلوث. ويؤكدون أيضاً أن الفساد البيئي يشمل البرّ والبحر، تماماً كما جاء في الآية الكريمة. (بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ) يؤكد العلماء أن التلوث والفساد البيئي في البر والبحر إنما نتج عن الإنسان، فالناس هم المسئولون عن هذا التغير البيئي الخطير، تماماً كما حدثنا القرآن قبل ألف وأربع مئة سنة. (لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ) وتتضمن هذه الآية تحذيراً للناس في أن يرجعوا إلى الإصلاح في الأرض وتدارك هذا الفساد البيئي الذي نتج بسبب تجاوزهم الحدود التي خلق الله الأرض عليها وأن يعيدوا للغلاف الجوي توازنه ويقللوا من كمية الملوثات التي يطلقونها كل يوم والتي تقدر بملايين الأطنان!! هذا التحذير هو نفسه الذي أطلقته منظمة الأمم المتحدة قبل أيام!!
إذن الآية الكريمة تحدثت ظهور الفساد الذي يشمل البر والبحر، وقد عبّر القرآن عن ذلك بكلمة (ظَهَرَ) بالماضي لأن القرآن لا ينطق إلا بالحق فالمستقبل بالنسبة لله تعالى هو حقيقة واقعة لا مفر منها وكأنها وقعت في الماضي وانتهى الأمر، ولذلك جاء التعبير عن هذه الحقيقة العلمية بالفعل الماضي. كذلك تحدثت الآية الكريمة عن المسؤول عن هذا الفساد البيئي وحددّت الفاعل وهو الإنسان، وتحدثت عن إمكانية الرجوع إلى العقل والمنطق وإلى العمل على إعادة التوازن للأرض.
أسباب ارتفاع حرارة الأرض
آراء العلماء حول هذا الموضوع
وجد أن الإشعاعات الكونية والغيوم تؤثر علي تغيرات المناخ بالعالم ولاسيما وأن فريقا من علماء المناخ الألمان بمعهد ماكس بلانك بهايدلبرج في دراستهم للمناخ التي نشرت مؤخرا بمجلة (جيوفيزيكال ريسيرتش ليترز) التي يصدرها الاتحاد الجيوفيزيائي الأمريكي. وقد جاء بها أنهم عثروا على أدلة علي العلاقة ما بين هذه الأشعة والتغيرات المناخية فوق الأرض. فلقد اكتشفوا كتلا من الشحنات الجزيئية في الطبقات السفلى من الغلاف الجوي تولدت عن الإشعاع الفضائي. وهذه الكتل تؤدي إلي ظهور الأشكال النووية المكثفة التي تتحول إلى غيوم كثيفة تقوم بدور أساسي في العمليات المناخية حيث يقوم بعضها بتسخين العالم والبعض الآخر يساهم في إضفاء البرودة عليه. ورغم هذا لم يتم التعرف إلى الآن وبشكل كامل على عمل هذه الغيوم. إلا أن كميات الإشعاعات الكونية القادمة نحو الأرض تخضع بشكل كبير لتأثير الشمس. والبعض يقول أن النجوم لها تأثير غير مباشر على المناخ العام فوق الأرض. ويرى بعض العلماء أن جزءا هاما من الزيادة التي شهدتها درجات حرارة الأرض في القرن العشرين، ربما يكون مرده إلى تغيرات حدثت في أنشطة الشمس، وليس فقط فيما يسمى بالاحتباس الحراري الناجم عن الإفراط في استخدام المحروقات.
وقد قام الفريق الألماني بتركيب عدسة أيونية ضخمة في إحدى الطائرات. فوجدوا القياسات التي أجروها قد رصدت لأول مرة في الطبقات العليا من الغلاف الجوي أيونات موجبة ضخمة بأعداد كثيفة. ومن خلال مراقبتهم وجدوا أدلة قوية بأن الغيوم تلعب دورا هاما في التغير المناخي حسب تأثيرها على الطبيعة الأيونية وتشكيل ونمو هذه الجزيئات الفضائية في الطبقات العليا من الغلاف الجوي. مما يؤيد النظرة القائلة بأن الأشعة الكونية يمكن أن تساهم في التغيرات المناخية وتؤثر على قدرة الغيوم على حجب الضوء.
وفي مركز (تيندال للأبحاث حول التغيرات المناخية) التابع لجامعة إيست أنجليا في بريطانيا أكتشف مؤخرا أهمية الغيوم في المنظومة المناخية وأن للغيوم تأثيرا قويا في اختراق الأشعة للغلاف الجوي للأرض. لأن الغيوم تمنع بعض إشعاعات الموجات القصيرة الوافدة نحو الأرض، كما تمتص إشعاعات أرضية من نوع الموجات الطويلة الصادرة عن الأرض مما يسفر عن حجب هذه الأشعة القصيرة وامتصاص الأشعة الطويلة. وقد يكون تأثير السحب كبيرا لكن لم يظهر حتى الآن دليل يؤيد صحة ذلك. لأن السحب المنخفضة تميل إلى البرودة، بينما السحب العليا تميل وتتجه نحو الحرارة. لهذا السحب العليا تقوم بحجب نور الشمس بشكل أقل مما تفعله السحب المنخفضة كما هو معروف.
لكن الغيوم تعتبر ظواهر قادرة على امتصاص الأشعة تحت الحمراء. لأن الغيوم العالية تكون طبقاتها الفوقية أكثر برودة من نظيرتها في الغيوم المنخفضة وبالتالي فإنها تعكس قدرا أقل من الأشعة تحت الحمراء للفضاء الخارجي. لكن ما يزيد الأمر تعقيدا هو إمكانية تغير خصائص السحب مع تغير المناخ، كما أن الدخان الذي يتسبب فيه البشر يمكن أن يخلط الأمور في ما يتعلق بتأثير ظاهرة الاحتباس الحراري على الغيوم.
ويتفق كثير من علماء الجيوفيزياء على أن حرارة سطح الأرض يبدو أنها بدأت في الارتفاع بينما تظل مستويات حرارة الطبقات السفلى من الغلاف الجوي على ما هي عليه. لكن هذا البحث الذي نشر حول تأثير الإشعاعات الكونية يفترض أن هذه الإشعاعات يمكنها أن تتسبب في تغييرات في الغطاء الخارجي للسحب. و هذا الغطاء قد يمكن تقديم شرحا للغز الحرارة